مليارات نهبت وضاع أثرها، وحرم الشعب الماليزي من الإفادة منها في برامج تنموية واقتصادية. أحد المتهمين هو رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق. فما حكاية صندوق "1إم دي بي" الذي بات يرتبط اسمه بفساد رزاق؟

كوالالمبور: يشتبه أن كبار المسؤولين في ماليزيا نهبوا المليارات من خزائن الدولة وأنفقوها حول العالم على يخت بقيمة 250 مليون دولار ولوحة لفان غوخ وتمويل فيلم هوليوودي، وذلك في إطار فضيحة الفساد المرتبطة بصندوق .

واتّهِم رئيس الوزراء آنذاك نجيب رزاق بالتورط في نهب الصندوق ليتسبب الجدل الذي أثارته القضية بإزاحة ائتلافه من السلطة في 2018.

ويواجه حاليا ثلاث قضايا في المحاكم على خلفية الفضيحة. وسيصدر الحكم في أولى محاكماته بتهم نهب نحو عشرة ملايين دولار الثلاثاء.

في ما يلي لمحة عن أبرز محطات القضية:

ما هو "1إم دي بي"؟

كان "ماليزيا للتنمية بيرهاد1" صندوقا استثماريا للدولة أطلقه نجيب في 2009 بعد وقت قصير من توليه رئاسة الوزراء.

وشملت محفظته الاستثمارية محطات للطاقة وغيرها من الأوصل المرتبطة بقطاع الطاقة في ماليزيا والشرق الأوسط فضلا عن عقارات في كوالالمبور.

وأشرف نجيب عن قرب على الصندوق.

ويقول مبلّغون عن قضايا فساد إن لو تايك جو، وهو مستثمر ماليزي كثير السفر ومقرّب من نجيب ولا يتولى منصبا رسميا، ساعد في تأسيس "1إم دي بي" واتّخذ قرارات مالية رئيسية.

وارتفع منسوب القلق في 2014 عندما غرق "إم دي بي1" في الديون لتكشف عمليات تدقيق عامة متزايدة عن أموال مفقودة.

وتسلّط الضوء في البداية على الفضيحة من خلال موقع "ساراواك ريبورت" الإخباري، واكتسب مزيدا من الزخم في 2015 عندما نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" وثائق تكشف أن نجيب حصل على دفعات بقيمة 681 مليون دولار على الأقل تم تحويلها إلى حساباته المصرفية الشخصية.

حياة بذخ

وأطلقت وزارة العدل الأميركية التحقيق الخاص بها بعد الاشتباه بأنه تم غسل الأموال العامة الماليزية عبر المنظومة المالية في الولايات المتحدة، ورفعت دعاوى تطالب بأصول بقيمة نحو 1,8 مليار دولار يشتبه أنه تم شراؤها باستخدام هذه الأموال.

وأفادت الوزارة أنه تمت سرقة أكثر من 4,5 مليار دولار من "1إم دي بي" بين العامين 2009 و2015 من قبل مسؤولين كبار في الصندوق ومقرّبين منهم.

واستخدم المنتج رضا عزيز ابن زوجة نجيب، عشرات ملايين الدولارات في 2012 لتمويل فيلم "ذي وولف أوف وول ستريت" الهوليوودي من بطولة ليوناردو دي كابريو.

كما استخدمت مئات ملايين الدولارات، خصوصا من قبل رضا ولو، لشراء عقارات فارهة في بيفرلي هيلز ونيويورك ولندن.

كما تم شراء لوحة لمونيه بقيمة 35 مليون دولار وأخرى لفان غوخ لقاء 5,5 مليون دولار وطائرة من طراز "بومباردييه" بقيمة 35 مليون دولار، إضافة إلى حصة قدرها مئة مليون دولار في "إي إم آي ميوزيك للنشر" فضلا عن يخت بلغ سعره 250 مليون دولار.

اضطرابات سياسية

وسعى نجيب جاهدا لاحتواء الفضيحة، فاستهدف معارضيه وسن قوانينا قمعية، لكن التهم أثّرت على شعبية ائتلافه الحاكم منذ مدة طويلة وساهمت في خسارته المفاجئة في انتخابات 2018.

وتولت حكومة جديدة برئاسة السياسي المخضرم مهاتير محمد (95 عاما) السلطة على خلفية الغضب الشعبي لتعيد فتح التحقيقات.

ووجّهت عشرات التهم لنجيب وبدأت أول محاكمة بشأن الفضيحة أخيرا في أبريل العام الماضي.

لكن في فبراير، انهار التحالف الإصلاحي بعد خلافات داخلية ليعود ائتلاف جديد يشمل حزب نجيب الذي تحيط به الفضائح إلى السلطة.

وأعرب البعض عن قلقهم من احتمال تأثير التغيير في السلطة على محاكمات نجيب.

وأسقطت التهم عن رضا بشكل مفاجئ في مايو بعدما وافق على إعادة الأصول لماليزيا.

وبعد شهر، أسقطت كذلك تهم الفساد وغسل الأموال التي كانت موجهة لموسى أمان، حليف نجيب.

المحاكمة

وتتركّز محاكمة نجيب المرتبطة بفضيحة "إم دي بي1" على التهم بأنه تم تحويل 42 مليون رينغيت ماليزي (9,9 مليون دولار) من وحدة "إس آر سي إنترناشونال" التي كانت تابعة للصندوق إلى حساباته المصرفية.

ويواجه أربع تهم بالفساد وثلاث بغسيل الأموال في إطار القضية وينفي أن يكون ارتكب أي مخالفات.

وأصر فريق الدفاع أنه لم يكن على علم بالتحويلات وأشار إلى أن لو كان المخطط الفعلي لعملية الاحتيال.

لكن المحاكمة التي يصدر القرار بشأنها الثلاثاء ليست الأهم التي يواجهها، إذ بدأت محاكمة أخرى في أغسطس العام الماضي بشأن التهم الموجهة إليه بالحصول بشكل غير مشروع على 2,28 مليار رينغيت (535 مليون دولار) من "1إم دي بي".