بكين: حقق الاقتصاد الصيني نموا في الربع الثالث من العام، وفق بيانات صدرت الاثنين، مستفيدا من التعافي القوي من تداعيات تدابير الإغلاق التي فرضت لمواجهة كوفيد-19 بينما زاد المستهلكون إنفاقهم الشهر الماضي مع ارتفاع منسوب ثقتهم.

لكن التحسّن كان أقل من التوقعات بينما حذر مسؤولون من الضبابية في وقت يواصل الوباء ضرب أسواق أخرى رئيسية، في حين أشار المكتب الوطني للإحصاء إلى أن "البيئة الدولية لا تزال معقّدة".

وبعدما أغلقت مدن رئيسية في أنحاء البلاد لمكافحة كوفيد-19، شهد اقتصاد الصين انكماشا غير مسبوق في الأشهر الثلاثة الأولى من العام لكنه شهد تعافيا قويا في الأشهر الستة الأخيرة بعدما تمّت السيطرة على معدلات الإصابات الجديدة.

وأفاد صندوق النقد الدولي أن ذلك وضع الصين على المسار لتكون القوة الاقتصادية الرئيسية الوحيدة التي ستشهد نموا على الأرجح هذا العام.

وجاء النمو الذي بلغت نسبته 4,9 في المئة من يوليو حتى سبتمبر بعد معدل بلغ 3,2 في المئة في الاشهر الثلاثة السابقة، ويعد قريبا من مستويات ما قبل الوباء.

كما أن الإنتاج الصناعي فاق التوقعات فارتفع بنسبة 6,9 في المئة في سبتمبر مقارنة بالعام السابق.

وأشادت القيادة الصينية الشيوعية بطريقة تعاطيها مع الفيروس، وأعطت لقاحات تجريبية لمئات الآلاف من مواطنيها في وقت تسعى الى إعادة صياغة رواية ظهور الوباء.

وعاد الناس في الصين للتسوق والسفر وارتياد المطاعم، في مشهد يتناقض تماما مع الوضع في العديد من دول العالم الأخرى.

لكن المخاوف بعيدة الأمد حيال الوظائف والعودة المحتملة للفيروس في الصين تؤثر على المستهلكين، على الرغم من محاولات الحكومة إعادة الزخم إلى الطلب المحلي.

وقال كبير خبراء الاقتصاد الصيني لدى مجموعة "نومورا" لو تينغ لفرانس برس إن "الصين بنت تعافيها السريع عبر تدابير إغلاق متشددة وعمليات فحص واسعة النطاق وتعقّب السكان والتحفيز المالي".

وأضاف أن عوامل أخرى على غرار نمو الصادرات وازدياد الطلب بعد الفيضانات الواسعة التي شهدتها البلاد خلال الصيف ساهمت في تعزيز النشاط في سبتمبر.

لكن "الصين ليست بعيدة تماما عن خطر التعرّض لموجة كوفيد-19 ثانية، إذ يرجّح أن يخف الطلب الذي كان متراكما... وبإمكان ارتفاع منسوب التوتر بين الولايات المتحدة والصين أن يؤثر سلبا على صادرات الصين والاستثمار الصناعي".

وأفاد مدير أبحاث الصين العظمى لدى مصرف "أو سي بي سي" تومي شي فرانس برس أن الأرقام المرتبطة بقطاع بيع التجزئة تكشف عن اتجاه إيجابي، مشيرا إلى "ازدياد الاهتمام بالسلع باهظة الثمن" إذ شكّلت مبيعات السيارات محرّكا رئيسيا لتعافي الإنفاق.

وحذّر من أن "تقييم مدى استدامة هذا الطلب الداخلي سيستغرق بعض الوقت"، مشيرا إلى عائدات الرحلات السياحية الداخلية التي لا تزال أقل بنحو 30 في المئة في عطلة "الأسبوع الذهبي" مطلع أكتوبر مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.

وقال في إشارة إلى مساعي الصين لجعل المستهلكين المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي "سيكون ذلك مهما على وجه الخصوص بالنسبة للنمو المقبل، نظرا إلى أن الصين تروّج حاليا... لاستراتيجية تولي أهمية كبرى للطلب الداخلي".

وقالت الناطقة باسم مكتب الإحصاء الوطني ليو أهوا الاثنين إنه على الرغم من مواصلة الاقتصاد الصيني تعافيه بشكل ثابت، فإن الصورة على الصعيد العالم لا تبدو مشرقة في ظل "عدم الاستقرار والضبابية".

وأشارت إلى "الضغط الكبير" في مساعي منع الإصابات بالفيروس من الخارج وتجنّب تفشيه مجددا في الداخل.

في الأثناء، تراجع معدل البطالة في المدن بنسبة 5,4 في المئة في سبتمبر، على الرغم من أن نمو أصول الاستثمار الثابتة كان إيجابيا للمرة الاولى في 2020.