نيويورك: من فايزر إلى مودرنا ونوفافاكس، حقق مدراء عدد من المختبرات الأميركية العاكفة على تطوير لقاحات ضد كوفيد-19 بأموال حكومية، أرباحاً مالية في المدة الأخيرة عقب بيع أسهم، ما طرح أسئلة حول مدى ملاءمة هكذا عمليات في ظرف يشهد هكذا أزمة صحية.

ففي اليوم نفسه الذي أعلنت فيه عملاقة صناعة الأدوية مجموعة فايزر أنّ اللقاح الذي تعمل مختبراتها عليه فعّال بنسبة 90% طبقاً لنتائج أولية، باع مديرها العام البير بورلا أسهماً ب5,6 مليون دولار.

لا شيء يخالف القانون في المبدأ. فهذه العملية، وفقا لفايزر، تمت بالاستناد إلى قواعد تتيح لمدراء الشركات القيام بشراء أسهم أو بيعها في ضوء معايير محددة مسبقاً، في موعد أو بسعر محددين، تجنباً في الواقع لأي شبهة حول الشروع بنشاط في السوق المالية غير قانوني.

استناداً إلى هذه القواعد نفسها، باع عدد من مسؤولي مودرنا أسهما في الأشهر الأخيرة مقابل مبالغ تفوق مئة مليون دولار.

لم تطلق المجموعة اي منتج في السوق منذ تأسيسها عام 2010، غير أنّ الحكومة التزمت بمدّها بما يصل إلى 2,5 مليار دولار في حال تمت المصادقة على لقاحها. وهذا ما جعل سهمها يقفز من 19 دولارا بداية العام إلى 90 دولارا حاليا.

أما مدير نوفافاكس، فباع من جانبه أسهماً ب4,2 مليون دولار في 18 اغسطس، بعد شهر تقريبا من إعلان تمويل حكومي لمشروعها ب1,6 مليار دولار.

وقدّرت منظمة الدفاع عن دافعي الضرائب (Accountable US) أنّه بين بداية النشاط الأميركي لتنسيق عمليات تطوير لقاح في 15 مايو و31 اغسطس، كسب المسؤولون في خمس مجموعات لصناعة الأدوية أكثر من 145 مليون دولار من خلال بيع اسهم.

استعان المسؤولون في فايزر ومودرنا بآلية تسمى "10ب5-1" التي ينبغي إنشاؤها قبل أن تكون في حوزة هؤلاء معلومات من شأنها تحريك أسعار البورصة.

بعد إنشائها، لن يكون بالإمكان تعديلها من دون سابق إنذار، حتى ولو كان الامر عرضة للتشكيك من قبل الرأي العام.

وفق الأستاذ المساعد في كلية التجارة "وارتون" دانيال تايلور الذي يتابع أعمال المختبرات منذ بداية الازمة الوبائية، فإنّ الخطط الأخيرة ضمن فايزر ومودرنا طبقاً لآلية 10ب5-1، تبدو "قابلة للنقاش قانونياً".

وهو يتساءل حول ما كان يعرفه أولئك المسؤولون حين لجؤوا إلى الآلية.

وتؤكد فايزر أنّ مديرها، بورلا، هيكل مجدداً في 19 اغسطس آلية سبق أن أنشأها في فبراير "حسب الصيغة نفسها للأسعار والكمية".

وفي اليوم التالي، أصدرت المجموعة بيانا يعلن أنّ النتائج الأولية لتجاربها السريرية "إيجابية".

وفي مودرنا، عدّل مسؤولون على مدار العام خططهم لـ10ب5-1 التي كانوا وضعوها سابقاً.

يقول تايلور إنّه من الطبيعي، وحتى أنّه محبذ، تشجيع المسؤولين على تطوير لقاح آمن وفعال في أسرع وقت.

لكنّه يضيف "حين يبيعون أسهمهم، فعليهم التثبّت من أنّهم يتحركون وفق القواعد نفسها السارية على بقية المستثمرين، من خلال عدم الاستفادة من معطيات يعرفونها وحدهم".

علاوة على ذلك، يقول تايلور "لا أعتقد أنّ هذه المجموعات راعت المخاطر حول سمعتها" حين اقرّت بيع اسهم في الوقت الذي لا يزال وباء كوفيد-19 يخنق العالم.

حين يضطر مدير عام إلى تصفية بضعة أسهم لشراء يخت أو منزل جديد أو توفير الإمكانات المالية لدراسة أولاده، فإنّ هكذا عمليات تمرّ عادة من دون ملاحظتها. إلا أنّ المختبرات في دائرة الضوء حالياً.

وبرى الأستاذ المتخصص في إدارة الشركات في جامعة كولورادو سانجاي بهاغات، أنّه ببساطة لا ينبغي أن يكون بمقدور المدراء بيع اسهم طالما أنّهم في المنصب، ويذهب إلى أن ذلك يجب أن يظل سارياً إلى ما بين عام أو عامين بعد مغادرتهم عملهم.

ويقول "إذا كانت لديهم الكثير من الأسهم أو خيارات اسهم، فسيكون من مصلحتهم رفع السعر قدر الإمكان، بما يشمل ألا يكونوا بالضرورة صادقين مع المستثمرين".

وبالنظر إلى الظرف القائم حالياً، يتوجب على مجالس الإدارات تجنب هذه النزعات. ويوضح بهاغات أنّ "عدم القيام بشيء غير قانوني" لا يكفي إذ إنّ "الناس تنتظر تصرفات تحكمها روح المسؤولية".

ولم ترغب هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية الإجابة على اسئلة فرانس برس حول ما إذا تم فتح تحقيقات.

ولكن في مايو، حثّ رئيسها جاي كلايتون عبر قناة "سي ان بي سي" الشركات والمجموعات على اتباع ممارسات سليمة، متسائلاً: "لماذا تودّون إثارة ادنى شك؟".