بروكسل: لا تزال "خلافات كبيرة" مستحكمة بالمفاوضات الأوروبية-البريطانية حول اتفاق ما بعد بريكست، وسط التعويل على اتصال مرتقب السبت بين رئيس الوزراء البريطاني ورئيسة المفوضية الأوروبية سعياً لتجاوز النقاط العالقة.

وأعلن المفاوضان البريطاني والأوروبي، في بيانين متشابهين مساء الجمعة، عدم التوصل بعد إلى اتفاق، وأوضحا أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جوسون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين سيجريان مباحثات هاتفية السبت.

وقال مصدر أوروبي إنّ الاتصال مقرر عند الساعة 17,30 (16,30 بتوقيت غرينتش).

وقال كبير المفاوضين الأوروبين ميشال بارنيه ونظيره البريطاني ديفيد فروست "اتفقنا اليوم (الجمعة) على عدم توافر شروط الاتفاق بسبب اختلافات كبيرة حول المنافسة العادلة الحوكمة والصيد البحري".

ويزور المفاوض الأوروبي لندن منذ مطلع الأسبوع.

وفي ظل استمرار الخلافات، كانت فرنسا لوّحت باستخدام الفيتو خشية منها على مستقبل صياديها. وقال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون قال عبر إذاعة "يوروب 1": "إذا وجد اتفاق غير جيّد (...) سنعارضه". ولدى سؤاله عن احتمال استخدام حق "الفيتو" ضد الاتفاق، أجاب "نعم. كل دولة لديها حق فيتو".

تقييم فرنسي خاص

وأشار إلى أن فرنسا ستجري "تقييمها الخاص" حول النصّ المرتقب، مضيفاً "نحن مدينون بذلك إلى الفرنسيين وصيادينا وقطاعات اقتصادية أخرى" مكرراً أن خطر غياب الاتفاق "موجود" وأنه يجب "الاستعداد إليه".

وتجسّد هذه الضغوط على المفاوضات وهي حالياً في مرحلتها النهائية، القلق المتزايد لفرنسا حيال إمكانية منح الاتحاد الأوروبي الكثير من التنازلات لبريطانيا بهدف تجنّب خروجها من الاتحاد "بدون اتفاق" في 31 كانون الأول/ديسمبر، موعد الانفصال النهائي للندن عن التكتل.

وأفاد دبلوماسي أوروبي أن هذا القلق تشاطره عواصم أوروبية أخرى على غرار روما ومدريد وبروكسل وكوبنهاغن. وأوضح "لا نريد أن ننغلق في علاقة غير متوازنة للعقود المقبلة".

في مؤشر إلى الخلافات بين الدول الأعضاء، تؤكد مصادر أوروبية عدة في المقابل أن المفوضية الأوروبية وألمانيا التي تتولى حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، تسعيان للحصول على اتفاق "مهما كلف الثمن".

إلا أن المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أكد أن "هناك خطوطاً حمر ولكن رغم كل شيء هناك دائماً هامشاً للتسويات".

وأكد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الجمعة "سنصمد حتى اللحظة الأخيرة، الثانية الأخيرة من هذه الآلية لضمان الوحدة بيننا".

وأضاف أن نتائج المحادثات يمكن أن تُقدّمها المفوضية إلى الدول "في الساعات أو الأيام المقبلة" موضحاً أن الدول الأعضاء ستتخذ مواقف "بناء على الأمور المطروحة على الطاولة".

ومن المقرر عقد قمة أوروبية تجمع شخصياً القادة الـ27 لدول الاتحاد في 10 و11 كانون الأول/ديسمبر في بروكسل.

ويرغب الأوروبيون في التوصل إلى اتفاق قبل نهاية الأسبوع، وهو شرط ليتمكن البرلمان الأوروبي من المصادقة على الاتفاق في الوقت المناسب وبدء سريانه في 31 كانون الأول/ديسمبر.

وفي هذا التاريخ، ستوقف بريطانيا التي خرجت رسمياً من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني/يناير، تطبيق المعايير الأوروبية.

وأعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الجمعة أنه "لم يتبق سوى القليل من الوقت. نحن في لحظة صعبة من المفاوضات" محذّراً من أن لندن لا تنوي القبول بـ"اتفاق لا يحترم المبادئ الأساسية لسيادتها".

واعتبر مصدر أوروبي أنه لا يزال توقع اختتام المحادثات في نهاية الأسبوع "سابقاً لأوانه".

قواعد منظمة التجارة العالمية

من دون وجود اتفاق ينظم علاقاتهما في الأول من كانون الثاني/يناير، سيتعامل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بناء على قواعد منظمة التجارة العالمية، أي سيفرضان على بعضهما رسوماً جمركية وحصصاً، ما يثير خطر حصول صدمة اقتصادية جديدة تُضاف إلى صدمة أزمة وباء كوفيد-19.

ولا تزال ثلاث نقاط تعرقل التوصل إلى اتفاق وهي وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية والضمانات المطلوبة حيال المنافسة وآلية حلّ النزاعات في الاتفاق المستقبلي.

وتبدو مسألة الصيد منذ بدء المحادثات كموضوع رمزي بقدر ما هو متفجر بالنسبة لمجموعة من الدول الأعضاء على رأسها فرنسا وهولندا. وذكّر رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس الخميس بأنه "لا يمكن التضحية" بقطاع الصيد الفرنسي "كمتغير يمكن تعديله" في المفاوضات.