إيلاف من الرياض: المشاعر المقدسة من الميادين البارزة لتطبيق المبادرات النوعية في الحفاظ على البيئة وتطبيقاتها الناجحة على أرض الواقع مع التطوير المستمر لها تبعا لتراكم الخبرات والدراسات الميدانية.

في الوقت، الذي أطلقت فيه الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة- ممثلة في شركة كدانة للتنمية والتطوير- الثلاثاء الماضي مبادرة "المشاعر الخضراء" المتوائمة مع مبادرة "السعودية الخضراء" بالشراكة مع القطاع الخاص، يواصل مشروع "مخيم الحج الأخضر" نجاحاته في معالجة النفايات الصلبة المتولدة في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة خلال موسم الحج، وفقًا لتقرير شامل نشره موقع صحيفة "الاقتصادية".

واستهلت فكرة العمل بمشروع "مخيم الحج الأخضر 1431هـ" من خلال دراسة الوضع الراهن وتقييم منظومة إدارة النفايات الصلبة بالمشاعر المقدسة، بداية من تحديد مواطن القوة والضعف في منظومة إدارة النفايات الصلبة بمشعر منى، وجرى تطبيق المرحلة الثانية من المشروع في موسم حج 1432هـ، إذ شاركت ثلاثة مخيمات (حجاج الدول العربية، حجاج تركيا وحجاج جنوب آسيا).

وتفاعل مع هذه المرحلة الحجاج بدرجة جيدة، حيث بلغت نسبة الذين كانوا على استعداد لفرز نفاياتهم 33 في المائة، وهذا ما عضدته نتيجة الفرز الفعلي، الذي نفذ بالمخيمات (26 في المائة من النفايات البلاستيكية)، وجرى التوصل إلى أن كل العوامل المؤثرة سلبا على استعداد الحاج للفرز وعلى سلوكه الحقيقي تتلاشى بوجود محفز قوي كالمحفز الديني، لذلك تظهر أهمية التركيز على المحفز لتطوير المنظومة.

وتشير دراسة لمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة إلى أن تطبيق المرحلة الثانية التجريبية من المشروع خلال موسم حج 1437هـ، بمشاركة مخيمات حجاج الداخل، وحجاج جنوب آسيا، أسهم في رفع الوعي بأهمية هذا المشروع، حيث وصل معدل الفرز إلى 66 في المائة من إجمالي النفايات المتولدة (نحو 14500 كجم من النفايات البلاستيكية). وخلال التطبيق التجريبي في موسم حج 1439هـ لمخيمات حجاج الداخل، وصلت نسبة الفرز إلى أكثر من 90 في المائة، وجمع نحو (11.5) طنا من النفايات المفروزة بالصناديق الضاغطة الخاصة بالمخيمين المشاركين بالمشروع.

وفي موسم حج 1440هـ خلصت المبادرة إلى مشاركة 21 مخيما من مخيمات حجاج الداخل، حيث وصلت نسبة النفايات الجافة لنحو 71 في المائة من إجمالي النفايات المخزنة بالصناديق الضاغطة.

كما حدث في جميع المجالات الحياتية أسهمت جائحة "كوفيد- 19" في استحداث محاور جديدة لمشروع "الحج الأخضر" في حج 1441هـ، اشتركت في صياغتها الجهات ذات العلاقة مثل (وزارة الحج والعمرة، أمانة العاصمة المقدسة، وزارة الصحة، الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وزارة البيئة والمياه والزراعة، المركز الوطني لإدارة النفايات والمجلس التنسيقي لحجاج الداخل)، وطبق مشروع مخيم الحج الأخضر للموسم الثاني على التوالي في مقر الهيئة الملكية في مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، والتنسيق مع أمانة العاصمة المقدسة (الإدارة العامة للنظافة)، وذلك لتطبيق المشروع التجريبي لجميع الأماكن المحددة في المشاعر المقدسة، وتخصيص حاويتين للنفايات (الخضراء للنفايات الجافة والسوداء للنفايات العضوية) في جميع نقاط تجميع النفايات بالمشاعر المقدسة، وتخصيص صندوقين ضاغطين لتجميع النفايات وفرز النفايات الجافة والعضوية بالمشاعر المقدسة، وتخصيص فرق تشغيلية، الأول لتجميع النفايات الجافة والآخر للنفايات العضوية، والدعم الفني والتقني لأعمال تخزين النفايات المفروزة، وتصميم جميع وسائل التوعية بما يتوافق مع الإجراءات الاحترازية لجائحة الكورونا.

وجرى توزيع حاويات النفايات بجميع مخيمات وشوارع مشعر عرفات، والنقاط المخصصة للحجاج بمشعر مزدلفة، وأبراج إسكان الحجاج بمشعر منى، ومسارات الحجاج المؤدية إلى جسر الجمرات، وتفريغ الصناديق المخصصة للحاويات العضوية بالمردم، وتفريغ الصناديق الجافة ووزنها والتعاقد مع مستثمر لتدوير النفايات وتوجيه عائدها إلى الجمعيات الخيرية بمكة المكرمة.

وأفضت دراسة معهد أبحاث الحج لمشروع "المخيم الأخضر لعام 1441هـ" إلى عدة نتائج من أهمها أن تطبيق مبادرة الوجبات مسبقة التجهيز وصل إلى نحو 100 في المائة، وذلك لتوافق الخطوط الإرشادية للمبادرة مع التوصيات الصادرة من هيئة الغذاء والدواء وتدابير وزارة الصحة، كذلك وصلت نسبة تطبيق تعقيم الحجاج وتعقيم المرافق المخصصة للحجاج إلى ما نحو 100 في المائة، وذلك لتوافق الخطوط الإرشادية للمبادرة مع تدابير وزارة الصحة.

أما مبادرة فرز النفايات من المصدر بمشعر عرفات فوصلت إلى نحو الـ 100 في المائة من نسبة تخزين النفايات الجافة إلى إجمالي النفايات المخزنة بالصناديق الضاغطة، وحققت نسبة تطبيق مبادرة فرز النفايات من المصدر بمشعر مزدلفة نحو 71.4 في المائة من نسبة تخزين النفايات الجافة إلى إجمالي النفايات المخزنة بالصناديق الضاغطة، ونسبة تطبيق مبادرة فرز النفايات من المصدر بمشعر منى نحو 27.4 في المائة من نسبة تخزين النفايات الجافة إلى إجمالي النفايات المخزنة بالصناديق الضاغطة، ومتوسط نسبة تطبيق مبادرة فرز النفايات من المصدر بجميع المشاعر نحو 66.3 في المائة من نسبة تخزين النفايات الجافة إلى إجمالي النفايات المخزنة بالصناديق الضاغطة، وحققت مبادرة فرز النفايات إجمالي 4993 كجم من النفايات الجافة.

يذكر أن مبادرة "المشاعر الخضراء" تشمل عددا من البرامج منها مبادرة "إحرام"، التي تستهدف تحويل قطعة الإحرام من نسيج مهدر يردم بالأطنان إلى نسيج معاد تدويره يستخدم في صناعة منتجات جديدة، ويمكن من خلال هذه المبادرة توليد صناعة منتجات بسعر أقل يصل إلى 45 في المائة من قيمة منتجات مماثلة مستوردة، وأما المبادرة الثانية فهي "تدوير" التي تقوم على فرز وتجميع أحد أنواع النفايات الصلبة (علب البلاستيك) وتحويلها إلى نسيج معاد تدويره يستخدم لصناعة منتجات جديدة.

والمبادرة الثالثة عبارة عن فرز وتجميع ومعالجة النفايات العضوية وتحويلها إلى سماد طبيعي يعزز خصوبة التربة ويحسن قدرتها على البقاء رطبة واحتفاظها بالمياه بعد الري، إضافة إلى مبادرة "طهارة"، التي تسعى إلى توزيع 90 ألف طقم معقمات ونظافة شخصية للحجاج والعاملين بالمشاعر المقدسة، وتشغيل ونظافة دورات مياه طريق المشاة بمشعر منى المظلل، وتحقيق أثر بيئي كبير من خلال رفع الوعي الصحي لدى ضيوف الرحمن وفرق المساندة وزيادة وعيهم بأهمية تعقيم اليدين والنظافة العامة للحد من انتشار الأمراض.