هبط الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له أمام الدولار، في تفاعل أسواق العملات مع الإعلان عن أضخم تخفيضات ضريبية تقدم عليها بريطانيا منذ 50 عاماً.

وفي مستهل التداولات الآسيوية لليوم الاثنين، سجل الجنيه الإسترليني 1.03 أمام الدولار، قبل أن يسترد شيئاً من عافيته عند حوالي 1.07.

ووعد وزير الخزانة البريطانية كواسي كوارتنغ بمزيد من التخفيضات الضريبية، على رأس حزمة تدابير داعمة قيمتها 45 مليار جنيه إسترليني كان قد أعلن عنها يوم الجمعة، وسط توقعات بزيادة ملموسة في معدلات الاقتراض.

وتمثّل قوة الدولار الأمريكي ضغوطاً إضافية على الجنيه الإسترليني الذي لا يُعدّ المتأثر الوحيد؛ إذ سجل اليورو أيضاً أدنى مستوى له أمام الدولار منذ 20 عاماً، وسط مخاوف المستثمرين من ركود مع اقتراب الشتاء، بلا إشارة تلوح في الأفق على انتهاء أزمة الطاقة أو انتهاء الحرب في أوكرانيا.

وإذا ما استقر الجنيه الإسترليني في هذا المستوى المنخفض أمام الدولار، فإن واردات السلع المسعّرة بالدولار - بما في ذلك النفط والغاز- ستزيد تكلفتها.

وقد تزيد بالنتيجة أسعار سلع أخرى تستوردها بريطانيا من الولايات المتحدة. وقد يواجه السواح البريطانيون الذين يترددون على أمريكا لقضاء العطلات منغصات في ظل تراجع قيمة الإسترليني.

وثمة مخاوف من أن تؤدي التخفيضات الضريبية وزيادة الاقتراض الحكومي إلى ارتفاع في معدلات التضخم على نحو يضطر معه بنك إنجلترا إلى زيادة معدل الفائدة أكثر. ومن شأن ذلك أن يزيد أسعار الرهن العقاري الشهرية على الملايين من أصحاب المنازل في بريطانيا.

وكان بنك إنجلترا، الأسبوع الماضي، قد رفع معدل الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 2.25 بالمئة في محاولة لتلطيف حدّة التضخم الذي سجل أعلى مستوى له منذ 40 عاماً عند 9.9 بالمئة. وتُعدّ هذه الزيادة في معدل الفائدة هي السابعة على التوالي والأعلى منذ 14 عاماً.

ومع ذلك، يتوقع اقتصاديون أن يدعو بنك إنجلترا إلى اجتماع طارئ في وقت لاحق من الأسبوع الجاري لرفع معدل الفائدة الذي يتوقع مراقبون للأسواق أنه قد يصل إلى 5.5 بالمئة بحلول الربيع المقبل.

وتلعيقاً على احتمال إقدام بنك إنجلترا على رفع معدل الفائدة قبل الموعد الرسمي لاجتماعه المقرر في نوفمبر/تشرين الثاني، قال نائب محافظ البنك السابق، السير جون غييف لبي بي سي: "الأمر المؤكد هو أنهم لا يريدون أن يفعلوا ذلك... لأنه إشارة على التعرّض لضغوط".

وأوضح السير غييف بالقول إن "عقْد الاجتماعات في مواعيدها يعدّ جزءاً لا يتجزأ من التدليل على استقلالية البنك، وعليه، فإن الاجتماعات الطارئة غير مرغوبة على الإطلاق".

وشهدت تكلفة الاقتراض الحكومي البريطاني، اليوم الاثنين، أعلى مستوى لها منذ عام 2008 إبان الأزمة المالية.

وكان وزير الخزانة البريطاني قال أمس الأحد: "لا يزال هناك المزيد" في إشارة إلى تخفيضات ضريبية متوقعة، وذلك بعد الإعلان عن تخفيضات كبرى يوم الجمعة في خطة لدعم النمو الاقتصادي.

وبموجب هذه الخطة، التي رأى فيها كوارتنغ إيذاناً بـ "عهد جديد" للاقتصاد، مع خفض الضرائب على الدخل وعلى الرسم المفروض عند شراء المنازل، إضافة إلى إلغاء زيادات في الضرائب على الشركات كان مخطَطا لها من قبل.

وقال الوزير إن الحكومة ستلغي الحد الأقصى للضرائب على الدخل لـ 45 بالمئة من الأشخاص الذين تزيد دخولهم السنوية على 150 ألف جنيهاً إسترليني.

وإلى جانب الإعلان عن التخفيضات الضريبية، ضمن حزمة التدابير الداعمة التي تناهز قيمتها 45 مليار إسترليني، أكدت الحكومة البريطانية أنها ستنفق 60 مليار جنيه إسترليني في الأشهر الستة الأولى من خطتها لدعم الأُسر والشركات في مواجهة فواتير الطاقة الآخذة في الارتفاع. ويُتوقع أن تزيد التكلفة مع استمرار خطة دعم الأُسر لمدة عامين.

وزيرة الخزانة في حكومة الظل راتشيل ريفز
Reuters
وزيرة الخزانة في حكومة الظل رايتشل ريفز تقول إن الناس بحاجة إلى سماع خطط التحكّم في المالية العامة

ووصفت وزيرة الخزانة في حكومة الظل رايتشل ريفز الهبوط الذي يشهده الجنيه الإسترليني بأنه أمر "مثير للقلق بشكل لا يصدق".

وقالت ريفز: "نريد أن نسمع من وزير الخزانة خططه للتحكم في المالية العامة، لأن ذلك هو الباعث الحقيقي للقلق في نفوس المستثمرين وكذلك العُمال".

ويعتقد بعض المستثمرين أن بنك إنجلترا قد يعجّل باتخاذ خطوة، ربما اليوم الاثنين، لوقف تراجع الجنيه الإسترليني.

وقال ستيفن إينز، الشريك الإداري في مجموعة إس بيه آي لإدارة الأصول: "لوقف النزيف ولو مؤقتاً، قد يقدم بنك إنجلترا على ما يراه ضرورياً من الخطوات لخفض معدلات التضخم. وقد نشهد قراراً برفع الفائدة في اجتماع طارئ خلال الأسبوع الجاري من أجل استعادة الثقة في الأسواق. وقد نشهد صدور هذا القرار في وقت لاحق من اليوم الاثنين".