الكويت: أحمد عيسى
أدت الحكومة الكويتية، أمس، يمينها الدستورية برئاسة الشيخ ناصر المحمد أمام أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وسط تأكيدات رسمية باعتزامها الحضور لجلسة البرلمان المقررة اليوم لتنهي حالة الفراغ السياسي التي تعيشها البلاد منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وأتت الحكومة الجديدة بتغيير محدود طال ثلاث حقائب من أصل 15 حقيبة، إذ تم استبعاد وزراء النفط والصحة والمواصلات، فيما لا تزال حقيبة laquo;النفطraquo; شاغرة نظرا لعدم تسمية وزير لشغلها بالأصالة حتى إعلان التشكيل الحكومي ظهر أمس، مما دفع رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد إلى تكليف نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح بتوليها بالوكالة.

وجاء في مرسوم تكليف الحكومة الذي أصدره الشيخ صباح الأحمد، أمس، تعيين الشيخ ناصر المحمد رئيسا لمجلس الوزراء، الشيخ جابر المبارك الصباح نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للدفاع، الشيخ الدكتور محمد صباح السالم نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للخارجية ووزيرا للنفط بالوكالة، فيصل محمد الحجي نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزير دولة لشؤون مجلس الوزراء، أحمد يعقوب باقر وزيرا للتجارة والصناعة ووزير دولة لشؤون مجلس الأمة (ممثل للتيار السلفي)، بدر فهد الدويلة وزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل، الشيخ جابر الخالد الصباح وزيرا للداخلية، حسين ناصر الحريتي وزيرا للعدل ووزيرا للأوقاف والشؤون الإسلامية، روضان عبد العزيز الروضان وزيرا للصحة (جديد)، الشيخ صباح الخالد الصباح وزيرا للإعلام، فاضل صفر وزيرا للأشغال العامة ووزير دولة لشؤون البلدية (ممثل للتيار الشيعي)، مصطفى جاسم الشمالي وزيرا للمالية، الدكتورة موضي عبد العزيز الحمود وزير دولة لشؤون الإسكان ووزير دولة لشؤون التنمية، ونبيل خلف بن سلامة وزيرا للكهرباء والماء ووزيرا للمواصلات (جديد)، نورية الصبيح وزيرا للتربية ووزيرا للتعليم العالي، مقابل خروج عبد الرحمن الغنيم ومحمد العليم وعلى البراك، الذين كانوا يشغلون حقائب المواصلات والنفط والصحة على التوالي.

وبحسب وكالة الأنباء الكويتية، هنأ الشيخ صباح الأحمد في كلمة له أثناء استقباله الحكومة الجديدة laquo;الشيخ ناصر المحمد الذي قبل تحمل المسؤولية الكبيرة كرئيس لمجلس الوزراء، حيث عهدنا إليه تشكيل الحكومة الجديدة لما لمسناه في سموه من مقدرة وخبرةraquo;، كما هنأ الوزراء باختيارهم لتحمل أعباء الوزارة وقبول المشاركة فيها خاصة الوزراء الجدد الذين انضموا للوزارة ليتقاسموا معنا أعباء ومسؤوليات الحكومة. وأضاف الشيخ صباح laquo;لقد عاهدنا المواطنين على السير بالبلاد على طريق التقدم والنمو بكل عزيمة وتصميم، وسيتابع المواطنون ما تحقق من تطلعات ووعود، وعليكم كحكومة جديدة مسؤولية كبيرة أنا واثق تماما أنكم ستوفونها حقها بكل كفاءة واقتدار، ولن يتحقق ذلك إلا إذا وضعتم أيديكم ببعضها وعملتم كفريق واحد منسجم لتحقيق ما وضعتم من خطط وأهدافraquo;، مشددا على أهمية أن laquo;يشعر المواطن بما له من حقوق وما عليه من واجبات وعلى رأسها احترام القانون وإعطاء العمل حقه والمحافظة على إنجازات الدولة وممتلكاتها العامةraquo;.

يشار إلى أن الحكومة الجديدة عقدت اجتماعها الأول، أمس، وصرح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء فيصل الحجي بأن laquo;مجلس الوزراء عقد اجتماعه في مقره بقصر السيف برئاسة رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الذي أكد في كلمته على أمله في إزالة كل ما قد يعترض مسيرة العمل الوطني من توترات قد تضعف جهود إمكانات مواجهة التحديات والأخطار الخارجية، مشددا على ضرورة العمل على تضافر جميع الجهود لتعزيز الوحدة الوطنية وتجسيد وترسيخ التعاون الإيجابي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لكل ما فيه خدمة الغايات الوطنيةraquo;.

ونيابيا شدد رئيس البرلمان جاسم الخرافي على ضرورة أن يبدأ النواب في البرلمان والحكومة بالعمل معا متعاونين لتحقيق الإنجازات التي يطمح إليها المواطنون من خلال معالجة المواضيع الملحة وإقرار القوانين على المستويات كافة، فإذا لم يكن هناك أي تعاون بين الطرفين فلن نصل إلى نتيجة لنرضي من وضع ثقته فينا. وأكد الخرافي أن جلسة البرلمان المقررة اليوم ستبدأ بأداء الحكومة اليمين الدستورية أمام المجلس laquo;ومن ثم سيتم سحب الاستجواب المقدم إلى رئيس الوزراء من جدول الأعمال لاعتباره منتهياraquo;، بحكم استقالة الحكومة السابقة التي قدم خلالها الاستجواب. وأضاف أن laquo;الجلسة ستشهد كذلك انتخاب أمين للسر بدلا من النائب روضان الروضان الذي أصبح وزيرا في الحكومة الجديدة، كما سيعرض أيضا على النواب والحكومة موضوع تسمية رئيس ديوان المحاسبة للتصويت عليه في حال توافر الوقت اللازمraquo;.

وتمنى الخرافي أن يكون هناك اتفاق بين الحكومة والبرلمان على تعويض الجلسات الماضية التي شهدت خلالها البلاد فراغا سياسيا والتي امتدت من استقالة الحكومة في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وحتى يوم أمس، مبينا أن laquo;هناك توجهاً لعقد جلسات إضافية أيام الخميس لتعويض الجلسات الفائتة، وعددها أربع جلسات، لكن الجلسات المقترحة لن تكون في الأسبوع المقبل بسبب القمة الاقتصادية التي تستضيفها البلاد الأسبوع المقبلraquo;.

وتعليقا على اعتراضات عدد من النواب على التشكيل الحكومي الأخير بيّن الخرافي أنه laquo;من الصعب إجماع كل النواب على الحكومة أو جزء منها، ومن الطبيعي وجود اختلافات في وجهات النظر، وهذه هي الديمقراطية، وهي الإيمان بالإجراءات الدستورية في كيفية تشكيل الحكومة وفي عرض المواضيع ومناقشتها، وعندما نعترض فإن الاعتراض يكون على ما هو أمامنا، أما الاعتراض على التشكيل بصفة عامة فمن غير الممكن الخروج منه بنتيجةraquo;.

إلى ذلك، وجد النائب المعارض مسلم البراك أن laquo;التشكيلة الوزارية الجديدة فاقدة لآمال الشعب الكويتي، ونحن ممتعضون من عودة وزراء شتموا المجلس ورفضوا التعاون معه بعد الهروب الكبير من جلسة 25 نوفمبر الماضي، والاستقالة التي هاجموا فيها أعضاء المجلس، لكن يبدو أن الحكومة الحالية جاءت لتؤدي دورا واحدا وتهيئة السبل لاتخاذ قرار التصادم مع المجلس بعد أن خلفت بذور التأزيم قبل أن تقسم، ونذكّر بالدور الذي قامت به الحكومة في العام 1976 و1986 أثناء الانقلاب على الدستورraquo;.

وانتقد البراك laquo;رئيس الحكومة في اختيار الوزراء والتي حصرها في نطاق معين، ولم يتوجه إلى الكثير من الشباب الكويتي المؤهل لتنمية البلاد، فالترضيات الشخصية والمحاصصة والعناد كانت شعار اختيار الوزراء، وطريقة اختيار الوزراء وضعتني في المربع الأول وسيكون الوضع أكثر سوءا إذا ما أكمل المجلس دورته، وأحذر من توجه الحكومة باتخاذ قرار خارج عن الدستور لنقول بعد ذلك عظّم الله أجركم يا أهل الكويت بمجلس الأمة، كما قلنا عظّم الله أجركم بالحكومةraquo;.

وفيما اعتبر أول تصعيد نيابي بحق الحكومة الجديدة أعلن النائب عن تيار الإخوان المسلمين جمعان الحربش عن تقديم طلب تحقيق نيابي في إلغاء صفقة laquo;الداوraquo; ليوضع على جدول أعمال جلسة البرلمان المقررة اليوم.

وبين الحربش أن الطلب يستهدف كشف الحقائق ومحاسبة المخطئين، كون التحقيق سيتم مع رئيس وأعضاء مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للبترول والقيادات النفطية الذين تعاملوا مع هذه الصفقة، نافيا في الوقت ذاته عزم تنظيم الإخوان المسلمين تحيّن الفرص لاستجواب رئيس الحكومة.

يذكر أن الحكومة الكويتية تراجعت عن صفقة كانت مقررة مع شركة الداو للبتروكيماويات بداعي ضغوط نيابية، وهو الأمر الذي دفع النواب إلى المطالبة بفتح تحقيق مع القيادات النفطية التي أسهمت في إقرار الصفقة قبل أن تتراجع عنها وتعرض البلاد للدخول في إجراءات قانونية بداعي إلغاء الصفقة.

وعلى ذلك، علق الحربش مستغربا من التراجع عن مشاريع دون محاسبة الأشخاص الذي قدموا هذه المشاريع، مشيرا إلى أنه إذا كانت هذه المشاريع خاطئة فلا بد من المحاسبة وإن كانت سليمة فينبغي على الحكومة الدفاع عنها بكامل فريقها، متسائلا عن الحقيقة في مشروع الداو، وهل كانت هذه الصفقة لصالح البلد، أم أن هناك معلومات خاطئة ومضللة تم تقديمها فأصبح الجميع ضحية لها.

من جانبه، اعتبر النائب الإسلامي وليد الطبطبائي، وهو أحد مقدمي الاستجواب بحق رئيس الحكومة في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والذي أدى إلى استقالة الحكومة، laquo;التشكيل الحكومي الجديد تأكيداً على أن الاستقالة كانت شكلية، وأنها التفاف على الاستجواب المقدم ضد رئيس الوزراء، وعودته والوزراء لا تشير بأن هناك جدية في حل المشاكل التي تضمنها الاستجواب، وكنا نتمنى أن يكون التغيير الحكومي شكلا ومضمونا، ولكنه لم يأت بذلك، علما بأن الحكومة التي قدمت الاستقالة واتهمت المجلس بالانحراف عن مساره عادت بأكملها، والمفارقة أن الحكومة غابت شهرين ولم يتغير منها سوى وزيرين، مما يؤكد عدم وجود جدية في الإصلاحraquo;.

أما النائب الليبرالي علي الراشد فشدد على ضرورة إعطاء الحكومة الجديدة فرصة حتى تقيّم بشكل سليم، مؤكدا أنه لا يوجد وزراء تأزيم بالحكومة الجديدة، ومن غير الإنصاف الحكم على الحكومة من الآن وبهذه السرعة، وعلى من يريد التأزيم ووأد الحياة السياسية في هذا البلد أن يجلس في بيته ولا يترشح لمجلس الأمة.

أما النائب أحمد المليفي فوجد أن الحكومة الجديدة هي ذاتها الحكومة السابقة على الرغم من هذه المدة الطويلة التي استغرقها رئيسها لتشكيلها، موضحا أن هناك الكثير ممن اعتذروا عن الوزارة، وهم وجهوا رسالة من خلال اعتذارهم عن عدم المشاركة بأن تشكيل الحكومات الماضية وإدارة البلد بهذه الصورة، إدارة مرفوضة، وعليه فإن التشكيل الحكومي الجديد لم يستطع أن يتخلص من مخلفات الماضي، ولن يستطيع مواجهة قضايا المستقبل.