كتب - خالد الهاجري ورائد يوسف وعايد العنزي وهادي العجمي:
اذا كان quot;الزلزال المدويquot; الذي احدثه الاعلان عن اعضاء الحكومة الخامسة لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد قد ضرب مجلس الامة بعنف, واصاب النواب بما يشبه quot;الحمىquot; فإن توابعه العنيفة ستتواصل - على الارجح - بالقوة نفسها - إن لم تكن اشد - خلال جلسة مجلس الامة التي ستعقد اليوم في ضوء ما كشفته مصادر برلمانية لmacr;quot;السياسةquot; عن عزم مجموعة من النواب اللجوء الى quot;تكتيك سياسي احتجاجيquot; خلال الجلسة للتعبير عن الاستياء العارم من تعطيل المؤسسة التشريعية طوال الفترة الماضية, والتباطؤ في انهاء التشكيل الحكومي الجديد ومن ثمَّ الخروج بتشكيلة مخيبة للآمال ومحبطة للشارع الكويتي, على حد قول المصادر التي اوضحت ان المشاورات بشأن هذا التحرك بدأت قبل ايام واستمرت حتى وقت متأخر من مساء امس, وشارك فيها عدد غير قليل من النواب من مشارب سياسية مختلفة.
المصادر اكدت ان هذا التحرك يستهدف احراج الحكومة الجديدة وتوصيل رسالة تشكل ردا على الاتهامات التي وجهتها الحكومة السابقة للنواب في كتاب الاستقالة, لافتة الى ان المشاورات دارت حول فكرة انسحاب موسع من الجلسة اثناء اداء الوزراء اليمين الدستورية يشارك فيه نحو ستة عشر نائبا بينهم اعضاء كتلة العمل الشعبي quot;ثلاثةquot; والمستجوبون د.وليد الطبطبائي, محمد هايف, عبدالله البرغش, فضلا عن النواب د.فيصل المسلم, احمد المليفي, وضيف الله بورمية, وآخرين.
واشارت المصادر الى ان هذا quot;التكتيكquot; يستهدف في المحصلة النهائية ابلاغ الحكومة بأنها quot;غير مرحب بهاquot; في مجلس الامة, إما عبر تعطيل الجلسة وعدم توفير النصاب, ومن ثمَّ الحيلولة دون اداء الوزراء لليمين ومن ثم قطع الطريق امام استكمال شروط عضويتهم في مجلس الامة, او تركهم - الوزراء - يؤدون اليمين امام مجموعة اقل عددا من النواب. لكن المصادر لم تقطع برأي حول ما اذا كان هذا السيناريو سينفذ فعلا خلال الجلسة ام لا.
الألغام التي تحفل بها جلسة اليوم لا تنحصر في ردود الفعل على التشكيلة الحكومية الجديدة, بل تتجاوزها الى موضوعات اخرى على رأسها الخلاف بشأن صفقة الشراكة مع quot;داو كيميكالquot; الاميركية التي ألغيت في ديسمبر الماضي, خصوصا في ضوء اعلان النائب د.جمعان الحربش عن عزمه التقدم خلال الجلسة نفسها بطلب لتشكيل لجنة تحقيق في اسباب وملابسات إلغاء الصفقة, وحقيقة ما يثار عن دفع رشى بقيمة 850 مليون دولار يتوقع ان يثير ردود فعل متباينة, وبين هذه الألغام ايضا تعيين الوزير الاسبق احمد خالد الكليب رئيسا لديوان المحاسبة الذي ألمحت اوساط نيابية الى احتمال تقديم طلب لتأجيل التصويت عليه اسبوعين.
وفيما تزامن الكشف عن اعضاء التشكيل الحكومي الجديد مع اعصار من الغضب النيابي, اعتبرت مصادر نيابية خروج وزيري المطران والعجمان من الحكومة quot;رسالة موجهة الى نواب القبيلتينquot; تعبر عن الاستياء من مشاركة محمد هايف وعبدالله البرغش في استجواب رئيس الوزراء. واشارت - من جهة اخرى - الى ان اعتراض نواب السلف هو الذي حال دون تولي د.موضي الحمود وزارة التعليم العالي.
في غضون ذلك كان quot;تسونامي الغضب من التشكيل الحكومي الجديدquot; هو العنوان الذي طبع مجمل المواقف النيابية امس, في تطور يشير الى تضاؤل الآمال بإمكانية انفراج الازمة وطي صفحة الماضي, ويؤكد ان لحظة الصدام بين السلطتين صارت اقرب من اي وقت مضى, اذ اعتبر النائب د.ضيف الله بورمية التغيير الطفيف الذي طرأ على الحكومة بتغيير ثلاثة وزراء فقط, رغم الانتظار الطويل quot;عبثا سياسيا متعمدا لاستفزاز النواب والشعب الكويتيquot;. وقال: ان quot;الحكومة الجديدة ليست إلا حكومة حل, وربما يكون غير دستوريquot;, وحذر من الاقدام على مثل هذه الخطوة لأنها تعد quot;لعبا بالنار لا تعرف عواقبهquot; - على حد وصفه.
اضاف: ان quot;حب الكراسي اعمى قلوب بعض الوزراء الذين يفترض فيهم ان يكون لديهم حياء سياسي وألا يعودوا الى الحكومة, خصوصا بعدما رفعوا كتابا اتهموا فيه النواب بأنهم quot;انحرفوا عن ممارساتهم الدستوريةquot;, لافتا الى ان quot;هناك اشارات حكومية تفيد باللجوء الى حل مجلس الامة, والاستفزازات المستمرة للنواب خير دليل على ذلكquot;.
اما النائب سعدون حماد فلخص الامر بالاشارة الى ان الحكومة الجديدة هي رسالة مفادها quot;جهز خيامكquot;, وقال: ان quot;التشكيل الجديد يدعو الى الحل ونحن يشرفنا العودة الى الشارعquot;, مشيرا الى انه سيتعامل مع وزراء التأزيم الذين عادوا مجددا وفق الادوات الدستورية.
بدوره قال النائب مسلم البراك: ان quot;الحكومة الحالية جاءت لتؤدي دورا واحدا وتهيئة السبل لاتخاذ قرار التصادم مع المجلس بعد ان زرعت بذور التأزيم قبل ان تقسم اليمين.
واذ نبه الى توجه الحكومة الى تهيئة الامر لصاحب القرار لاتخاذ قرار خارج الدستور حذر من يوم يقول فيه quot;عظم الله اجركم يا اهل الكويت في مجلس الامة كما قلنا عظم الله اجركم في الحكومةquot;.
النائب محمد هايف اكد ان التشكيلة خيبت الامال وعبر عن اعتقاده بان الحكومة لن تستمر حتى في غياب الاستجوابات وقال quot;الكتاب يقرأ من عنوانه.. والحكومة لا تريد التعاون مع المجلسquot;, مشيرا الى ان العناصر التي تضمها تنذر بأزمات مقبلة لاسيما وزيرة التربية التي هددت بالاستجواب في الحكومة السابقة لكنها عادت وهو ما ينذر بانهيار التعليم.
ورأى هايف ان quot;حكومة التأزيمquot; تهدف الى شيء ما من تعيين بعض الوزراء, مؤكدا ان التشكيلة لا تبشر بأي خير.
من جهته اعتبر النائب د. وليد الطبطبائي التشكيل الجديد دليلا على ان استقالة الحكومة السابقة كانت quot;شكليةquot; وquot;التفافاquot; على الاستجواب الذي قدم ضد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد, لافتا الى ان quot;عودة رئيس الحكومة ووزرائه لا تشي بأن هناك جدية في حل المشكلات التي تضمنها الاستجواب.
وذهب النائب احمد المليفي الى التأكيد على ان التشكيل الجديد لم يستطع التخلص من مخلفات الماضي, فضلا عن ان يواجه قضايا المستقبل وقال: ان اعتذار الكثيرين من عدم المشاركة في الحكومة كان رسالة سياسية واضحة تؤكد رفضهم ادارة البلد بهذه الصورة.
في الاطار نفسه اكد النائب محمد العبيد ان التشكيل الاخير صورة معبرة لحالة الافلاس السياسي لدى الحكومة واوضح أن إدارة الدولة بأسلوب وعقلية التنازلات والانتقام الشخصي لن يرسخ سوى المزيد من الفشل الحكومي.
وبينما أكد النائب علي الدقباسي أن الحكومة الجديدة quot;مخيبة للآمالquot; ولم تكن تحتاج إلى كل هذا الوقت الطويل لتشكيلها أوضح أن أمامها خيارين لا ثالث لهما, وهما الامتثال للتعاون الحقيقي والمثمر والبناء أو تحمل كل التبعات بما في ذلك الاستجواب.
الحركة الدستورية الإسلامية انضمت كذلك الى ركب الرافضين, وأكدت في بيان اصدرته أمس أن تشكيل الحكومة الخامسة لسمو الشيخ ناصر المحمد جاء مخيبا لكل الآمال, ومحبطاً للشارع الكويتي, ودون مستوى آمال وطموحات أبناء البلد, وقالت: ان quot;الحكومة كسابقاتها لم يراع في تشكيلها اختيار وزراء قادرين على مواجهة الأزمات التي تئن منها القطاعات المختلفة في الدولة , وانما جاء تشكيلها ملبياً لعقدة البقاء السياسي التي مازالت مسيطرة على صناعة القرار الحكوميquot;, مشيرة الى أن عنوان الحكومة الجديدة يعطي دلالة قوية وواضحة لاستمرار التأزيم في المشهد السياسي.
وفي مقابل quot;تيار الرفضquot; طالب عدد من النواب بمنح الحكومة الجديدة الفرصة لاثبات ذاتها وتجاوز عقد الماضي, ورأى رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي انه quot;ليس من الممكن ان يكون هناك اجماع من قبل النواب الخمسين على التشكيل الحكومي, ولابد أن تكون هناك اختلافات في وجهات النظر, والمهم أن التشكيل جاء وفق الاجراءات الدستوريةquot;.
اضافquot; نعم... الحكومة شكلت بطريقة دستورية... أما أن نرضى بها أو لا نرضى فهذه وجهات نظرquot; متمنيا ان يقاس التقييم بناء على ما سيتحقق من نتائج.
بدوره ألقي النائب أحمد لاري بكرة التشكيل الجديد في ملعب quot;عناصر التأزيم, وقالquot;ان التشكيل الجديد حصل نتيجة الاستجواب العبثي لرئيس الوزراء بالشكل الذي لم يكن مقبولا لدى الاغلبية ولم يكن هناك استحقاق سياسي كبير لاجرائهquot;, واذ لفت الى ان الأمر عولج في الاطار الدستوري والقانوني ألمح الى ان الجميع كانوا يتوقعون ان يكون التغيير الوزاري جزئيا وهو ما حدث بالفعلquot;.
وشدد النائب علي الراشد على ضرورة اعطاء الحكومة الجديدة فرصة للتقييم بشكل سليم, وقالquot;لا وزراء تأزيم في الحكومة... ومن غير الانصاف الحكم عليها الآن وبهذه السرعةquot; لافتا الى ان quot; من يرد التأزيم وواد الحياة السياسية في هذا البلد فإن عليه ان يجلس في بيته ولا يرشح لمجلس الأمةquot;.
وبينما هنأ النائب عبدالله الرومي الحكومة الجديدة بنيل ثقة سمو أمير البلاد, وعبر عن تمنياته للوزراء بالتوفيق في أداء مهامهم خلال المرحلة المقبلة التي تتسم بالدقة رأى زميله النائب محمد العبد الجادر ان quot; مرحلة الجدل التي صاحبت تشكيل الحكومة باتت في عداد الماضيquot;, مشددا على ضرورة تعويض ما فات وانجاز الاولويات التي اتفقت عليها السلطتان.