الكويت: سوسن أبو حسين وأحمد عيسى
يبدأ القادة العرب، اليوم، في التوافد على الكويت، حيث من المقرر أن تجرى لقاءات ثنائية بينهم، فور وصولهم، تسبق القمة الاقتصادية العربية التي ستفتتح غدا laquo;الاثنينraquo;، فيما هيمن العدوان الإسرائيلي على غزة، والخلافات العربية ndash; العربية، والتحديات التي تواجه العالم العربي في كافة المجالات، على أعمال المنتدى الاقتصادي للقمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، في يومه الأول بالعاصمة الكويتية.

وركزت معظم كلمات المتحدثين والمشاركين في أعمال المنتدى، على ضرورة بذل الجهود لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي، باعتباره المخرج الوحيد للتغلب على الكثير من الأزمات التنموية التي تواجه العالم العربي، وفى مقدمتها البطالة والفقر والتعليم.

وفى هذا الإطار، طالب رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر المحمد الصباح، المجتمع الدولي بالعمل على الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة، والتحرك العاجل لتحقيق سلام عادل وشامل ودائم في منطقة الشرق الأوسط، بما يضمن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وقال الشيخ ناصر، في كلمته أمس، في افتتاح أعمال المنتدى الاقتصادي للقمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، laquo;إننا مطالبون، أمام الظروف والتحديات التي تمر بها المنطقة، بالعمل الجاد والفعال لتحقيق التكامل الاقتصادي، لتوفير أسباب القوة ومواجهة التحديات وضمان مستقبل أفضل في عالم لم يعد فيه مكان للضعف أو التفككraquo;.

وأشار إلى أن عددا من الدول العربية قامت، خلال السنوات العشر الماضية، بإجراء المزيد من سياسات الإصلاح الاقتصادي لضبط الموازنات العامة وتحرير التجارة والأسعار وتحسين البيئة التشريعية لمواكبة التطورات الخاصة بثورة المعلومات والاتصالات وتحرير الأسواق.

ونبه إلى أن الأمة العربية تواجه في الوقت الحاضر مجموعة متنوعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، تتطلب إعادة ترتيب الأولويات وتطوير الأساليب والإجراءات، مشيرا إلى أن المحاور والموضوعات المطروحة على جدول أعمال المنتدى تشمل أبرز هذه التحديات، وتأتي في مقدمتها دراسة الجوانب المتعلقة بالأزمة المالية العالمية وآثارها على أوضاع القطاعات المصرفية والمالية بالدول العربية، وسبل تعزيز جوانب الكفاءة في هذا القطاع، إضافة إلى بحث سبل توسيع التجارة والاستثمارات العربية البينية، وجوانب الأمن الغذائي والسياسات الزراعية والطاقة والنقل والمياه وتغيرات المناخ والبيئة.

من جانبه، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، أن الجامعة العربية التي تقود العمل العربي المشترك laquo;تقف أمام (هجمة) تتطلب مساندة منا أمام كل من يحاول أن يدمرهاraquo;.

وقال موسي، في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي، laquo;إن العالم العربي يواجه اليوم مشكلة أكبر من مشكلة غزة والجريمة التي ترتكب بحقهاraquo;، موضحا أن laquo;التصادم العربي لا يبشر بخير، وأصبح لا مخرج منه، إلا من خلال العمل بإصرار على حماية المصالح العربية المشتركة بصرف النظر عن الموقف السياسي غير السوي في العالم العربيraquo;.

وأوضح أن laquo;الظروف التي تتعرض لها غزة غيرت من المزاج العربي، وغيرت من الوضع، ودفعته نحو مزيد من الاضطرابraquo;، مؤكدا أن الاحتلال العسكري مشكلة تتطلب مواجهة من كل نوع.

وقال موسي laquo;هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها القطاع الخاص والمجتمع المدني والحكومات للإعداد لمثل هذه القمةraquo;، موضحا أن الجامعة العربية قامت بالإعداد منذ أكثر من عام لهذه القمة، انطلاقا من أسس متينة عصرية تقوم على التوازن بين دور الحكومات والمؤسسات والمجتمع المدني، ليكون الطرح شاملا مبنيا على كل ما يتمناه أصحاب المصلحة الحقيقية والناس.

ودعا موسى إلى ضرورة التعرض بالنقاش خلال المنتدى لضعف البنية التحتية في الاقتصاد العربي، وبلورة الاقتراحات لمواجهتها لنقلها إلى القمة الاقتصادية.

وأكد أن التعليم بحاجة إلى تركيز، ومناقشة للمقترحات الخاصة به، خلال جلسات المنتدى، مشيرا إلى أن الجامعة العربية بدأت في مناقشة تطوير التعليم منذ قمة الخرطوم قبل ثلاث سنوات.

وأعرب موسى عن أمله ألا تطغى المسائل الاقتصادية على الناحية الاجتماعية، في مناقشات المنتدى، مشيرا إلى وجود تحديات تتعلق بمنطقة التجارة الحرة، التي ما زالت laquo;هشةraquo;.

وأكد أهمية تبني التحرك تجاه الاتحاد الجمركي، لأنه شي مهم للغاية، بالإضافة إلى السوق المشتركة ومشروعات التنمية المشتركة لتحقيق مصلحة الشعوب العربية، معربا عن أمله في أن تشكل القمة المنطلق السليم الذي يعبر عن الناس ورغباتهم وآمالهم في التقدم، وأن تنتقل من وضع التخلف إلى وضع أفضل لها ولأبنائها وللأجيال القادمة.

من جهته، قال رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة العربية عدنان قصار laquo;إن انعقاد القمة الاقتصادية في هذا التوقيت يشكل خطوة جادة من أجل تكوين أسرة اقتصادية عربية على غرار الأسر الأوروبيةraquo;، معتبرا أن laquo;القطاع الخاص العربي بلغ مرحلة من النضوج تمكنه من لعب دور مجتمعي نتطلع إليه، وأن باستطاعته أن يتحمل مسئولية المشاركة في التنمية مع القطاع العامraquo;.

وأعرب عن أمله أن يتمكن مؤتمر القمة من اتخاذ قرارات حاسمة للتحقق الفعلي لمنطقة التجارة الحرة، والبدء جديا في إقامة الاتحاد الجمركي وإنجازه بحلول عام 2015، وصولا إلى السوق العربية المشتركة في عام 2020، بما يوسع فرص الاستثمار ويزيد من مناعتها تجاه الأزمات الطارئة.

ودعا إلى إزالة كافة القيود غير الجمركية والفنية والكمية والمالية وغيرها، التي قال إنها ما زالت تعترض التبادل التجاري البيني. كما دعا إلى معالجة العقبات التي تواجه قطاع النقل، نظرا لأهميته، وسرعة تحرير تجارة الخدمات وتحرير حركة الاستثمارات ورؤوس الأموال، ومنح مزايا تفضيلية للاستثمارات البينية وتحرير حركة انتقال الأفراد.

كما دعا إلى وضع أولوية لسياسات الحد من البطالة وإقامة شبكات أعمال اجتماعية متطورة وتشجيع الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الحديث ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتحقيق الأمن الغذائي العربي، وحث على أهمية مواصلة سياسات الإصلاح الاقتصادي وتوحيد الأنظمة الضريبية وتحسين كفاءة الإدارة وتوفير الامتيازات لتشجيع الاستثمارات البينية، مؤكدا أن أسس الاقتصاد التكاملي العربي متوافرة وأنظار الشعوب العربية جميعا تتطلع إلى قادتها، مشددا على ضرورة تضافر الجهود حتى يتسنى لهذه الأمة أن تجد لها المكانة اللائقة على الصعيد الدولي.

ومن ناحيته، قال المفوض العام للمجتمع المدني لدى الجامعة العربية طاهر المصري، laquo;إن القمة الاقتصادية تعقد في ظروف بالغة الأهمية والقسوة، تواجهها الأمة جراء تعدد الأزمات والتوترات التي تشهدها المنطقة ما بين أزمات سياسية وماليةraquo;.

ونوه بأهمية إشراك المجتمع المدني في كافة مراحل عملية التنمية، مشددا على دوره الوطني والقومي وضرورة إفساح المجال أمامه في مختلف النواحي الحياتية.

وسرد المصري سبعة محاور تعكس دور المجتمع المدني وأهميته خلال الفترة المقبلة وتتمثل في التأكيد على أهمية هذا المجتمع كشريك أصيل في عملية التنمية على المستوى القطري والقومي، وضرورة نشر ثقافة تعمق أهمية دور هذا المجتمع على كافة المستويات، ورفض تهميش دوره ومنحه كافة الامتيازات وإطلاق الفرصة أمامه لكونه يعتمد على الجهود الذاتية بالدرجة الأولى، كما أن المجتمع المدني من الضرورة بمكان تأكيد مصداقيته وشفافية عمله ومهامه، لعدم الارتكان إلى الدعم الأجنبي، وأهمية الشراكة والتكامل بين القطاع العام والمجتمع المدني وتوزيع الأدوار، وتنمية موارده في إطار عملية تكاملية في مختلف المجالات، ودعم البناء المؤسسي وشبكات المجتمع المدني في مختلف الدول، وأهمية تعديل التشريعات لكي تتناسب مع التحركات والمساعي للارتقاء بدوره، إعمالا لمبدأ المساواة بين كافة القطاعات والمواطنين.

الى ذلك كشف نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور محمد الصباح عن مكوث وزراء الخارجية العرب قرابة تسع ساعات، للوصول إلى نتيجة خلال الاجتماع الطارئ الذي عقد أول من أمس في البلاد، لبحث الأوضاع في قطاع غزة.

وأضاف في المؤتمر الصحافي، الذي عقده في وقت متأخر من مساء أول من أمس مع أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى، أن الوزراء laquo;تناقشوا لمدة تسع ساعات في الدورة غير العادية، كي نخرج بمجموعة قرارات، بينما لم يستغرق اجتماعنا ـ كوزراء خارجية ومالية للإعداد للقمة الاقتصادية ـ سوى ساعة واحدة، بسبب وجود توافق للآراء حول هذه القمة، وأهمية عدم التعكير عليها بقضايا لا تمس المواطن العربي البسيطraquo;.

وذكر نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي ووزير الخارجية أن تأثير الأزمة المالية العالمية على الدول العربية أدى إلى خسارة الدول العربية 2.5 تريليون دولار، خلال أربعة أشهر فقط، إضافة إلى تأجيل وإلغاء 60 في المائة من المشاريع التنموية في دول مجلس التعاون، وهو ما يبين حجم الخسائر التي لحقت بالاقتصاديات العربية جراء الأزمة.

وأوضح الشيخ محمد أن laquo;القمة العربية الاقتصادية في الكويت ستناقش قضايا لم تناقشها أي قمة عربية سابقة، وهو أمر يميزها، حيث ستبحث قضايا اقتصادية واجتماعية، مثل الجهل والفقر والجوع، إضافة إلى قضايا شبكة الربط الكهربائي وسكك الحديد والتعليم والصحة، وهي قضايا تمس حياة المواطن العربي اليوميةraquo;.

وأكد أن جميع الدول ستكون ممثلة بالقمة التي لم تكن يوما ما محل ممانعة إطلاقا من قبل القادة العرب، معتبرا أن الاجتماع التشاوري بالدوحة لا يمكن القول بأنه سيؤثر على أعمال قمة الكويت، laquo;فنحن لا نستطيع أن نقرر ما إذا كانت قمة الدوحة ستؤثر على القمة في الكويت، وعلينا الانتظار.. حيث سيأتي الجميع إلى الكويت، وستتم وقتها مناقشة قضايا القمة كافةraquo;.