عزيزة المفرج

قبل أن تتقاعد صديقتنا أم طلال، منذ زمن ليس ببعيد، كانت تعمل معها مجهزة طعام تتحدث بلهجة مخلوطة، وكانت ترفض الحديث عن الجنسية، وتدعي زواجها من بدون. اختفت فترة من الوقت حين بلغ أكبر أبنائها الثامنة عشرة من عمره، وتوارد الخبر بعدها بأنها سافرت لسوريا لدفع بدل التجنيد له. حين عادت تحدثت معها أم طلال فاعترفت عن أسباب اخفائها الجنسية قائلة quot; بلكن انشاالله الحكومة تعطينا جنسية، وبلكن انشاالله تعطينا بيتquot;. يمكننا طبعا صف كل قائمة (البلكن) التي يسيل لها لعاب الخلق، وتدفع شريحة كبيرة من الغشاشين والمزورين من مختلف الجنسيات لاخفاء ثبوتياتهم والادعاء أنهم بدون، ثم الخروج على شاشات الفضائيات شاكين بؤسهم وفقرهم ومعيشتهم الصعبة في الكويت التي لا تحترم الانسانية. صديقتنا الأخرى أم بدر، أو كولومبو (لديها حس بوليسي، وليست من النوع الذي يمرر موقفا فيه اساءة للكويت) كانت في مراجعة لادارة الهجرة في الفروانية لاستخراج وثيقة، وقد أخطأت بدخول قسم كتب عليه اعلان رغبة. في المكتب جلست أربع فتيات ملتفات بعباءاتهن ومعهن رجلان مسنّان، وأيضا أربعة من الشباب جالسين في أحد جوانب المكتب. بلاغة الشف وحب الاستطلاع دفعت صديقتنا كي تسأل احدى الفتيات عن معنى اعلان رغبة. سألتها الفتاة ان كانت من فئة البدون فأجابت بالايجاب فطلبت منها الفتاة أن تجلس الى جوارها. سألتها صديقتنا عن سبب وجودها في ذلك المكان ف(خرّت) لها السالفة من طقطق الباب الى مع السلامة. أخبرتها أنها وأختها الجالسة الى جوارها جاءتا مع والدهما وكذلك عمهما بصحبة ابنتيه بغرض اعلان رغبة. قالت لها أنه تم عقد قران الأربع فتيات على أربعة شباب كويتيين صوريا كي يتسنى للشباب قبض الأربعة آلاف دينار من الدولة، وتسجيل طلب سكن في الاسكان، والانتظار كل في منزله حتى يتم تسجيل اعلان الرغبة على أن يقبض الشباب أربعين ألفا مقدما، وأربعين ألفا بعد أخذ الفتيات للجنسية الكويتية على أساس عشرة آلاف دينار لكل منهم، أى أن الشباب فاتحينها وكالة، يبيعون جنسية بلدهم على من ترغب (والله والنعم فيهم خوش شباب يخافون على مصلحة بلدهم). الفتيات البدون لا يمكن لومهن فهن يردن التخلص من أوضاعهن المضطّربة، ويبحثن عن الأمان في ظل جنسية محترمة توفّر لهن ذلك الأمان، هذا بالطبع ان صدقنا أنهن من فئة البدون. السؤال عن تلك المبالغ الباهظة التي دفعها آباؤهن بما يدل على أن بعض البدون و(نكرر بعض قبل رجمنا بالحجارة) هم أغنى في الواقع من كثير من الكويتيين، حاملي راية الصيت ولا الغنى، الذين لا يملك أحدهم آخر الشهر نقودا يملأ منها خزان سيارته. عمليات بيع الجنسية الكويتية بهذا الشكل تتطلب من الدولة آلية تقضي بها عليها بعد أن بلغ السيل الزبى، ولخطورة ذلك على النسيج الاجتماعي، فلحقوا ياجماعة قبل أن يتضاءل عدد أهل الديرة الأصليين مقارنة بغيرهم، ويصبحوا كفريق كرة القدم، خمستعش نفر مع الاحتياط، ويسموننا وقتها فريق السور.

[email protected]