رضي الموسوي

ليس هناك أكثر من لقمة العيش حين يجري التلاعب بها ووضعها في إطار التسريبات وجس النبض وعمليات اللف والدوران التي مارسها المسؤولون الحكوميون إزاء رفع أسعار البنزين، التي أضحت حقيقة بعد التصريحات التي أطلقها وزيران في مجلس النواب دفاعا عن رفع الدعم عن هذه المادة الهامة والأساسية.
رفع أسعار البنزين يعني رفع أسعار باقي السلع. فالسلع، كل السلع سوف تتأثر مع ارتفاع أسعار المادة الأساسية للمواصلات ونقل البضائع من مكان إلى آخر. ويبدو أن من أشار على الحكومة بالبدء برفع أسعار البنزين لم يقدر المسائل حق قدرها. فكما يعرف كثيرون فإن قائمة طويلة من المواد الأساسية كانت تحت مجهر الحكومة وموضع متابعة من أجل رفع أسعارها، وكان بينها البنزين، إلا أن التخبط اختار البنزين والغاز للبدء في عملية الزيادات وكأن المواطن في وضع يستطيع تسديد ما عليه من فواتير لتسيير أمور حياته المعيشية لتأتي الحكومة وتضعه أمام الخيارات الصعبة التي أحلاها أمر من العلقم.
في خطوة كهذه، كان يفترض من الجهات الرسمية قراءة المعطيات كما هي وليس كما يحاول بعضهم تصويرها بأنها وردية. فالواقع يشير إلى اضمحلال كبير في الطبقة الوسطى وتزايد هائل في قاعدة ذوي الدخل المحدود، بالرغم من الإحصاءات الرسمية غير الدقيقة والمرتبكة في تحديد هاتين الفئتين. فمرة تحسب مساعدة معونة الغلاء على أساس راتب قدره 1500 دينار للأسرة، وسرعان ما يتراجع هذا الرقم إلى أقل من النصف ليصبح 700 دينار. في الخطوة الأولى ظن الكثيرون أن راتب 1500 دينار هو المؤشر لدخول صاحبه الطبقة الوسطى وبالتالي لايستحق 50 دينارا علاوة الغلاء، ثم تحول الإسم إلى الدعم المادي لذوي الدخل المحدود. وفي الحقيقة لاهذه صحيحة ولاتلك. فتكاليف الحياة المعيشية لم تسجل تراجعا بين القرارين، بل خضعت لقانون العرض والطلب الذي لم يشهد هزة محرزة أو تغيرا يذكر.
ما يحدث الآن من محاولات ملتوية لرفع أسعار المواد الأساسية من خلال رفع الدعم عن البنزين هو عبث بالسلم الأهلي، وإفقار لعشرات الآلاف من المواطنين الذين يعيشون اليوم ضنك العيش فكيف سيكون الأمر معهم مع أول خطوة للزيادة؟
لقد استبشر المواطن خيرا بالإستراتيجية الوطنية ,2030 باعتبارها عاملا مهما في رفع مستوى معيشة المواطن، إلا أن الخطوات الأولى لتنفيذ هذه الإستراتيجية معرضة للرسوب والفشل.
lsquo;rsquo;العيش المرrsquo;rsquo; هو ملف lsquo;rsquo;الوقتrsquo;rsquo; لهذا اليوم، نحاول من خلاله تسليط الضوء على مواقف وآراء الاقتصاديين وأعضاء المجلس النيابي والتجار والمواطنين العاديين المعنيين أساسا بكابوس رفع الأسعار.