بين تعريب الفكرة وتطبيقها:

هل تنجح أول مجلة paparazzi عربية

إنها المجلات الفنية.. أصل المشكلة. هذه المجلات التي لم تتمكن يوما من كسر حدة الروتين الذي فتك بها منذ مدة ليست بقصيرة، فاختلفت المقاربات وتحولت المقابلات الفنية العادية إلى مساحة للفضائح، وصور عارضات الأزياء إلى تعر. وبعيدا عن مناقشة صحة هذه المقاربات أو عدمها، باتت هذه المجلات تتشابه شكلا ومضمونا.وبالتالي فإن الهامش الوحيد للإختلاف إنحصر في فضائح إضافية وعري أكبر...مجلة فنية جديدة في الأسواق اللبنانية، خبر لا يحمل أي جديد. فما المثير للإستغراب في مجلة فنية تصدر عن لبنان تحديدا..الإختلاف "الكبير" هنا هو هوية هذه المجلة.فعلى الرغم من كون star فنية بحتة، لكنها فنية غير عربية فكرا وتعاطيا وكتابة وإخراجا وإن كانت تنطلق من مجتمع عربي. انها أول مجلة paparazzi عربية .

وبين تعريب الفكرة وتطبيقها كان النقاش.

Paparazzi معرب

يميل العرب بشكل عام، إلى تشويه مبدأ تعريب الأفكار الأجنبية عبر سوء إستخدامها. إذ يتم أخذ الفكرة، التي لا تتلاءم بأي شكل من الأشكال مع المحيط الشرقي، وتبدأ عملية التحويل.. والنتيجة توم كروز في "الدشداشة".

.. مجلة paparazzi عربية .. بمضمون عربي .. ومشاهير عرب . مفارقات لا بد من التوقف عندها .

لعل المنفذ الذي أوجدته star لنفسها كي لا تقع في "محظورات" تعريب الفكرة وفشلها هو الإعتماد على الصور. هذا التوجه جعل منها مجلة مصورة بالدرجة الأولى، فيمكن وببساطة وصفها بـ"قليلة الكلمات .. كثيرة الألوان والصور".

يميل رئيس تحرير مجلة ستار سليمان عودة إلى وصفها ..بالـ"مصورة .. خفيفة ..نظيفة" ..هذا الوصف الذي إعتمدته المجلة كشعار لها .إذن ..هي مجلة مصورة، أي الإعتماد الأكبر هو على الخبر المصور.. من صور paprazzi وغيرpaprazzi . ." نحن لا نعتمد على شائعة تطلق حين تكون بلا صورة يمكنك كل يوم كتابة مئات الشائعات التي تطال النجوم والنجمات العرب والأجانب .. هذه النوعية لا تعنينا إلى حد ما.. ما نهتم به هو الصورة التي قد نعلق عليها أوقد تكون معبرة عن نفسها لا تحتاج إلى أية عناية كتابية " تعريف مبسط من عودة للمبدأ الذي تعتمد عليه star ..

ثانيا هي خفيفة .. هذه الخفة التي تسعى إلى تقديم المضمون بقالب "مهضوم" قد تنقلب على أصحابها في مراحل لاحقة وتتحول إلى "خفة مفتعلة " قد تؤدي إلى " السخافة ".. وإن كان العدد الأول الذي من المفترض أن يصدر في الثامن عشر من الشهر الحالي إلتزم وبقوة بالخفة اللذيذة التي جعلت من النصوص والصور متعة للقراءة ، الا انه لا يمكن بأي شكل من الأشكال إعتباره معيارا للأعداد القادمة. وأي حكم على قدرتها على المحافظة على هذه " الهضامة " مرهون بالأشهر القليلة المقبلة ..أما نظيفة فهي إستكمالا .. للخفة لا أكثر ..

محظورات الـpaprazzi العربي

"نحن نعي أننا ننطلق من وإلى مجتمع عربي " تأكيد من رئيس تحرير مجلة star يختصر عدم إمكانية الإنطلاق بفكرة "مستوردة " حتى حدودها القصوى، من هنا كان لا بد من الإلتزام بالمحظورات "العربية" وإن كان هامش الحرية لهذه المجلة تحديدا أوسع من البقية الباقية.

"الهدف هو أن نبيع عملنا للقارئ وتاليا القارئ والمعلن معا وليس للفنان ".. قرار يفترض سلفا وجود "ميزانية " أمنت لها هذه الإستقلالية المادية التي أغنتها عن خدمة نجومية أي فنان أو نجم كي تضمن شراء أحدهم لغلاف عدد ما أو تأمين المقابلات .." أما بقية المحظورات .. فهي التي تلزمنا بها الرقابة اللبنانية .. فحتى لو تمكنا من الحصول على صورة أحد الفنانين عاريا على سبيل المثال ، لن نتمكن من نشرها "..من هنا كان التركيز على إبراز "الهفوات العارية" من فستان إنزلق قليلا من دون إنتباه.. أو عري عفوي محدود غير مقصود.

حسنا.. هناك إلتزام واضح بخطوط عريضة. خطوط أسقطت حكما حرية الـpaprazzi المعروفة عالميا والتي تختصر عدم التقيد بأي "محظورات" .. من هنا لا بد من إلزام star بـصفة عربية . إلا أن محاولات خروجها عن الإطار السائد للعمل الفني قد تجعل منها الأولى عربيا في مقارباتها "غير التقليدية " التي تسعى إلى كسر تلك الهالة التي تحيط، طوعا أو إلزاما، بالمشاهير العرب. فمن المؤكد أنك ستجد فيها صورة فنان يعقد شريط حذاءه، او يأكل بطريقة عشوائية، أو يقوم بأي من تلك التصرفات االبشرية الطبيعية أو حتى غير الطبيعية.

لكنها وخلافا لمثيلاتها الأجنبيات، إن صحت المقارنة، لن تعطيك من نجومك أكثر مما تراه في الواقع لسببين، الأول مرهون بالخطوط العريضة التي يمنع تجاوزها والثاني مهمش مع الواقع العربي الذي لا يعطي للصورة قيمتها الفعلية. ففي الوقت الذي تخصص المجلات و الصحف الاجنبية مبالغ طائلة من أجل الحصول على صورة ما، تميل العربية إلى "إستغباء" هذا المبدأ. فالمصور الأجنبي مستعد لإمضاء 15 يوما في ملاحقة فنان، أو قد يمضي أسبوعه يترصد لأحدهم من أجل لقطة واحدة قد تغنيه عن العمل لأشهر. أما المصور العربي فملزم بكمية هائلة من الصور وبملاحقة الأخبار هنا وهناك من أجل الحفاظ على مستوى معين يضمن له إستمراريته في العمل. والمقصود بالمستوى عربيا..عدد كبير من الصور التي يمكن أن تجد نسخ طبق الأصل عنها في كل المجلات أو الصحف.

وبين محاولة الخروج عن التقليدي مضمونا، والتوسع بمبدأ إعتمدته المجلات العربية بشكل خجول جدا وفي مرات قليلة، كان لا بد من إبتكار شكل خاص لهذه المجلة "المختلفة ".

الإخراج العربي _الأجنبي :


للوهلة الأولى، وإنطلاقا من الشكل العام للمجلة، تبدو
star وكأنها مجلة أجنبية. وخلافا للمجلات العربية التي تعتمد فرد صورة أو صورتين للغلاف مع الوان "هادئة" مع بعض العناوين الموزعة هنا وهناك، تبرز star بجنون ملون يجعلها مختلفة تماما عما هو متداول عربيا. وبين الإختلاف وتعريب المبادئ، تبرز القدرة الإبداعية في تحويل الشكل العربي إلى شكل أجنبي غير معرب وإن كان مشابها له في مراحل معينة.فيبرزغلاف ستار بصوره العديدة، والوانه الجريئة والعناوين الموزعة بين عربية وأجنبية ..غلاف غير عربي _ غير أجنبي وإنما مزيج بينهما . مزيج جميل .. نعم .محفوف بالمخاطر .. لا شك في ذلك .هذه الهجمة الجريئة إخراجا ومضمونا رهن بمزاج قارئ تعود على صورة ومقابلة، ولون ولون آخر لا ثالث لهما ..وها هي star تخرج بكامل جرأتها الإخراجية مراهنة على طواعية هائلة في مزاجية القارئ. ونتيجة لإعتماد هذا النمط الإخراجي فإن إستثناء شريحة كبيرة من الجمهور أمر مسلم به. قد يتقبل القارئ الجديد المختلف وقد لا يتقبله، البعض لا يزال يفضل المقابلة التقليدية مع صور موزعة هنا وهناك. هذا الشكل لن تجده في star .. فالمقابلة على سبيل المثال هي صور موزعة بطريقة خفيفة مع call out يصرح فيها النجم ما يريد قوله . (call out هو الأسلوب المعتمد في المجلات المصورة كمجلة سوبرمان ).

"نحن لا نتوجه الى المثقفين .. و ببساطة إن كان أحد يبحث عن الثقافة فليجدها في مكان آخر، مجلتنا هي للترفيه المميز .. لا أكثر "..تبرير من رئيس تحريرها من المؤكد أنه سيغني المجلة عن إنتقادات عديدة .." لا نريد اي قارئ أن يطالع مجلتنا أكثر من مرة .. فليقرأها مرة ويرميها .. وإن كان قد إبتسم وأمضى ربع ساعة خفيفة معنا .. فلقد حققنا هدفنا ".

والسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة، هل تمكنت star من خلق نمط إخراجي خاص بها، أم أنه مزيج من أفكار أجنبية مقولبة في إطار يناسب الجمهور العربي ؟ المجلة وبشكل عام لم تأت بالجديد الخاص، لكنها تمكنت من توليف نمط مختلف. وبإختصار تمكنت من التوصل إلى "الإختلاف" وإن لم تكن قد إبتدعته بشكل كامل ..وما يميزها عن الأنماط العربية والأجنبية معا، هو المزج بين القليل من هنا وهناك ضمن هويتها و"خفتها" الخاصة. ويبقى نجاح هذا الشكل أو عدمه مرهون بالقارئ .

إستبدال الكلمة بالصورة :

ما الذي تتضمنه المجلات الفنية بشكل عام؟ المواد المتعارف عليها والعديد من المقابلات وباب للموضة والأخبارالفنية، دليل التلفزيون وبعض المقالات إضافة الى التحقيقات الفنية.كل هذه الأبواب إعتمدتها star . الشبه موجود والإختلاف هو في المقاربة.فالمقابلة هي على طريقة الـcall out ، أما باب الموضة فهو رصد لما هو رائج بين المشاهير من ملابس أو اكسسوارات وقد لا يكون جميلا أو أنيقا .أما الأخبار الفنية فهي موزعة بين صور paprazzi تكون حصرية لها ، وبين اللعب على الصورة التي قد تتضمن تفاصيل تجعل منها حدثا بعينه.

أما المقالات و التحقيقات الفنية فهي موزعة تحت ابواب وترويسات مختلفة تعتمد على الإختصار في الكلمات والإكثار من الصور والخروج عن كل ما هو تقليدي. أما دليل التلفزيون الذي هو الأول باللغة العربية في لبنان، فهو عبارة عن عرض للبرامج مع شرح بسيط، إضافة إلى نقد مع تقييم لجودة هذا البرنامج أو ذاك الفيلم ..هذا التقييم الذي تجده بشكل رسوم تنصحك بمشاهدته أو النوم أو تعلمك أنه برنامج ممل. ومجددا لم تأتstar بالجديد وإنما أخذت القديم المستهلك والبسته حلة جديدة،ملونة بشدة ..جعلته وببساطة مرحا .هذا التوليف لا ينتقص من قيمتها كمجلة خطت خطوة جرئية وإن كان يضعها موضع المتهم .. حتى يثبت جدارته.

وبين واقع سمح بهامش محدود للمناورة، و مبدأعام للفكرة يتطلب المزيد من الحرية،صدرت أول مجلة paprazzi عربية. خطوة جديدة نحو صحافة فنية مختلفة يبقى نجاحها أو فشلها مرهونا بالأشهر القليلة القادمة.