فاطمة خير: لم يعد مستغربا ان تكون اعزبا في بلد السبعين مليون نسمة ،وان ظل امر مستهجنا .! فالشعب المصري ـ ورغم كل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية ـ ما زال يقدس الزواج .فهو وفقا لدراسة يعتبر غاية وهدف اساسي للحياة لانه يؤدي الى الانجاب .
وعلى الرغم من ذلك فان آخر التقارير الرسمية( للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء) تبرز ان اكثر من تسعة ملايين شاب وشابة ما زالوا دون زواج ( بينهم 4 مليون امرأة و5مليون رجل) ، إضافة الى تقرير آخر_ صادر عن الجهاز نفسه _يؤكد أن 88ألف حالة طلاق تقع كل عام ، و أن الزوجة المطلقة تظل فى الأغلب دون زواج عكس الرجال الذين يسارعون للارتباط مرة أخرى .
يذكر ان نسبة الطلاق ارتفعت في مصر من 7% عام 1970 إلى 40% عام 2000،و40% من حالات الطلاق تقع لأزواج تحت سن الثلاثين .
الخوف من العنوسة
يمكن وصف علاقة المجتمع المصري بزواج الفتيات بالمرتبكة، فالمجتمع الذي يؤمن بأن quot;ظل راجل ولا ظل حيطة quot; بات لا ينتقد كثيراً فتاة تعدت الثلاثين ولم تتزوج . إذ أنه بات أمراً مألوفاً ـ إلى حدٍ ما ـ كما لا ينتقد أيضاً فتاة في الخامسة والعشرين مطلقة وبطفل أو بدون .
فالام المطلقة او المطلقة بشكل عام واقع موجود ،ولكن في الوقت نفسه ورغم تأخر سن الزواج عند الفتيات ،وارتفاع معدلات الطلاق لدى حديثي الزواج ، لا ترغب الأسر في إعتبار الأمر على أنه متغير اجتماعي جديد له أسبابه وأبعاده ، بل تفضل اعتباره حالات فردية مردها سوء الحظ ،أو أن quot; النصيب لسه ما جاشquot; ، أو حتى وجود أعمال سحرية تحول دون زواج الفتاة !
ومن جهة اخرى لا يفوت الآباء فرصة تزويج البنات دون استغلالهن ، وطبعا دون الافصاح عن ذلك صراحةً حتى لا يثرن غضب وتمرد الفتيات ، ففي الأسرة التى تتعدى كبرى بناتها الثلاثين يصبح الالحاح فى الزواج موجهاً نحو الأصغر سنا حتى لا يصلن الى مرحلة عدم الاهتمام بالزواج او نبذه بعد تدارك أنه لن يقدم لهن حياة النعيم كما فعلت الكبرى ،والتى تتحمل غالباً مسؤولية عدم زواج أخواتها الأصغر سناً باعتبار أنهن يقلدنها.
وفي الواقع إن ارتفاع سن الزواج لدى الفتيات يرجع الى أسباب عدة منها الاقبال على التعليم الجامعي ، عدم احساس الفتيات ـ فى ضوء وعيهن المتزايد ـ بأن الزواج هو وحده مرفأ الأمان لهن في الحياة، النجاح المهني الذى يجعل الفتاة تبحث عن شريك لا يقل نجاحا او انتاجية .اضافة الى الخوف من عرقلة الزوج لنجاح زوجته وعدم الرغبة فى الإنجاب مبكراً ، هذا بالطبع بالاضافة إلى الظروف الاقتصادية التى تجعل الشباب غير قادر على الزواج.كل هذه الاسباب مجموعة او كل على حدى تؤدي غالباً إلى الطلاق المبكر . وأمام كل هذا تظل الأسر مصرة على نظرتها التقليدية لأسباب عدم زواج الفتاة التى شارفت على الثلاثين أو طلاق الفتاة التى تزوجت حديثاً ، دون النظر إلى المتغيرات كافة التى طرأت على ظروف الشابات المصريات .
تبادل خدماتوعادت الخاطبة لتجد لها مكاناًفي حياة المصريات وان كان بشكل مختلف عما كانت عليه في الماضي. فرداً على عزوف الشباب والفتيات عن الزواج وعلى تسرعهم فى الطلاق، تولى الآباء مهمة اقناع كل شابة في المحيط العائلي أو العملي بالزواج ، وصار أمراً عادياً أن تتلقى الفتاة اتصالاً هاتفياً من والدة صديقتها تخبرها فيه أن زميلتها فى العمل تبحث عن عروس فى مواصفاتها لقريب لها وكأنها بذلك تحقق رغبتها فى أن تتزوج إبنتها اذا تزوجت صديقتها ، خاصةً وأن الأهل يعتقدون بأن الفتيات يشجعن بعضهن على عدم الزواج . وبهذا الشكل التقليدي واللهفة على تزويج الأبناء،لم يعد مستغرباً أن تسمع عن زواج تم خلال أسبوعين فقط لشاب وشابة لم يتقابلا من قبل !وحفظاً لماء وجه العروس يتم ترتيب مقابلة بينها وبين العريس المنتظر ويتم الاتفاق على ان العروس لن تعرف شيئاً عن حقيقة المقابلة حتى لا تتعرض للاحراج في حال لم يستسيغها عريسها المرتقب ولكنه في الواقع يتم ابلاغ العروس بتفاصيل الخطة كاملة كي تظهر في أبهى صورة وان كانت تدعي عكس ذلك حفاظا على كرامتها في حال تمت او لم تتم الزيجة .
ومن جانب آخر ،تنتشر مكاتب الزواج بشكل متزايد يوماً بعد الآخروالتي تقدم فرصاً للزواج عن طريق ترتيب المقابلات مقابل مبلغ مالي مع الحفاظ على سرية المعلومات التى تقدمها الفتيات ، وبعض هذه المكاتب يتخذ طابعاً دينياً والبعض الآخر تملكه سيدات للتأكيد على الطابع الأسري..بمعنى اخر خاطبة عصرية .
ورغم كل تلك المحاولات ، لا تزال نسب عدم المتزوجين ـ ممن هم في سن الزواج ـ فى ارتفاع مستمر ، ولا تزال نسب طلاق حديثي الزواج في ازدياد ، دون اهتمام واع من الأسر بجذور ذلك ولا تقييمه بحياد يؤدي إلى رؤية أفضل لأبعاده .
التعليقات