نسرين عزالدين: يشبه لبنان قانون سيره .. هذا القانون الذي قلة تعرفه ولا يطبقه احد.
يشبه لبنان فصوله التي ما ان تحط رحالها في بلدنا الاخضر حتى تتحول الى كوارث.
..فصل الشتاء عكر كمزاج اللبنانيين. وهذا المزاج العكر لم ينشأ حديثا ولا علاقة له بالتفجيرات والاوضاع السياسية والاقتصادية المتردية، بل يعود الى ابعد من ذلك بكثير حتى يخيل اليك ان اول لبناني كان صاحب مزاج لا يطاق لتأتي سلالة كاملة من اللبنانيين بمزاج عكر.
وحين يتداخل الشتاء مع قانون السير تتحول الشوارع الى قنابل موقوتة _ شعب نكد لا يفقه من قوانين السير سوى استعمال البوق بكثافة واطلاق سيل من الشتائم على الاخرين _ وحينها فقط نشبه حكومتنا.
اللبناني يرى في قيادة السيارات مساحة للتعبير عن طباعه ومزاجه، كذلك السياسي فمركزه القيادي مساحته للتعبير عن مزاجه وطباعه.
quot;المراياquot; بالنسبة للبناني quot;تنفيخquot; اضافي، اكسسوارت لا حاجة لها. لا بل يمكن ان يعتبرها زوائد هدفها الوحيد تشتيت تركيزه، لذلك فهو يقود الى الامام فقط ، لا هم له بكل ما يحدث خلفه او الى يمينه او يساره. تماما كحومتنا، وجهتها الى الامام فقط، لا ترى ولا تسمع ولا تشعر بكل ما يحيط.
حدق وتقدم ولو كان امامك حائط، لا بأس اصطدم به.
وان بحثت بشكل ادق فستجد لكل سياسي ما يشبهه تماما في quot;الشارع اللبنانيquot;.
فالنائب وليد جنبلاط يشبه الى حد كبير quot;الفاناتquot; (الميكرو باص).. لا يمكنك القيادة خلفهم او امامهم او الى جانبهم ،وحين يلوح لك احدهم في الافق quot;فسمة البدنquot; اتية بشكل تلقائي.
يتوقفون حين يشاؤون لا هم لهم من خلفهم ومن امامهم، ينتقلون بسرعة ومن دون سابق انذار من اقصى اليمين الى اقصى اليسار والعكس حين يحلو لهم .
اشارات السير بالنسبة لهم مجموعة اضواء لتزيين الشوارع.. واشارة التوقف مجرد لون اضافي. لا شيء يوقفهم ولا شيء يلزمهم باعتماد خط واحد.
وفي احيان اخرى يشبه التاكسيات .سياراتهم تكاد لا تقوى على السير من شدة ما اصابها من تصدعات وان اقدمت على الخطوة المحظورة وتبادلت اطرف الحديث مع السائق فلا سبيل لاسكاته ولا سبيل لمنع سيل quot; النقquot; والشتائم لكل من جعل حاله على ما هو عليه. وان ولسبب ما قرر عدم النق فلا سبيل لاسكاته في كل الاحوال، مهما كان حديثه.
..في لبنان ربيع استقلال ايضا.. لا يشبه الربيع الطبيعي بشيء سوى انه تم في فصل الربيع.
فالربيع بشكل عام شهر quot;ودودquot; اما ربيع الاستقلال فقرر السيطرة على بقية الفصول وتقرير مصير لبنان وحده.
هكذا قرر النائب وليد جنبلاط ان يصبح ربيع استقلاله..
ما الفرق بين ربيعي وربيعه. وما الفرق بيني وبين وليد جنبلاط.
هو ولد وفي فمه ملعقة من السلطة والجاه وانا ولدت وفي فمي ملعقة من الحديد .
هو وظيفته ان يستمر في السلطة، وانا وظيفتي العمل بكل ما املك من طاقة كي اتمكن من العيش.
هو لا يشغل بالا بفاتورة هاتف لم يتمكن من تسديدها، او قسط سيارة يمتد لخمس سنوات.
هو لا يحاول التحايل على الطقس بارد واعتماد التدفئة بين حين واخر خوفا من فاتورة كهرباء مرعبة.
هو لا يؤجل مشتريات ضرورية لشهر اخر لان معاش الشهر الحالي قد استنفذته فواتير الدولة.
لعل الامر الوحيد الذي يجمعنا هو انه لبناني وانا لبنانية.
هو لبناني quot;يحق لهquot; تقرير مصير لبنان وتهميشي .. وانا لا يحق لي تقرير مصيري وتهميشه لانني لا املك حتى ذلك الحق.
والسبب الوحيد هو انه هو في المختارة وانا في بقعة ما في لبنان.
هو السلطة وانا الشعب..
وكما قرر نائبنا فان الديموقراطية، التي أوجدوا ربيع الاستقلال من اجلها، هي ان تقرر السلطة مصير الشعب.. وعلى الشعب ان يخرس.