تمارا بزبز من عمان: رغم صدور تعليمات جديدة لتراخيص صالونات قص الشعر، منعت مزاولة مهنة الوشم المعروف بـquot;التاتوquot; داخل الصالونات، ومراكز التجميل النسائية والرجالية في الأردن، حيث إن قرار المنع الحكومي الذي صدر مطلع شهر تموز الجاري جاء على خلفية احتواء الأحبار المستخدمة في عملية الوشم على مواد quot;مجهولة غالباquot;.

إلا أن الشباب الأردني مولع في هذه الظاهرة حيث إنها تطورت في الآونة الأخيرة تطورا ملحوظا فبات الشباب والفتيات يرسمون الوشم على أماكن مختلفة من الجسم تظهرجمال الفتيات وقوة الشباب على حسب بعض الشباب، وجاءت هذه الظاهرة لتواكب الموضة العالمية التي يتبعها الشباب العربي في محاولة منه لتقليد الغرب تقليدا أعمى ومنهم من يرسم الوشم اعتقادا منه أنها تمنعه الحسد أو أنها تزيد في الجمال وتزيد ثقة الشاب أو الفتاة بالنفس ، ومن الشباب أنفسهم انطلقنا لنتعرف إلى أسباب ودوافع حبهم ولهفتهم لوضع التاتو على أجسامهم فكان هذا التحقيق:


يمنح القوة والثقة بالنفس


quot; موضة quot; كلمة خرجت عفوية من شاب لم يتجاوز عمره الثامنة عشرة يتربع على كتفه أسد دالا على القوة على حد تعبيره حيث أوضح اشرف بأنه يتباهى بهذا الوشم الذي نقشه على كتفه منذ عامين موضحا انه دلالة على القوة والزعامة ، ويقول التاتو موضة مشيرا إلى انه يحب مواكبتها .

في حين يرى سمير بان التاتو الذي رسمه بواسطة الليزر على كتفه إنما يشعره بالقوة حيث قال التاتو يشعرني بالقوة.

ويقول عيسى الذي يحتوي جسمه على عدة أشكال غريبة الوشم يستهويني ويوضح ان هذا الأمر شخصي وهو يضع التاتو منذ أكثر من خمسةأعوام .

quot; يمنحني الثقة quot; هذا ما قاله حسام عند سؤاله عن التاتو المنقوش على عضلات يده حيث قال ان رسم صورة الصقر هذه تمنحه الحرية والثقة التي يريد .

مرغوب عند بعض الفتيات
أما عن ريم التي رسمت التاتو على أعلى صدرها تقول التاتو موضة وهو يكمل جمال المرأة ولا أرى فيه أمرا غريبا أو خاطئا ، مضيفة ان المجتمع دائما يرفض الشيء الجميل .

في حين تقول جمانة التي نقشت قلبا على كتفها ، نقشت هذا الرسم على كتفي دلالة على حبي لخطيبي .
وتقول رانيا التي كانت رسمت حواجبها بالتاتو بان تحب التاتو للتجميل والتزيين فقط كرسم الحواجب مثلا أما الأمور الأخرى كالرسم على مناطق معينة من الجسم فهذا ما لا أحبذه أبدا .

بينما ترفض مريم فكرة التاتو نهائيا مشيرة إلى انه بات في الآونة الأخيرة سبيلا إلى الانحلال الأخلاقي فباتت الكثير من الفتيات تضعه في أماكن لافتة وحساسة للفت النظر .

كيفية عمل التاتو


وبحسب مختص تاتو يعمل في أحد الصالونات في العاصمة الأردنية عمان تبدأ خطوات رسم التاتو سواء كان لعمل مكياج دائم أو تطبيق رسم معين على الجسم بوضع كريم مخدر تفادياً للألم ثم تبدأ عملية الرسم بحقن مادة الحبر الخاص بمكياج التاتو في الجلد، وذلك بعد تعقيم الجهاز الذي تثبت عليه الإبرة التي تستخدم لمرة واحدة ويعبأ الحبر من خلالها، وتتفاوت ألوان الحبر المستخدم تبعاً للرسم المطلوب.
وفي حالات المكياج الدائم تستوحى الألوان من درجات المكياج المتعارف عليها لتحديد العيون والشفاه.
وquot;تختار الفتيات رسومات مثل الفراشة كناية عن الحرية أو الدولفين مثلاً للفتيات المحبات للبحر، فيما يختار الشباب رسومات تدل على القوة كالأسد أو النمرquot;.

وبالنسبة إلى تاتو الحواجب يشير إلى ان اختيار الرسمة يتبع لدراسة ملامح الوجه ومدى ملاءمة الرسمة مع تفاصيل الوجه.
ويقسم التاتو إلى دائم وموقت. ويتحدد ذلك بمدى اختراق مادة الحبر للجلد في الابرة. ويعتبر التاتو وشما دائما لا يزول إلا بالليزر عندما يخترق الحبر ثلاث طبقات من الجلد، في حين لا يدوم التاتو إلا لفترة تمتد من ستة أشهر إلى عام ونصف عند حقنه في الطبقة الأولى من الجلد.
و تتفاوت تكلفة تاتو الحواجب الدائم بين 100-200 دينار وهي التكلفة ذاتها لتطبيق رسم كامل. ويبرر ذلك بما يتطلبه العمل في تاتو الحواجب من دقة ووقت مقارنة مع الرسم.

ويذكر أن مكونات الحبر الخاص بالتاتو تتنوع بين أوكسيد الحديد، الجليسرين، إيسانول، إلى جانب الصبغات النباتية، والكحول والمياه المعقمة.
ويشكل مكياج التاتو حلاً مثالياً في كثير من الحالات مثل ضعف النظر لمن يضعون نظارات طبية، أو الحساسية من مستحضرات التجميل، إضافة لحالات الشلل الرعاشي التي يصعب معها استخدام أدوات المكياج، كما أنه مناسب للرياضيين ومن يعيشون في بلاد ذات مناخ حار.
أما عن طرق إزالة التاتو الدائم فيبين ان ازالته تتم باستخدام بعض انواع الليزر، مشيراً إلى اختلاف الليزر المستخدم لازالة الوشم الأزرق عن الليزر المستخدم لازالة الوشم الأحمر والأخضر. ويوضح أن إزالة الوشم بالليزر تتم بعملية غير مؤلمة وتتفاوت تكلفة إزالته تبعاً للمساحة.
مختص أخر يرى أن الرسم على الجسد موضة ليست حديثة مبينا أنها quot;كانت منذ عصورquot; مشيرا إلى ان سعر الوشم يتراوح حسب حجمه واتساعه في الجسم ودقة الرسم وزخرفتها، الذي يبين ان اغلب زبائنه اعمارهم تتراوح من 20- 30 عاما .
ويقول يسبق النقش وضع كريم مخدر لتخفيف الألم المصاحب لعملية الرسم ومرهم مضاد للالتهاب، مبينا أهمية quot;توفر مياه نقية وثلج وقطن معقمquot;.
ويختار الزبون الوشم من خلال رسوم معدة سلفاً على ورق يطرح أمامه نماذج تحمل عدة أشكال يختار منها المناسب. وبعد ذلك يقوم بطبع هذا النموذج على المكان الذي يختاره من الجسد شريطة الملاءمة بين حجم الوشم والمساحة المخصصة له.
ويضيف quot;ثم يأتي عمل الإبرة المتصلة بقلم دوار حيث تقوم بإدخال الصبغة في الطبقة السفلية للجلد بدقة للحصول على الوشم الذي طلبه الزبونquot;.

الاثار السلبية للوشم

يرى بعض الأخصائيين في أمراض الجلد ان للوشم آثارا سلبية على صحة الموشوم مشيرين إلى أن استخدام الوشم ينطوي على مخاطر منها: إمكانية الإصابة بسرطان الجلد والصدفية والحساسية التي تحصل في الجلد في بعض الحالات والالتهاب الحاد بسبب التسمم وخاصة عند استخدام صباغ صنع لأغراض أخرى كطلاء السيارات أو حبر الكتابة، وسوء التعقيم الذي يؤدي إلى انتقال العدوى بأمراض الالتهاب الكبدي وفيروس الإيدز والزهري، وقد تصل إلى التأثير في الحالة النفسية للموشوم فتؤدي إلى تغيرات سلوكية في شخصيته.
أما طبيعة المواد المستخدمة فهي ملونات ذات أصل حيواني ومساحيق من الكحل والفحم وعصارة النباتات أو أكسيد المعادن كالحديد والكوبالت، وهنا تكون الطامة الكبرى لأن الموشوم لا يدرك بأن البقع والألوان المستخدمة في الوشم هي مواد خاملة لذلك فهي تصبح جزءًا دائماً من مكونات خلايا البشرة، وأن إزالة هذا الوشم توجب إزالة هذه الخلايا في حال قرر مستقبلاً ذلك، وهذه العملية تتم إما باستئصال الجلد في منطقة الوشم أو بصنفرة البشرة وخاصة السطحي منها، وهذه الطريقة يؤخذ عليها احتمال ابيضاض المنطقة المعالجة بها، والإزالة باستخدام الليزر أو بعمل رسم فوق الوشم الأصلي غير المرغوب به إما بالجراحة أو بوشم احترافي، وأخيراً بطريقة كيميائية كاستخدام الغبار الكالدوني أو سائل الآزوت.


الوشم عرف منذ آلاف السنين

جدير بالذكر أن الوشم عرف منذ آلاف السنين واستخدمته الشعوب القديمة لعدة أغراض، فقد ارتبط الوشم بالديانات الوثنية التي انتشرت شرقاً وغرباً كحامل لرموزها الدينية وأشكال آلهتها، كما استخدم كتعويذة ضد الموت وضد العين الشريرة وللحماية من السحر، كما عرفته العقائد البدائية كقربان لفداء النفس أمام الآلهة، واستخدمه العرب كوسيلة للزينة وللتجميل ورمز للتميز في الانتماء إلى القبيلة، وأستخدمه المصريون القدماء كعلاج ظناً منهم أنه يمنع الحسد.