القنيطرة / المصطفى كليتي: تحت شعار laquo; جميعا...لتأهيل فضاءات الثقافة والإبداع raquo; :نظمت كل من جمعية الطوبي للثقافة والإبداع وجمعية الأعمال الاجتماعية لأطر وموظفي وعمال الجماعة الحضرية بتعاون مع مندوبية وزارة الثقافة والمجلس البلدي لمدينة القنيطرة الذكرى الثانية لرحيل الشاعر محمد الطوبي. وتضمن البرنامج أنشطة مكثفة : معرض صور، عرض أشرطة سمعية وبصرية، كلمات / مرثيات، وصلات موسيقية استغرقت يومين 6 و7 - 2006، تصدر كل ذلك زيارة جماعية لقبر المرحوم ثم مائدة مستديرة، تمحورت حول دواوين المحتفى به الثلاث الأخيرة : quot; أنت الرسولة أيقوناتها اندلعت quot; وquot; جسد لنشوة النشيدquot; وquot; المجد لينا.. يا حضرة النبيذ quot;.

وفي توطئة تمهيدية أشار الأستاذ علي التازي إلى مجموعة من الظواهر والسمات التي تسم منجز الشاعر محمد الطوبي والتي يجمل بالباحث في تربة آثار الراحل الشعرية ndash; أربعة عشرة ديوانا ndash; الغوص فيها ولاسيما على مستوى البنية الإيقاعية والتركيب التشكيلي للغة وكذا المستوى الدلالي والتيماتيكي.
الأستاذة: خدوج الساكت، قدمت ورقتها عن ديوان :quot; أنت الرسولة أيقوناتها اندلعت quot; مركزة على المناحي الرؤيوية في القصيدة الطوبية ووقفت مليا عند استشهاد ليوسف الخال: ذكر فيه بأن الشاعر في عملية الخلق الشعرية يصطدم بتحديين الأول يتعلق بحدود اللغة وقواعدها وأصولها والثاني أساليب التعبير الشعري الراسخة في الأذهان والذوق العام، بحيث يؤدي الخروج عنها بدون تحسب إلى فراغ القصيدة من حضورها وانفصالها عن المتلقي. إن معجم قصائد الديوان ألفاظ منتقاة من حقول دلالية متنوعة كما ترتهن بإحالات تراثية سواء كانت من مرجعية مسيحية أو إسلامية، فالعلاقة الرابطة بين الحقلين تتمثل في لفظ الجلالة : quot; الله quot; وما يثيره من بهاء ومشاعر فياضة تستغرق الحس والوجدان.
أما من الناحية الإيقاعية ndash; تقول الأستاذة خدوج الساكت ndash; فقد فكت قصائد محمد الطوبي عنها الإسار العمودي وانطلقت جعلت من التفعلة وحدتها الإيقاعية، وقصائد أخرى ظلت وفية للأوزان الخليلية.
الأستاذ : عبد الله بنعتو في مستهل عرضه ndash; استند إلى قصاصات مقتطفة من اللقاءات والحوارات الصحافية التي أجريت مع الشاعر محمد الطوبي والنقد لم يكن ndash; أبدا ndash; منصفا لتجربة الشاعر وهو بدوره لا يعترف بما يسطر من نقد، ففي أغلبيته مملاءات وإخوانيات ومجاملات وليس إلا، والتاريخ وحده القادر على الحسم والغربلة.
بعد ذلك عمد المحاضر ndash; إلى مقاربة ديوان quot; وقت لجسد النشيد quot; فالديوان منشد إلى موضوعات إنسانية هي من الشعر وإليه لأن الذات في صراع محتدم مع عناصر الحياة.
وتتفاعل بها ومعها عبر كل إمكانياتها فشاعرنا يكتب مشدودا إلى حدين: الأمل والألم. حيث نجد الأنثى حاضرة في الديوان بشتى تجلياتها فأشعار محمد الطوبي تلامس كل قضايا الحياة دون أن تذوب وتغيب الذات، فالشاعر له قناعاته الراسخة ووثوقيته بأن المعاناة شرط أساسي للقصيدة.
إن الموضاعات المتعلقة بالعشق والمرأة في شعر الطوبي من أهم ما يشتغل عليه منجزة الشعري، فمعاناة الحب تجاور معاناة الشعر والمعاناة ضرورية للشعر، فإنها أيضا تعد فهما عميقا للجمال، والحب يضاعف الإحساس بالجمال مرجعية: محمد الطوبي وقراءاته - يقول الأستاذ: عبد الله بنعتو- واسعة تتقاطع مع نماذج:.كناظم حكمت ونزار قباني وصلاح عبد الصبور وتغتني - بالا ضافة إلى ذلك - بمرجعية تراثية ثرية :كأشعار ابن العربي والمتنبي وابي نواس وجميل بن معمر. الأستاذ الباحث: محمد الصولة يرى- في معرض مدا خلته-بان القصيدة شبكة من العلائق التي لا تكاد ان تنتهي في نص الشاعر إلا وتبدأ مع تلقي القارئ. فالقصيدة لا تعترف إلا بالكمال والشموخ في البرازيخ العلى.وتحاول أن تقف في تخوم اللانهائي.
إذا كانت القصيدة تعاني لتتخلص من نمذجتها المكررة، فإنها تحاول بذلك أن تخلق فوضاها المحببة، وقد تكون هذه المساحة التي تجمع فيها أبهيتها وشهوتها أكبر من العلاقة الماثلة بين الواقع والتخيل.
إنها قصيدة مفتوحة على بذخ تجربة التسكع ونقيضه، فالقصيدة- إذن- تتداخل وأنا الشاعر حيث يحضر هذا الصوغ بالتأكيد في العلاقة بين التجربة والأنا، تجربة الكتابة الشعرية وأنا الشاعر : يلاحظ أنه لا يمكن الفصل بين العنصرين.
وانتهى تحليل الباحث محمد الصولة عند الخطاب ودلالات المعجم، فتبرز عند الطوبي تشكلات لغوية وأسلوبية مخصوصة يميز بها الشاعر محمد الطوبي، فالمعاني ترتبط وتتعالق بعناصر مختلفة طبيعية أو هموم وجودية ونفسية أو خلقية أو خلقية عمرانية وتاريخية ومعرفية وأدبية فالشاعر يسعى لبناء مسافة التوتر من خلال خلقه لدلالات مضاعفة للمعبر ثم إن هذه الطبيعة التي تكثر في شعر الطوبي تجعله محتفيا في نصوصه بموضوعة الجنس في تلاوينه المتعددة، سواء منها الفيزيقية والاستعارية، إن تناسل دلالة تشييد المعاني تتم بتوليف محكم بين حقول معجمية متعاضدة.
فمعجم ndash; الشاعر محمد الطوبي ndash; مسجور بتفاصيل الحياة وحركيتها ومكوناتها، فجل صياغاته الأسلوبية والدلالية تشكيلات تحقق أنساقها وانسجامها إلى درجة يكاد أن يكرر صورته الوحيدة في مرايا متقابلة، لأن القصائد مبنية أساسا على هذا التناظر الجميل والصادحة بالعبور المنتهي إلى مباهج الذات وتهويماتها وإشراقات المتخيل وزخم دلالاته
.