الكساندرا هدسون من امستردام: تطل صورة لرامبرانت المسن على المدينة التي صنع فيها شهرته وخسر ثروته من لوحة جدارية على حائط كنيسة في القرن السابع عشر. ويأتي ظهور الفنان الهولندي في قلب حي القنال الجميل في امستردام على مرمى حجر من اخر منزل له وقبره الذي لا يحمل أي شاهد في اطار احتفالات العام المقبل بمرور 400 عام على ميلاده. وتأمل هولندا في ان تجتذب المناسبة 250 الف زائر اضافي من خلال عروض لاجمل لوحات رامبرانت وجولات سياحية بين الاماكن التي كان يرتادها وعرضين مسرحيين موسيقيين أعدا حديثا واحد عن حياته العاطفية والاخر عن اسلوبه الابداعي الفريد. وقال رين فان دين انكر من مجلس السياحة الهولندي quot;نحن محظوظون بمثل هذه الشخصية الشهيرة وبالتأكيد فخورون بها.quot; وأضاف quot;مثل هذه الاحتفالات تحظى بشعبية كبيرة. ولان رامبرانت رسام هولندي وهذه هي ذكرى مرور 400 عام على ميلاده كانت المتاحف أكثر استعدادا لاقراضنا أعماله العظيمة.quot; فتعبيرات رامبرانت المتأملة والوجوه المستديرة التي يصورها معروفة لمحبي الفن على مستوى العالم. ورسم الفنان نحو مئة لوحة ذاتية تصوره خلال أطوار حياته التي استمرت 63 عاما واشتهرت هذه اللوحات وأيضا لوحاته للاغنياء والفقراء ممن حوله بالحس المرهف والاستخدام المسرحي للاضاءة والظلال. وقال كريستيان فوجلر المشرف على العرض الذي سيبدأ به عام الاحتفالات برامبرانت في بلدته ليدين quot;حظي بتقدير كبير لقربه ممن يرسمهم واسلوبه في التقاط الحالة النفسية للشخصية التي يرسمها.quot; جعلت هذه الاعمال الفذة رامبرانت يسبق عصره بكثير كما ان حيوية وصدق تعبير شخوصه مثل (العروس اليهودية) المتوردة الخدين تحرك مشاعر الناظرين رغم مرور عقود طويلة. وباستثناء السيارات والدراجات الحديثة سيجد زوار امستردام وليدين نفس البيوت المائلة والحارات المبلطة والجسور المقوسة دون تغيير يذكر عن وقت رامبرانت. واثار ذلك حالة تنافس بين البلدات التي تنسب الفنان الكبير الي نفسها. وتأمل بلدة ليدين الصغيرة أن يقدم لها رامبرانت ما قدمه نظيره الهولندي يوهانسن فرمير لبلدة دلفت. ويقول بارت انت فيلد من مجلس سياحة ليدين quot;اذا لم يولد رسام شهير في بلدتك انت في مشكلة.quot;
وبدأ التجار المحليون يخططون لبيع تذكارات رامبرانت كما تعد المطاعم اطباقا تطلق عليها اسم الفنان الشهير مثل طبق رامبرانت من اللحم البقري وحلوى رامبرانت بالكراميل.
ولد رامبرانت وهو ابن طحان في ليدين عام 1606 وبقي في البلدة حتى عام 1631. كان شابا عنيدا وتمكن من اقناع والديه بانه جاد في امتهان الفن التشكيلي وانه يتمرن على يد فنان محلي. ولم يعد المنزل الذي ولد فيه رامبرانت قائما اذ راح ضحية تنافس بين امستردام وليدين في ذكرى مرور 300 عام على ميلاده. فقد شعرت ليدين بالغضب من نقل الاحتفال الرسمي برامبرانت الى امستردام فامتنعت عن دفع المبالغ الكبيرة التي كانت مطلوبة لانقاذ المنزل المتهالك وهي في ضائقة مالية ولم تتلق أي مساعدة من العاصمة التي تضم منازل أخرى للفنان.
لكن طاحونة هواء جميلة تشبه كثيرا التي كانت اسرة رامبرانت تعيش بجوارها مازالت قائمة في المكان. واجتذبت الاضواء المبهرة والصخب في امستردام التي كانت في أوج عزها الملاحي وازدهارها رامبرانت وهو شاب. وتزوج الفنان من حبيبته ساسكيا في عام 1634 وهي حفيدة تاجر لوحات وانتقل الى واحدة من أرقى ضواحي المدينة بعد أن انهالت عليه الاعمال. لكن ثروته تبددت مع هوس رامبرانت باقتناء الاعمال الفنية الغالية الثمن. وأشهر افلاسه في عام 1656 وأجبر على الانتقال لمنزل أصغر. وتوالت عليه الماسي فتوفي ثلاثة من ابنائه الاربعة بعد فترة وجيزة من ولادتهم وتوفيت ساسكيا عام 1642. ولم يقطع رامبرانت أذنه او يعاني من عذابات مرض عقلي مثل فينسنت فان جوخ الفنان الهولندي الشهير الاخر لكن معدي مسرحية رامبرانت الموسيقية يعتقدون ان حياته وعلاقاته العاطفية كافية لانتاج دراما مسلية. وقال تشيرمان بابين من شركة ستار دست المنتجة للعرض quot;كانت حياته مليئة بالاحداث مع النساء الثلاث في حياته كما انه تعرض لمأساة كبيرة.quot; وأضاف quot;لكن هذا الجانب من حياته ليس معروفا.quot; فبعد وفاة زوجته اقام رامبرانت علاقة مع جيرتي مربية ابنه التي انتهى بها الامر وهي تحاول مقاضاته لعدم زواجه منها. ثم تمتع بحب خادمة سابقة أصغر سنا بكثير اسمها هندريكي. لكنه عاش بعدهن جميعا ومات عجوزا حزينا كما ظهر في اخر لوحة رسمها لنفسه.