تغطية صحفية خارج الأقواس لزيارة وزير الثقافة والإعلام الى منطقة حائل

في يوم الأحد 26/6/2005 م وصل الى مدينة حائل السيد وزير الثقافة والإعلام ، برفقة كل من مستشاره للشئون الثقافية (سمعنا بعدئذ أنه سيكون وكيلا للوزارة وأيضا للشئون الثقافية) الدكتور أبوبكر باقادر، ومديرعام الأندية الأدبية (بالرئاسة العامة لرعاية الشباب) و رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون محمد الشدي. في زيارة قيل أنها (تفقدية) لفرع الوزارة ومركز تليفزيون حائل والمكتبة العامة التي انتقلت رسميا من وزارة التربية والتعليم وعرج الوزير على مقرّ كلّ من (فرع جمعية الثقافة والفنون بحائل) ثم (النادي الأدبي بحائل) فيما يبدو أنها زيارة (لجس النبض) حول مدى تحمل الوزارة الأعباء المادية والمشكلات التي تواجه هاتين المؤسستين الثقافيتين اللتين مضى على تأسيسهما قرابة ثماني وعشرين عاما، ومازال الفعل والحراك الثقافي عاجزا عن قبولهما في سياق كل ماهو: ثقافي واجتماعي وسياسي أيضا والكلمة الأخيرة لا يمكن التلفظ بها باعتبار أن (فقهاء) الأدب لا يميلون للسياسة فهم (فقهاء) حقا، على الأقل حسب عناوين أعمالهم الحكومية أو شهادات الدكتوراة التي يشكل حاملوها ما نسبته 80% من اعضاء مجلس الإدارة في كافة الأندية الأدبية، كما أنهما جهتان عائمتان فلا يستطيع مساءلتهما أحد. وإن سأل سائل فـ (بعذاب واقع)! أقل صنوف هذا العذاب أن يستغل المسئولون الثقافيون الحكوميون وظائفهم الرسمية في الدسّ والتدليس وكتابة التقارير الشخصية لمن يعتبرونهم أعداء للإستقرار. وهي كلمة لها وزنها في بلد (كالسعودية) كان وما زال يعتبر أنها تضفي مشروعية على النظام السياسي ونشاط (المؤسسة الدينية الرسمية)، وكافة ما يتعلق بالميدان الإنساني كحقل اجتماعي لم يطأ أرضه البكر سوى قلة من الكتاب، على رأسهم الفقيد (عبدالرحمن منيف) و(ابراهيم الناصر) و (عبدالعزيز مشري) والى حد ما (تركي الحمد) وبعض الأكاديميين المنكبين على دراساتهم كالدكتور (سعد الصويان) المختص بالفولكلور السعودي وعلاقته بالإنثروبولوجيا.
استقبل مقرّ (جمعية الثقافة والفنون) جموعا من الناس. أغلبهم أعضاء فرقة الفنون الشعبية وهم يرتدون زيهم الفولكلوري الأنيق، والحق يقال أن هذه الفرقة تعمل بإخلاص منقطع النظير للحفاظ على التراث الشعري والغنائي والرقص الشعبي والغناء، وكان المقر المتواضع يفوح منه (العود) الأصلي الفاخر، وتمّ استئجار عاملين هنديين بواسطة عامل الجمعية ليقوموا بدور (الساقي)! فينوعون مشاريبهم التي هي كالتالي: شاي أحمر بسكر معتدل وشاي أحمر بدون سكر وشاي أصفر بالزنجبيل وشاي أصفر أيضا بالنعناع، وقهوة عربية مرة وبها كمية من الهيل وصفت أوان ٍ صغيرة ممتلئة بالتمر بأنواعه. وقام الجميع لحظة دخول الوزير بالإنهيال عليه تقبيلا وتحيات مما أوقع مساعديه في حرج خاصة والمدخل الرئيسي صغير وضيق فهو أصلا منزل عائلي ولم يتوقع أهله أن وزيرا سيمرّ المدخل وإلا لكان هناك قول آخر.
وما أن جلس الوزير حتى اختار (محمد الشدي) كرسيا متواضعا يقع بين كلّ من معاليه ومدير الفرع المكلف / فهد راشد الشمري. الذي ارتجل كلمة بطيئة أوضح من خلالها ذكاء يفتقده كثيرون، فهو تعمد الإيقاع البطيء خشية الأغلاط النحوية والتراكيب اللغوية المتفاوتة بين المعجمي والشعبي والتي نقرأها ونسمعها من مسئولين كبار فنقول مبررين لهم (إنهم ليسوا في حاجة الى فصاحة قس بن ساعدة، والأفعال لا: الأقوال). ثم وقف في وسط الغرفة المستطيلة المكتظة الأخ (شتيوي عزام) وهوشاعر إسلامي ومدرس وارتجل كلمة حاول أن يكون إلقاؤه فيها مسرحيا ومهيبا، لكنه اخطا مرة قاصمة إذ أورد جملة (وبعيدا عن استئثار توجه على آخر) فقاطعه الوزير:
ـ من يستأثر بماذا ؟ وعلى حساب من ؟
وهو سؤال علمي ودقيق لم يملك الأخ إلا أن يرد متحشرجا (لا أريد أن أطرح أسماء) مما جعل القنوات بيني وبين الدكتور (باقادر) متفاعلة بالنظر والإبتسامات وحركات الشفتين، وبعده تحدث الأستاذ (عبدالرحمن الصمعان) وهو شاعر ومشرف تربوي ومختص باللغة العربية ومسئول عن الملف الثقافي بهيئة تطوير مدينة حائل العليا. وكان حديثه علميا تطارح فيه مع الوزير وجهات نظرهما وطلب منه أن يوثق المعلومات ويرسلها لمكتب معاليه. وهنا بدأ (جارالله الحميد) مسئول النشاط الثقافي بالفرع بالإلحاح على الـ (أخوة) في النادي أن يؤجلوا خطبهم فمعاليه سيحل ضيفا عليهم بعد ساعة أو أقل. وسأل الجميع:
ـ لماذا لم يسألني أحد لماذا لا أدوام منذ ثلاث سنوات ولم أقم بأنشطة ؟
ولم يرد أحد. وأصر الحميد على الحديث فكان أن عرّى وضع الجمعية وفككه بجرأة أمام الوزير:
ـ لدينا لجنة للنشاط المسرحي تعمل مرة في العام، وتحت رعاية مهرجان الجنادرية والمسئول عن المسرح لا أعتقد أنه يعرف عن المسرح، فأنا عاصرت الحركة المسرحية هنا منذ ثلاثين عاما. إنه يطرح مسرحياته على شكل مقاولة. فهو يتفق مع أحد الأخوة المصريين العاملين بإدارة التعليم ليؤلف نصا ويقوم بإخراجه مقابل مبلغ لا يقل عن (10000) ريال. على ألا يذكر اسم المقاول.كما أنه أضاع فريق المسرح مستعينا بطلبة معظمهم من أبناء المقيمين ويكسرون اللهجة المحلية وهو الذي يقوم فقط بتحويل لغة الحوار في النص الى لهجة شعبية.. وهنا انفجر المسرحي وقال:
ـ ياصاحب الـ.. ثم تذكر: يا أستاذ نحن لا نعمل هالشكل! إنه لا يحضر هو
وتقدم المسئول عن الفنون التشكيلية حاملا معه لوحة من ابداعه هدية للوزير وأجل تقديمها لحين محاولته دحض آراء الحميد وعدد المعارض التي أقامها الفردي والجماعي والمهرجاني وكل هذا موضح معاليكم في السجلات!
وتوتر الجو أكثر عندما استمر الحميد:
ـ أنا لا أقوم بأي نشاط. ليس لي سجلات. قل لي لماذا يا معالي الوزير. لأنني أضطر الى تقديم مشروعي للمدير الذي يرفعه الى الشدي التي تستغرق موافقته من عدمها قرابة ثماني شهور، فهو مركزي كستالين
وضحك الأستاذ / مدني وقال وهو يقف منهيا الحديث:
ـ دول كسروا تمثال ستالين!
وهنا انصرف الوزير للداخل لتجري مسرحية من تلفزيون الواقع أداها باقتدار مسئول الفنون التشكيلية إذ أعاق قدم (الحميد) وهدده بأن (يدق أنفه) وأكمل (إذا كنت رجلا مع أنني أشك في أن بك ذرة رجولة) فافعل كذا أو.. وتدارك العضو (ناصر المكمش) والموظف (ناصر غالب) تهدئة الحميد وقبلوا رأسه (!) مقابل ألا ننفضح أمام الوزير. وهكذا كان. والمشرف المذكور هو موجه التربية الفنية بمديرية التربية والتعليم وعضو النادي الأدبي وعضو هيئة المهرجان السياحي السنوي وعضو الغرفة التجارية الصناعية وعضو الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل وعضو جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية وصاحب مصنع (الفنون الزخرفية في الرخام) وهو ينتج للمقتدرين جدا ماديا.
ولم يكن وقت معالي الوزير ليتسع أكثر. ولكنه رأى ما كان من سابع المستحيلات. أن يقول عضو عامل في الجمعية كل ما قال فمعناه أنه لا يقبل الشك خاصة وهو يقال في حضور المعنيين. فياتُرى هل يعيد الأستاذ / إياد مدني. ماء الوجه المسكوب ؟
إن على كاهل معاليه تقف إشكاليتان رئيسيتان هما:
ـ هل يمكن أن يعد فرع الجمعية محضنا للمواهب وموجها للشباب المواطنين مستغلا طاقاتهم الخلاقة فنيا وفي المسرح والعمل الثقافي وهو يرى بعينيه أن المسئولين فيه على هذه الدرجة من الوعي؟ وكم بقي في ذاكرته من تطمينات (محمد الشدي) الذي ضخها طوال رحلة الساعة على متن البوينج الفخمة وفي الفيرست كلاس؟
ـ لقد شاهد معاليه في النادي الأدبي عرضا للقوة!! كما في التعبير السياسي. فقد حضر الى حائل كل من رئيس النادي وهو يعمل في الرياض (لاحظ) مستشارا لوزير التربية والتعليم ونائبه الذي يعمل عضوا في مجلس الشورى وأقيم معرض للكتاب اهتم باصدارات النادي حيث لفتت مجموعة (ظلال رجال هاربين) للقاص جارالله الحميد انتباهه ومازح الشدي والمشهد على الهواء (ليش جارالله يطبع في النادي؟ ليش مو بالجمعية ؟) وفضل الجميع أن يعتبروها نكتة.
يجدر بالذكر أن الحميد قدم ذات اليوم استقالته مشفوعة بشكوى رسمية ضد (يوسف شغدلي) المشرف التشكيلي رابطا اعتبار نفسه مستقيلا بالتحقيق مع الأخير. والأكثر جدارة بالذكر أن الشدي رفض الإستقالة ولم يتخذ أي خطوة إزاء شكوى المذكور رغم توافر الشهود والأدلة!
كما أنه أجرى تعديلات على هيكل الجمعية (فارس الهمزاني وهو كاتبه المفضل رئيسا لنادي القصة بعد أن كان مسمى المنصب (سكرتيرا) وعبدالعزيز العيادة (مشرفا على النشاطات كافة) وعين عبدالسلام الحميد وهو معلم لغة انجليزية متخرج حديثا من جامعة الرياض ويسكن أصلا في (بريدة) مسئول النشاط الإعلامي. ويتضح مماذكرنا في هذا التقرير أن الذي (ينام ملء جفونه) هو الفراش الهندي (فاروق) مالم يتم اضافة (الشاي) كمادة مساعدة على الثقافة.