بالرغم من اعتراف مسؤولين في حركة فتح بأن حركة المقاومة الاسلامية حماس تقدمت عليها في الانتخابات التشريعية التي جرت الاربعاء في الاراضي الفلسطينية، حيث اعلن رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع انه سيقدم استقالته معتبرا ان على حماس ان تشكل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات التشريعية، وقال quot;ينبغي احترام خيار الشعب، والحزب الذي حصل على الاغلبية عليه ان يشكل الحكومةquot;.

وبالرغم من تأكيد حماس انها حققت الفوز quot;وعلى كل المحيط الدولي والاقليمي ان يحترم ارادة شعبنا لان هذه هي نتيجة الخيار الديموقراطيquot;، حيث تشارك حماس فى الانتخابات وتبدى رغبة فى المشاركة بالعملية السياسية وفى نفس الوقت تبعث باشارات تفيد بانها لن تتخلى عن سلاح المقاومة. وبالرغم مما قاله المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان انه لا تغيير فى موقف الولايات المتحدة من حماس فى ظل الظروف الحالية بعد فوزها بالإنتخابات، حيث قال quot;اعتقد إننا أوضحنا آراءنا بشكل جيد فيما يتعلق بحماس ولم يطرأ أي تغيير على آرائناquot;.

ورغم ما قالته مريم فرحات مرشحة حماس في الانتخابات والتي قتل ابناؤها الثلاثة في الصراع ضد اسرائيل، ان التفاوض مع اسرائيل ليس مطروحا كخيار. حيث قالت مريم المعروفة باسم ام نضال ويصفها الفلسطينيون بأم الشهداء quot;مسالة التفاوض ليست على جدول اعمال حماس.. لسنا راغبين في اجراء محاولة فاشلة.. فالسلطة الفلسطينية تتفاوض منذ سنوات مع العدو ولم يتحقق شيء.. لن نحقق النجاح الا بالقوةquot;. بالرغم من كل ذلك، فإنه لا يمكن وصف فوز حماس بالانتخابات إلا بأنه سير باتجاه المرحلة، وهي مرحلة التفاوض مع إسرائيل شاءت الحركة أم أبت. ويقول مسؤولون اسرائيليون ان فوز حماس بالانتخابات قد يقوض عملية السلام. وترفض اسرائيل وامريكا اقامة اتصالات مع حماس ما لم تنبذ العنف وتلقي السلاح وتحذف من ميثاقها الالتزام بتدمير اسرائيل.

وأشاد البيت الابيض بالانتخابات التشريعية الفلسطينية ووصفها بانها quot;تاريخيةquot;. وقال سكوت ماكليلان quot;انه يوم تاريخي ومهم بالنسبة للشعب الفلسطيني.. نحن ندعم الشعب الفلسطيني بقوة كما ندعم انتقاله الى دولة ديموقراطية, وندعم مساعيه لبناء مؤسسات ديموقراطيةquot;. ويقول المراقبون ان فوز حماس فى الانتخابات يثير قلق الاتحاد الاوروبى الذى لم يبلور حتى الان موقفا للتعامل مع الحركة بعد الانتخابات، لكن المفوضة الاوروبية أكدت أنها ستتعاون مع الحكومة الفلسطينية المقبلة quot;ايا تكن اذا كانت مصممة على التوصل الى اهدافها بطريقة سلميةquot;. وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جدعون عزرا ان اسرائيل لا يمكن ان تنظر في خوض مفاوضات مع حماس (بفوزها بالانتخابات) الا اذا quot;وافقت على نزع سلاحها وعلى مبادئ خارطة الطريقquot;.

واعتبر ديفيد خاخام مستشار وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز انه quot;في حال فوز حماس, فستترتب عن ذلك نتائج خطيرةquot;. ورأى ان التغيير الملاحظ في خطاب حماس خلال الحملة الانتخابية حيث تجنبت الحركة اصدار دعوات لتدمير دولة اسرائيل, quot;تكتيكي بالمقام الاولquot;. وقال quot;ان حماس لا تزال تسعى لاقامة دولة اسلامية فلسطينية من نهر الاردن الى البحر المتوسط .. حركة حماس ان وافقت على وجود اسرائيل وتخلت عن الكفاح المسلح, لن تكون حماسquot;.
لكن من شأن الضغوط الدولية، وبالذات الأمريكية والأوروبية، أن تساهم في التأثير على موقف حماس من مسألة التفاوض مع إسرائيل، بل قبل ذلك الإعتراف بدولة إسرائيل. ومن تلك الضغوط الأمريكية تجميد مساعداتها المباشرة للفلسطينيين، والعلاقات الدبلوماسية الرفيعة التي ستحصل عليها مع اوروبا.
في المقابل يتوقع المراقبون أن تكون خطوات حماس الجديدة تجاه إسرائيل، خطوات حذرة ومرتبة بحيث تصبح تصاعدية في ايجابيتها تجاه التعامل مع الواقع الجديد، لكن دون أن تدلل بأن تلك الخطوات تناهض أدبيات الحركة، ودون التأثير على جماهيريتها في الشارع الفلسطيني. لذا من شأن تلك الأدبيات أن تستمر بموازاة التغيير على السطح. فزلزال الانتخابات لا يمكن التفريط في نتائجه الايجابية بالنسبة للحركة.
لذلك خرج محمود الزهار القيادي البارز في الحركة قبيل الانتخابات ليقول باحتمال اجراء مفاوضات في المستقبل مع اسرائيل عن طريق طرف ثالث في خطوة اعتبرها المراقبون تليينا لموقف الحركة من اي مفاوضات مع اسرائيل. وقال الزهار quot;المفاوضات هي وسيلة.. اذا كان لدى اسرائيل ما يمكن ان تقدمه في موضوع وقف الاعتداءات.. في موضوع الانسحاب.. في موضوع اطلاق سراح المعتقلين.. فهناك يمكن ايجاد ألف وسيلةquot;. وأضاف quot;المفاوضات ليست حراما.. ولكن الجريمة السياسية هي عندما نجلس مع الاسرائيليين ونخرج بابتسامات عريضة ونقول للفلسطينيين ان هناك تقدما والحقيقة غير ذلكquot;.
فيمكن اعتبار تصريحات الزهار وفوز حماس بالانتخابات بمثابة مرحلة جديدة بالنسبة للحركة، قائمة على العنوان التالي quot;حماس صوتت لإسرائيل شاءت أم أبتquot;، ومقدمة لوقف عملياتها وإلغاء ميثاقها. خاصة وأن مصر التي لها علاقات وثيقة مع الفصائل الفلسطينية ومن ضمنها حماس أكدت قبل الانتخابات أن الحركة تعترف بوجود اسرائيل وسوف تمضي في طريق المفاوضات مع الدولة اليهودية، مؤكدة ان انضمام حماس للعملية السلمية في الاراضي الفلسطينية سيؤدي الى تغيير جوهري في فكرها ومنطلقاتها.

كاتب كويتي
[email protected]