ليس من أخلاقى المهنية أن أتلفظ بكلمات جارحة ، وأتهم فيصل دون فيصل اَخر. ولكن مع الاسف هذا المقال والذى أكتبه الان يجبرنى أن أشرح للمواطن الفلسطينى والذى لاقى ويلاقى الامرين من تصرفات حكامه ، وهى وإن دلت على شىء فهى لا تدل ألا عن أستهتار وخفة فى مصير هذا الشعب الصابر ، من الرئاسة وحتى أخر شخص فى الحكومة ، بتصرفات أقل ما يقال أنها مشينة بحق الشعب الفلسطينى.
كنت قد كتبت مرارا وتكرارا أن ليس للرئاسة والحكومة خيارات كثيرة للاعتماد عليها ، ذلك أن الرئاسة والحكومة مكبلتين فى قوانين معقدة لا يستطيع أى فريق أن ياخذ قرارا دراماتيكيا لا يؤذى هذا الشعب الصابر ، والذى سئم من أزدواجية الحكم.
لعلنى بهذا الصدد ، أن أبدأ بالاخ الرئيس محمود عباس والذى أعتبره رجل دولة من الطراز الفريد ، فهو محبوب عربيا وإقليميا ودوليا ، وهذه ميزات قلة أن نراها فى زعيم عربى. ولكن مع الاسف هذا الرئيس الصادق ليس عنده مستشارين ذوى كفائة. وذلك لسبب بسيط وهو أن خيارات الرئيس قليلة وحتى معدومة.

إن الرئيس محمود عباس يكره العنف والاقتتال الداخلى والخارجى فما بالك بالاقتتال بين إخوة السلاح.
لقد كتبت عدة مقالات أرجو وأنصح السيد الرئيس أن يعود لنفسه ويأخذ القرار الصائب والذى هو من صلاحيته ، وحاولت مع مستشاريه بنصحهم بما يمكن أن يصنع حسب الصلاحيات ، التى يملكها ، ولكن مع الاسف تبين أن بعض المستشارين يريد أن يأجج الوضع الفلسطينى بدلا من أن يهدئه بالرأى الصائب ، والوقت يضيع ، ونزيف الدم الفلسطينى يجرى يوميا على الساحة الفلسطينية. والسبب بسيط جدا ، وهو أن الاخوة فى حماس عندهم أجندتهم الخاصة بهم والتى لا يمكن أن يتنازلوا عنها بأى حال من الاحوال وخصوصا أن أوامرهم تاتى من الخارج ، ولا يستطيع أحدا منهم اخذ المبادرة وحل المشكلة مع الرئيس بالذات وبدون إستشارات خارجية.

فنرى الرئيس عباس يدلى بتصريحات لا ينفذها ومنذ ستة أشهر لم ينفذ منها شيئا ، وبذلك تضعف مصداقيته أمام شعبه الذى وثق به.
وفى أول جلسة مصارحة مع الصحفيين ، شرح بالفم المليان ماَساته مع حماس ، وكيف أن حماس خذلته وهو متجه الى الامانة العامة للامم المتحدة ورجع الى البلاد خالى الوفاض.
وعد الشعب بانتخابات رئاسية وتشريعية ووضع أجندة محددة للتشاور والخروج من الماَزق بحكومة وحدة وطنية ، والتى لا يمكن أن يكون بينهم أى تجانس.
الشىء الاخر وهو أكبر أهمية من ذلك : وهو البلبلة فى صفوف هذا الشعب الصامد ، والامثلة كثيرة. وكل فيصل يتهم الاخر بالمسئولية والمرتاح الاكبر هو إسرائيل ، والخاسر الاكبر هو هذا الشعب الذى يتوسل عبر القنوات الفضائية ، ويدعوا للتوافق ما بين الرئاسة والحكومة quot; وهذا مستحيل quot;
هذا من ناحية أما من الناحية الاخرى فارى أن حماس ليس لديهم أى فكرة عن الواقع الفلسطينى والمرتبط كليا بالمحيط العربى والاقليمى والدولى ، والعناد بحماس أنها تتصرف كسرب خارج عن الواقع ، فهى تارة تحتمى بالدول العربية والتى لا تعترف بمقرراتها حتى انها تلبس اللباس العربى ، وتارة تحمى نفسها بالعمامة الايرانية وتلبسها بدون دراسة معمقة ، وهى تارة تحمى نفسها من خارج الوطن المحتل ، وهى لا تدرى أن هذا لا ينفعها لا من قريب ولا من بعيد ، لانه لا يحك جلدك ألا أظافرك.
ولتعلم حماس أن وجودها بالحكم هو من صنع منظمة التحرير والتى تتنكر لها الان.
ومع الاسف كان على الرئيس الراحل أبو عمار ، أن ينشأ محكمة دستورية توضح الاسس التى يجب على الفصائل إتباعها للدخول فى أنتخابات تشريعية ورئاسية لانه لا يجوز أن يحكم فصيل لا يعترف بما وقعه الاب الروحى للشعب الفلسطينى ، وهى منظمة التحرير.
والان وصلنا الى درجة الاقتتال الداخلى والتى كان يقول كل الفصائل ، أن الدم الفلسطينى محرم على الجميع ، ولكن مانراه الان أن الدم الفلسطينى أصبح مستباح وعلى كل الاصعدة ، الاغتصاب زاد ، والسرقات زادت ، والذبح أصبح كوجبة الافطار اليومية ، والشعب الصامد الصابر يقول من قلبه يا ليتنا بقينا تحت الاحتلال ، على الاقل أننا نواجه عدو مشترك وبكل البنادق نضرب على هذا العدو.
اليوم أصبحنا نعيش فى الفضاء لا أحترام من أخواننا العرب ، ولا الاصدقاء ، ولا الاعداء. وأصبحت القضية الفلسطينية فى مهب الريح ، أى انها ماتت ، ماتت ، ماتت ، والشعب الفلسطينى يموت يوميا ، ويتأسف على الايام الغابرة.


لقد كتبت عدة مرات وهذه لربما تكون الاخيرة. أن على الرئيس محمود عباس أخذ مبادرة واقعية ، وليس خيالية. لان الانتخابات التشريعية والرئاسية لا يمكن أن تحصل الا بالتوافق ، وهذا التوافق لم ولن يحصل.
لذلك أقول للاخ الرئيس محمود عباس ، بعدم الالتفاف الى مستشاريه الاجاوش ، وأن يطرح على الشعب الفلسطينى استفتاء بسيط ويقول لهم الحقيقة ، ويعد برنامج واضح ويطلب من الشعب أستفتاء اولى ، ويقول لهذا الشعب أننى لست قادرا على الحكم برأسين.
ويكون هذا الاستفتاء أولى على برنامج محدد ، يسأل هذا الشعب هل يريد أن يبقى الوضع على ما هو أو هل يريد أستفتاء جديد يضع الامور فى نصابها. فاذا وافق الشعب على الاستفتاء الاولى ، فعلى الرئيس ان يضع الفصائل كلها تحت الامر الواقع عند رغبة صاحب السلطات ، وهو الشعب.
وأول شروط هذا الاستفتاء :
أن ينتخب رئيس السلطة والمجلس التشريعى ، فاذا نجح الرئيس محمود عباس فله الحق أن يفعل ما يريد حسب الشرعية العربية والدولية ، وما قررته منظمة التحرير الفلسطينية. وإذا سقط فى الانتخابات فعلى حماس أن تفعل ما تريد وحتى إذا ارادت إلغاء منظمة التحرير ، وتعود الى المربع الاول فيكون هذا من حقها.