انتظرت بعض الوقت كي أعلق على مواقف أناس متزمتين علا صراخ احتجاجهم على رقصات (مجنون ليلى) التي قدمها الفنان مارسيل خليفة في ربيع ثقافة مملكة البحرين، حتى لا يفوتني أي رد حول هذا الموضوع.
وكم فرحت عندما قرأت تصريحاُ لولي عهد المملكة يؤنب به الوزراء لتقاعسهم في الدفاع عن حرية التفكير والابداع، وأن ثورة البحرين ليست بالبترول وحده الذي لن تنعم به طويلاً، بل بحريتها وانفتاحها على العالم أجمع.
وكم ضحكت عالياً وأنا أقرأ خبراً من المغرب يظهر انفصاماً مؤلماً بشخصيات بعض المرائين المتلبسين بالدين، أولئك الذين يدعون علانية الخشوع والتوبة والتقرب من الله، ومحاربة كل ما يسيء الى العفاف والحشمة، حتى ولو كان إبداعاً فنياً تعجز مخيلاتهم الضيعفة والعقيمة من اللحاق به وفهم أبعاده، وفي الخفاء ينقضون على فريستهم، مهما كان عمرها، كالذئاب الجائعة.

والخبر يقول:
ألقي القبض في (أولاد برحيل) التابعة ادارياً لاقليم (تارودانت) على رجل له من العمر 65 عاماً، يعمل فقيهاً بأحد المساجد، بعد أن هتك عرض فتى قاصر عمره 8 سنوات بالقوة.
وبحسب صحيفة quot;الصحراء المغربية quot; قال والد الطفل أنه عرض ابنه على فقيه (الدوار) لمساعدته في حفظ ما تيسّر من القرآن الكريم، فأبدى الفقيه رغبة جامحة في مساعدته بتحصيل العلم، وفجأة استأذن الطفل للذهاب الى المرحاض، فاصطحبه الفقيه بنفسه، كونه غريباً بين رفاقه، وهناك بانت محاسن طفولته فانقض عليه، وأغلق فمه، ثم ممده على بطنه، وهتك عرضه بلا شفقة أو رحمة، وبعد أن ارتوى منه، أمره بالتزام الصمت، فلم يجب المسكين بل هز رأسه علامة الموافقة. وما أن نهض عنه حتى فرّ هارباً ليخبر والده بما حصل.
واجزم أن من فعلها مرة مع طفل يافع سيفعلها، إن لم يكن قد فعلها مرات ومرات، مع باقي طلابه، مهما كانت أعمارهم، شرط أن يعجب بقوامه ولون بشرته.
وأجزم أيضاً، أن معظم الذين يرهبوننا بالدين، وبالقصاص، وباليوم الأول والاخير، هم على شاكلة هذا الفقيه، إن لم يكونوا أسوأ منه.
السؤال الآن: هل يحق لفقيه كهذا أن يبدي رأياً، أو أن يحتج على عمل فني أو أدبي رائع، أو على قصيدة شاعر مبدع، أو على أغنية فنان أصيل، أو على لوحات راقصة كل من فيها وما فيها ينقّط شرفاً، ويلتهب إبداعاً؟
لقد خسر العالم العربي معظم قدراته الفكرية والعلمية والبشرية بسبب تزمته الديني، ولم نعد نسمع إلا فتاوى من أباحوا الحرام لأنفسهم، وحجبوا الخير عن أعين المؤمنين المساكين الذين لا يدخلون المرحاض إلا بعد فتوى، بينما الفقيه ينتهك عرض طفل في مرحاض مماثل، دون أن يخاف من أهل، أو قانون، أو إله.
وصدقوني إذا قلت: ان من يحكم العالم العربي ليس حكامه، بل رجال دينه، والويل ثم الويل لمن يعاندهم أو يحاربهم، أو يتدمقرط (أي ينادي بالديمقراطية)، فنهاية السادات نهايته، ولن تنفعه الحراسة المشددة، ولا كلابه البوليسية، ولا مخابراته الفتاكة. هم الحكام الأصليون وما تبقى سراب بسراب.
هناك خطأ ما في تركيبتنا العقلية والاجتماعية والدينية، فبينما نجد الإعلام الغربي يحذف أخبار رجال دينه من نشراته الاخبارية وبرامجه التربوية والترفيهية والاجتماعية كافة، ولا يسلط الأضواء عليهم إلا إذا ارتكبوا إثماً، أو سرقوا مالاً، أو هتكوا عرضاً، كفقيهنا الآنف الذكر..
وبينما نجد المجتمع الغربي لا يهتم بفتاوى رجال دينه، ولا يسمح لهم بالتكلم إلا داخل أماكن عبادتهم، نجد الإعلام والأ نظمة والمجتمع وكل من ينطق الضاد في عالمنا العربي ينقاد كالأعمى وراء رجال دينه، أخطأوا أم لم يخطئوا، أصابوا أم لم يصيبوا، أفتوا أم لم يفتوا، هم القبلة، وإليهم التطلع، ومنهم تأتي البركات.. فتصوروا!
لهذا، ولهذا فقط.. لم نصبح بشراً كباقي البشر!