-1-
جرائم النظام السوري الشوفيني ضد الكُرد في سوريا ليست جديدة، فمنذ سنوات طويلة وهذا النظام يحاول بشتى الطرق قمع الكُرد، الذين يعتبرون مواطنين لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، مثل أي مواطن سوري آخر، الذي من المفروض أنه يتمتع بحقوق المواطنة كاملة. ولكن المواطن السوري محتجز في سجن كبير اسمه سوريا. وما زال أحرارُ سوريا وطلائعها السياسية والثقافية محتجزين في السجون السورية، الشبيهة بالسجون العراقية أيام حكم الطاغية صدام حسين، الذي ما زال كثيرون حتى الآن يبكون عليه.

-2-
وأريد هنا أن أكون صريحاً وواضحاً مع الإخوة الكُرد السوريين، وعليهم أن لا يغضبوا من هذه الصراحة كما غضب من قبل الكثيرون من الأقليات في العالم العربي، لأن كلمة الحق تبدو في هذه الأيام ثقيلة وقاسية على الأسماع.
لقد سبق هنا في quot;إيلافquot; في 17/7/2007 أن كتبنا نقول:
quot;منذ مدة طويلة والشعب الكُردي السوري يتعرض للاضطهاد، والسجن، والملاحقة، والقتل كذلك. مثله في ذلك مثل باقي الشعب السوري الأبي. وقد بدأ نظام الحكم السوري البعثي منذ عام 1966 بحرمان الشعب الكُردي السوري من حقوقه بالمواطنة الكاملة. واليوم يبدأ نظام الحكم السوري البعثي بالقمع العنصري مفتتحاً بذلك حملة quot;أنفالquot; جديدة، متمثلة بتمليك أراضي الكُرد للعرب السوريين في منطقة الحسكةquot;.
ونشرنا بياناً مطالبين جموع الكُرد السوريين التوقيع عليه، ليتم رفعه إلى الأمم المتحدة، ومختلف منظمات حقوق الإنسان، ولجان الدفاع عن الحريات في كل مكان في العالم، لكي يصل صوت الشعب الكُردي السوري إلى أسماع الشرعية الدولية. ولكن الإخوة الكُرد السوريين تقاعسوا عن التوقيع على هذا البيان، الذي لو تم التوقيع عليه بكثافة كبيرة، لأحرزنا بعض النجاح في دفع قضية الكُرد السوريين إلى الأوساط الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان.
وقلنا في هذا البيان:
quot;نحن الموقعين على هذا البيان، نتضامن بكل قوة، مع الشعب الكُردي السوري، الذي يكابد سياسة النظام السوري العنصرية، منذ استولى حزب البعث الحاكم على السلطة.
ففي عام 1966، استثنى قانون الإصلاح الزراعي الفلاحين الفقراء الكُرد من الاستفادة منه. وهذا ما اعترف به وزير الزراعة، خلال مناقشة القانون في مجلس الشعب. ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم، ما زال الشعب الكُردي السوري ضحية اضطهاد عنصري متعدد الأشكال، يبدأ بالاعتقال التعسفي، وينتهي بالقتل، مثلما حدث سنة 2005 للشيخ محمد معشوق الخزنوي، الذي اختطفته مخابرات النظام، وأعدمته دون محاكمة، مدعية، بأن مجهولين خطفوه ثم قتلوه، وألقوا بجثته على قارعة الطريق.
وفي 23 أغسطس/آب من عام 1962 جرّد النظام السوري بالمرسوم رقم 93 أكثر من 150 ألف مواطن كُردي سوري من جنسيتهم، خلافا لاتفاقيات حماية حقوق الأقليات وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ثم تبعه بمرسوم آخر عام 1966 يُنشئ الحزام العربي، بتوطين العرب بدلاً من الكُرد، في منطقة الحسكة، حيث تمَّ البدء بالحزام المذكور في 24 حزيران 1974، ووزعت الأراضي على أعداد غفيرة من العشائر العربية في منطقة الجزيرة، تنفيذاً لهذه السياسة العنصرية. ثم صدر مؤخراً خطاب وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي رقم 1682 في شباط/فبراير 2007 بإنشاء الحزام العربي الجديد، والغاية منه الفصل بين الكُرد في سوريا والكُرد في كردستان العراق وذلك بإسكان 151 عائلة عربية على أراضي الكُرد، وهي سياسة تطهير عرقي واضحة.
وبدلاً من أن يتجه النظام إلى حل مشكلة الكُرد، بالاعتراف لهم بحقوق المواطنة كاملة، ومنها الحق في بطاقة الهوية، وفي جواز السفر، والحق في التنقل وغيرها من الحقوق الأساسية، واصل سياسته العدوانية التي تزداد سوءاً على سوء، منذ حوالي 44 عاماً.
نحن الموقعين على هذا البيان، ننادي جميع منظمات المجتمع المدني في العالم العربي والإسلامي، وفي العالم كله، وخاصة منها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والمواطن، وكذلك مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بأن تقوم قوْمة رجل واحد، احتجاجاً على انتهاك حقوق كُرد سوريا، بما فيها حقهم في تقرير المصير، مطالبةً الحكومة السورية بوضع حدٍ لاضطهاد الكُرد. ونطالب المنظمات السياسية والإنسانية السورية، بأن تضع في أولوية اهتمامها الدفاع عن قضية الشعب الكُردي العادلة، فاضطهاد الشعب الكُردي هو تكملةٌ لاضطهاد الشعب السوري، الذي طال ليله وعذابه، وتحرُر أحدهما وعدٌ بتحرر الآخر من عدوان المخابرات اليومي على حرياته الأساسية.
-3-
واليوم يُصدر الدكتور منذر الفضل الأكاديمي العراقي، والمستشار القانوني، والنائب السابق، في الجمعية الوطنية العراقية، وعضو لجنة كتابة الدستور العراقي، والناشط في ميدان حقوق الإنسان بياناً آخر من أجل الكُرد السوريين بعنوان: quot;أوقفوا جرائم الإبادة ضد الكُرد من النظام السوريquot;، ويبعث بنسخ منه إلى السيد بان كيمون ndash; السكرتير العام للأمم المتحدة، وإلى المفوضية العليا لحقوق الإنسان ndash; سويسرا ndash; جنيف، وإلى وزارة الخارجية الأمريكية ndash; قسم الشرق الأوسط، وإلى منظمة العفو الدولية ndash; المقر الرئيس ndash; لندن، وإلى منظمات حقوق الإنسان كافة، وإلى وسائل الإعلام العربية، ويقول فيه:
quot;يوم بعد آخر، يكشف النظام السوري الذي يتسلح بفكر البعث الشوفيني، والذي لا يعرف لحقوق الإنسان قيمة، ولا للقانون دوراً، ولا للدستور معنىً عن حقيقته، حيث أصدر مرسوماً جمهورياً رقم 49 لسنة 2008 تفوح منه رائحة عنصرية تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولجميع الاتفاقات الدولية، ذات الصلة التي وقع عليها النظام المذكور. وتضمن المرسوم المذكور منع بيع سكان المناطق الحدودية لعقاراتهم بأنواعها وأراضيهم، ما لم يكن ذلك بناء على موافقة مسبقة من الجهات المختصة، ومن الطبيعي إن المقصود بهذا المنع والتقييد، هو الشعب الكُردي المحروم من حقوقه الأساسية والقانونية والسياسيةquot;.
وأرفق منذر الفضل نصَّ القانون كاملاً في بيانه، ثم أضاف يقول:
quot; وفي صباح يوم 2 /11/2008، قام العديد من الأحزاب الكُردية بمسيرة احتجاج سلمية أمام البرلمان السوري، للاعتراض على هذا المرسوم المجحف بحق ملايين الكُرد المحرومين من حقوقهم، وذلك لأن هذا المرسوم يأتي في ضوء تزايد القيود ضد شعب مسالم، يطالب بحقوقه الثابتة في الشرائع السماوية والأرضية، في وقت يتجه العالم المتحضر إلى جعل معيار احترام حقوق الإنسان الطوعي من الحكام، واحترام حقوق الشعوب، والقوميات الصغيرة، وإتباع الديانات، وبناء الديمقراطية، هي الأساس في علاقات الأمم والشعوب، إضافة إلى معيار آخر يقوم على صدق مواقف هذه الدول من الإرهاب، وبخاصة وقوفها ضد أي شكل من أشكال العنف، وعدم ممارسة إرهاب الدولة. وبخلافه فإن الأنظمة السياسية التي تمارس انتهاكات حقوق الإنسان، وترتكب جرائم الإرهاب، وتمارس القمع، تكون في قائمة الدولة ذات السجل الأسود، ولا يستحق حكامها الاحترام في المجتمع الدولي الذي صار مثل قرية صغيرةquot;.
وأرفق الدكتور الفضل قائمة بأسماء المعتقلين من الكُرد، في بيانه، وختم بيانه بقوله:
quot;وهذا الموقف من النظام السوري، يعتبر جريمة، لا يمكن السكوت عليها، وعلى الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والدول المحبة للسلام، أن تتحمل مسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية من ممارسات هذا النظام، الذي دعم ومازال يدعم الإرهاب في العراق بلا حدود أيضا، إضافة إلى جرائمه الإرهابية المعروفة في لبنان، وفي رعايته للإرهابيين.
لقد مارس النظام السوري دائماً سلسلة من عمليات القتل والاعتقال المنظم ضد الناشطين في ميدان حقوق الإنسان من الكُرد وغيرهم، دون أية مبررات معقولة، ولا ضمانات قضائية، ذات المعايير الدولية المتعارف عليها.
نحن نؤمن، بأن الانتصار سيكون للشعوب دائماً، وهذا ما تكشف عنه تجارب التاريخ، وإن انتصار الشعب الكُردي في غرب كُردستان على الجلادين أكيد لا محالة، وإن الباطل يبقى ضعيفاً مهما كانت قوته العددية والمالية، ومصير نظام صدام خير شاهد على ذلك.
فهل يتعظ حكام النظام في سوريا من مصير الأنظمة الفاشية، والحكام الظالمين؟!
نطالب سلطات النظام السوري بإطلاق سراح جميع المعتقلين فوراً وإلغاء المرسوم العنصري رقم 49 لعام 2008، كما نطالب جميع المنظمات الدولية والناشطين في ميدان حقوق الإنسان، الضغط على النظام السوري لوقف هذه الأعمال المخالفة لحقوق الإنسانquot;.
انتهى البيان.
فهل يستجيب ضمير العالم إلى نداء الأحرار، إذا كانوا مُصرّين على انتزاع حقوقهم المشروعة؟

السلام عليكم.