مقدمة: هل من دراسات علمية؟
إنّا بأمس الحاجة إلى دراسة حياة جالياتنا كلها في جميع شتات الأرض.. بل وينبغي معالجة هذا النزيف البشري الخطير الذي أصاب مجتمعاتنا في عموم أهم بلدان الشرق الأوسط.. وإذا كنّا على دراية شبه تامة بالأسباب والدوافع التي كانت وراء هجرة الآلاف المؤلفة من الآباء والأجداد نحو مناطق مختلفة من العالم، فنحن بأمس الحاجة اليوم، إلى إدراك نتائج ومصائر أولئك الناس الذين يعيشون اليوم جملة مشكلات، وأزمات، وتباينات في العلاقة بين الماضي والمستقبل، واختفاء هوية، وازدواجية انتماء، وهوس ثقافة. وهنا، أتأمل دوما بما ستؤول اليه مصائر تلك quot; الجاليات quot;، وأشير إلى أن جاليات عربية كانت قد نزحت من لبنان واليمن والجزائر منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر نحو أوروبا والأمريكتين.. وقد اضمحلت اليوم، واختفى الأحفاد في خضم مجتمعات غريبة. هكذا، فان مصير الأحفاد الجدد اليوم سيكون نفسه ذلك الذي حاق بمن مضى من الأحفاد، وخصوصا من العراق وفلسطين ولبنان وسوريا ومصر والمغرب والجزائر وتونس.
إنني أرى، انه بالقدر الذي يمكننا معرفة ما سيؤول إليه مصير الأحفاد، وخصوصا في هويتهم وثقافتهم، إذ أنهم سيفقدون انتماءهم لا محالة في الشتات، فلابد من المطالبة بمعرفة ما يدور في عقلية، وتمنيات، وأفكار الأحفاد في بلداننا بالداخل، إذ أن ثمة موجات عارمة من التمرد الاجتماعي والثقافي والسياسي في مجتمعاتنا بالضدّ منها، وان هناك، رغبة كبرى لدى الشباب في الهجرة الخارجية، وعدم الاكتفاء بالهجرة الداخلية بين بلدان المنطقة! إن ظاهرة التمرد الداخلي لابد من إيجاد حلول ومعالجات لها من قبل الحكومات والقوى الاجتماعية والإعلامية المتآلفة معها، لدرء الأخطار القادمة. إن المشكلة لم تعد سياسية فحسب، ولا اقتصادية أيضا، بل إن ثمة أسبابا اجتماعية قاهرة ومقيتة كالتفرقة العنصرية، والاختلافات الدينية، والتمايزات الطائفية، وصراعات القوى المحلية والطبقية والطفيلية.. الخ كدوافع حقيقية في الهجرة والانطلاق نحو المجهول.
العراقيون.. نموذجا
أود القول إن هذا quot; المقال quot; يمّثل حصيلة قراءات علمية لبعض مشروعات التنمية الاجتماعية التي قمت بالإشراف أو الاطلاع عليها أكاديميا في بعض الجامعات الغربية، وخصوصا دراسة أوضاع الجاليات العربية في الشتات، ومن خلال أسئلة لاستطلاعات الرأي، ومنها الجالية العراقية التي تمّثل نماذجها، فرادة في تنوع أسباب الهجرة والهروب الجماعي، أو النزوح واللجوء ألقسري نحو الغرب على امتداد خمسين سنة مضت.. وربما تلاقت الأسباب والنتائج مع ما يعانيه العرب جميعهم وغيرهم من شعوب المنطقة في الشتات. إن التركيز هنا، على الجاليات العراقية، سيمنح الآخرين، عدة فرص للدراسة والاستفادة، ولكن من نوع آخر، إذ تبيّن لنا من خلال استطلاع الرأي أن جيل الآباء له شديد الحنين لأرض الوطن، وتقل النسبة كثيرا عند جيل الأبناء. وتكاد تكون هذه quot; الحالة ldquo;، نادرة عند جيل الأحفاد الذي لا يدرك هويته إلا في الحاضنة التي ترّبى فيها.. وهذا أقسى ما سيصل إليه النزيف البشري من مجتمعاتنا (العربية خصوصا) والمكبلة بالتناقضات.
أولا: ازدواجية الانتماء
لقد أدركت من غير أي سؤال، أن مضمون أية دراسة علمية، سيتركز على أوضاع جيل عراقي توزعت سايكلوجيته بين عالمين اثنين، أو قل، ثقافتين مضادتين : ثقافة عراقية ترّبى أي عراقي عليها في سنوات تكوينه الأولى في العراق، ولازمته مع أهله في بيته، ومع معلميه، وأصدقائه في مدرسته.. وثقافة غربية (قسرية له)، وجدها بعد هجرته، أو هروبه، أو نزوحه في فضاءاته الجديدة، سواء في أوربا،أم أمريكا، أم استراليا، أم نيوزيلندا واماكن وبيئات اخرى.. وستكون لسايكلوجيته إرهاصات من أنواع أخرى إن عاش في بلدان آسيوية أو إقليمية أو عربية. وغدا هذا quot; الجيل quot; المغترب يعيش quot; ازدواجية ldquo;، أو قل، quot; ثنائية quot; راسخة في تربيته ووجدانه.. بين تكوينه الأول ونضوجه الثاني.. بين ذكرياته الأولى التي تحمل كل المعاني مهما كانت قساوتها، وبين ثقافته الجديدة التي تحمل كل التشيؤات مهما كان نضوجها. إننا نجد ازدواجية الانتماء، في كل مكان ولدى أي نوع من البشر، فتتصادم تقاليده المشّبع بها بغيرها من الثقافات الغريبة عنه، بل وتبقى تقاليده وطقوسه هي المسيطرة على وجدانه بكل أشكالها ومضامينها التي سحبها معه من دواخل أي مجتمع أتى منه، ليتشكّل صراع داخلي عنده ضد المجتمعات التي احتوته، بين عهد وآخر، وكلها تترجم نفسها في بيته وبيئته فينعزل الآباء والأجداد عن الأبناء والأحفاد ضمن فضاء ثقافي واحد.. ولكن أن تتنازع الإنسان ثنائية في الانتماء لما هو عراقي شرقي إزاء أمريكي غربي ـ مثلا ـ، فهذه تجربة سايكلوجية من نوع جديد، وولادة سوسيولوجية تطفح لأول مرة على سطح التاريخ، وهي تجديد مفعم بالتحولات المريرة من نوع ما، تعيشها الجاليات في خضم مخاض مأساوي في التاريخ.. إذ يتنافر كل طرف عن الطرف الآخر، وكما يحدث الصراع، أي نوع من الصراع في دواخل أي مجتمع في الداخل إزاء الخارج، كذلك يتنافر كل من الانتماءين في سايكلوجية إنسان واحد سواء يعيش في الشتات (= الوطن الجديد) أو جاء يركض لاهثا نحو الوطن الأم، (فوجده هو الشتات الجديد)!
ثانيا: التشظيات.. بداية الاختفاء
إن العراقيين قد تشتتوا في بيئات متنوعة من العالم، وأصبح الأولاد والأحفاد يحملون ما تبقى لديهم من نزوع عراقي خليط من تنوع ثقافي، كل في البيئة التي نما وعاش فيها، فضلا عن أن التشتت الثقافي الذي يعيشه العراقيون من جيل الآباء والأجداد، فلا يمكن جمعه من جديد ابدأ، فكيف بأبنائهم وأحفادهم؟ أما الأبناء والأحفاد في داخل العراق، فهم يعيشون انتماءات مختلفة لتشظيات لا حصر لها.. إن الخروج من أزمان مختنقة جعلتهم يعيشون حتى الآن تشظيات لا حصر لها، بعيدا جدا عن القيم العراقية التي توارثها العراقيون أبا عن جد. ولكننا نشهد، انتقالا فاضحا لما تعيشه كل جالياتنا التي يجعلها الحنين وازدواجية الانتماء تقود إلى الفراغ، أو يقودها إلى الرفض.. أما يرفض انتمائه الأول، ويصبح جزءا من أجزاء الثقافات الجديدة التي تغزو العالم اليوم، أو أن يبقى مزدوج التفكير بين ثقافتين، ولا يعرف ماذا يريد، ولكنه يصر على هوية دينية أو طائفية أو وطنية.. وقد يعبر عن ذلك تعبيرا هادئا أو ينخرط ليغدو واحدا من المتمردين الذين يقبلون بفعل أي عمل مضاد للغرب. إن جيل اليوم من العراقيين الجدد يعيش اغترابا في زمنين مختلفين، ومكانين متباينين، زمن راحل وزمن حاضر.. وعراق داخل وعراقات في الخارج.. ربما لا تحتمل الازدواجية، بل تتفوق على ذلك كثيرا مع جملة هائلة من التناقضات الراسخة في التربويات ومع الأهواء وما يدور في العقل وما يعتمل في الضمير مع انقسام داخلي وخارجي طائفي أولا، وديني ثانيا، وقومي ثالثا، إزاء تكوين تربوي وثقافي وإعلامي وقانوني غربي يختلف اختلافا جوهريا عن كل حياتنا التي نحياها في أوطاننا الأم.
ثالثا: الوطنية الحقيقية ام الكاذبة؟
إننا نتعامل، اليوم، مع عراقيين من شتى الملل والنحل، وكل واحد منها، عالم بحد ذاته يحاول أن يجذب الآخر إليه، وعالم يريد العزلة، وعالم يطمح للانفصال، وعالم متقّيح بكل ما يحمله من أحقاد وكراهية للآخر.. وعالم آخر يشعر بالانسحاق دوما ويريد أي تعاطف معه.. وذاك عالما يشعر أن الجميع يستأصله، وهو متشبث بكنائسه وأرضه ووجوده بالرغم من كل ما استنزفه. إن مشكلة الانتماء للعراق، تبدو في بعض الأحيان موضوعا اسميا لهوية يريد أن يمتلكها كل طرف على حساب الطرف الآخر، والكل يشعر أن العراق بكل خصبه، وذاكرته، وتراثه وطيب الحياة فيه هو العالم الذي ينبغي أن يندمج الجميع فيه. السؤال الآن: هل هناك من أسباب تدعو للانفصال عنه ليس من الناحية العملية، بل من الناحية النظرية على الأقل؟
رابعا: اقتلاع الجذور القديمة وتطعيم الاغصان الجديدة
إنني كثيرا، ما أشبه حالة الأحفاد كونهم قد اقتلعت جذورهم، وطعّموا ليكونوا أغصانا جديدة لمجتمعات أخرى.. أمامنا تطغى نماذج مختلفة من تشتت انتماء العراقيين، وتشظّي الأبناء والأحفاد.. ربما لا يتألم الآباء والأجداد، وهم لا يفكرون إلا بالخلاص من جحيم العراق، ولكن سينتابهم القلق الكبير إن فكّروا بما سيؤول إليه مصير أبناءهم وأحفادهم، وقد زرعوا نبتا مختلفا في مجتمعات أخرى يندمجون فيها على مهل! ثمة آباء قد فرحوا بما صنعوه، كون العراق قد أصابهم في الصميم، ولكنهم غير منفصمين، ولا بمنفصلين، عن انتماءاتهم العراقية.. وثمة من يفكّر دوما بالماضي، ويسترجع ذاكرته بينه وبين زوجه، أو من أبناء جيله، فالجيل الجديد لا يكترث أبدا بحكايات الآباء والأجداد، بل وان علاقته بالعراق هي علاقة روحية يّعوض من خلالها النقص الذي يشعر به أبناء كل جالية في أي بقعة من الأرض. إن الأبناء والأحفاد لكل العراقيين سيبقون أبناء جالية(أو: جاليات) لحين من الزمن، ومن ثم تجدهم، وقد اندمج أبناؤهم وأحفادهم في المجتمعات التي التجئوا إليها أو هاجروا نحوها، وانفصلوا تماما عن أرضهم وهويتهم وما تبقى من انتماءاتهم العراقية.. وهو أهم نموذج لبقية الجاليات الأخرى في المنطقة. إن البعض من قصار الرؤية سيتفلسف ويثرثر طويلا كونه يرى نفسه في أبنائه وأحفاده، لكنه لا يدرك حجم المأساة بعد مائة سنة من اليوم مثلا!
خامسا: ديالكتيك الزمن: ذروة التناقض
هذه باختصار، هي الفلسفة بعيدة المدى، وعميقة البعد، لمن يفكر في اغتراب ملايين الناس، عن وطنهم، بكل الطرق التي وفرتها الأحداث المأساوية.. إن الرؤية، التي يحملها الأحفاد العراقيون الذين غدوا، مثلا، من الغربيين في بريطانيا، أم كندا، أم أمريكا، أم استراليا، أم نيوزيلندا.. الخ يتعاملون بغير لغتهم الأم، وهي وحدها، حكاية نموذج من ملايين الحكايات التي يتبادلها العراقيون فيما بينهم منذ عشرات السنين.. إن الأحفاد العراقيون، شاءت الصدف أن تجعلهم في حالة تصادم بين ثقافتين، أو حالة ديالكتيك بين هويتين.. أو حالة تناقض، بين ذاكرة عراقية، وبين ثقافة غربية.. كلها، ذلك التصادم وذاك الديالكتيك ( = الجدل ) وصولا إلى ذروة التناقض، هي بالأحرى عملية صراع ثقافي وسايكلوجي أساسا في بنية كل الأبناء والأحفاد الذين يعيشون حياتهم مزدوجي التفكير، والهوية، والثقافة إلى حد ما! باختصار، أقول هنا، بأن ما وجدوه في مجتمعاتهم الجديدة التي تربوا في أحضانها كان اكبر بكثير من عانوا منه، أو ما سمعوه ويسمعوه كل يوم عن مواطنهم الأولى التي تعيش جملة مآس لا حدود لها.
سادسا: الحلم البعيد لن يتحقق بسهولة!
كان كل العراقيين في المهجر، يرنون إلى تلك quot; اللحظة التاريخية quot; التي تجعلهم يحلمون أن يكون العراق بين يوم وليلة كما كان عليه أيام ألف ليلة وليلة، أو على اقل تقدير، كما كان عليه في الخمسينيات من القرن العشرين، مستقرا، منتجا، موحدا، متطورا. نعم، وكان الإعلام الأمريكي يّصور للعالم أن عصرا جديدا سينفتح أمام العراقيين حيث (الديمقراطية) وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني، والحياة الدستورية.. وبالفعل، برزت للعالم عدة منظمات ومجموعات عراقية، في الداخل والشتات، واندفع الكثيرون، ولكن نحو التيه، وهناك من يستغرب أن هناك حتى يومنا هذا من لم يزل يصفق للفراغ وهو بانتظار أن يغدو حلمه حقيقة قائمة بذاتها.. بالرغم من كل الهزّات والصعقات وحياة الفوضى التي تعج بالعراق، وفرص التشنيع التي يمارسها العراقيون في ظل الحياة الجديدة باسم الديمقراطية التي لا يدركون أساليبها وتقاليدها أبدا!
سابعا: تجسير الهوة بين الداخل والخارج
ربما ينفرد العراقيون فقط عن غيرهم، أنهم يعيشون التمايز منذ زمن بعيد بين من بقى في وطنه من أبناء الداخل، وبين ذاك الشارد عن وطنه إلى ارض الشتات. ثمة تمايز تحّول مع مرور الأيام، وبفعل سياسات القمع الداخلية، ومواريث المجتمع السيئة، إلى تأسيس للكره والحقد والبغض والنظرة الحسودة من قبل أبناء الداخل لإخوتهم أبناء الخارج.. كونهم يعيشون حياة مرفهة ووديعة، ولم يعانوا الأمرّين، كالذي يعانيه أبناء الشعب كلهم.. وبالرغم من صواب هذه الرؤية، إلى حد كبير، إلا أن ابن الشتات تعّرض، ولم يزل يتّعرض لمشكلات صعبة جدا لا يدركها أبناء الداخل، فضلا عن أن أبناء الشتات، وقفوا وقفات إنسانية ووطنية لا تنسى أيام الحصار الجائر على العراق، وهي وقفات اجتماعية، وأخوية، قوية دللت على أن الروح العراقية لا يمكنها أن تنفصم أبدا لدى جيل الامس.. اليوم، تتحمل وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية والتعليمية العراقية، دورها في العمل على تجسير الفجوة بين العراقيين كلهم مع أبنائهم وأحفادهم في الخارج، كي يساعد على الاندماج بما يخدم المجتمع العراقي بعيدا عن التمزق والتفسخ.
واخيرا: ماذا اقول؟
لقد كان الأحفاد في الشتات أكثر اندفاعا من آبائهم وأجدادهم في موجات هذا التيار بالخروج من ازدواجية الانتماء إلى أحاديته.. قبل أشهر مضت، قابلت في تورنتو الكندية مجموعة عربية من رجال عرب كهول السن، وهم يعيشون أفكارهم المحتقنة، إذ يريدون بثها في الغرب، ولما جابهتهم أن أحفادهم سيغدون كنديين حقيقيين مستقبلا بحكم الزمن، انتفضوا انتفاضة كبيرة واستعاذوا بالله من الشيطان الرجيم، فقلت لهم : إنها حقائق أثبتها الزمن على غيركم، خصوصا وإنكم تتمتعون بالقوانين الكندية اليوم، ولكنكم ترفضون الواقع وانتم من الهاربين.. وهذه هي محنة المهاجرين العرب والمسلمين في الغرب خصوصا.. إنهم يتوهمون جعل العالم يمشي حسب مزاجهم وأهوائهم وأفكارهم.. فإذا كنتم قد فشلتم في أوطانكم التي أدرتموها من الأمام إلى الوراء، فكيف باستطاعتكم تغيير العالم كما تريدون. إن العالم أقوى منكم جميعا، وهو لا يكترث بكم، بل يعّول على أحفادكم في الشتات! إن مجتمعاتنا في دواخلها، تتوهم الأخيلة حقائق، ولكن ليس كمن انتظر طويلا لإصلاح ذات الحال، والخروج من مأزق الظلم والعنف والحروب والحصارات، كي يدخل فوهة بشعة، ولكن من نوع آخر، حيث انسحاق المؤسسات واختفاء الأمن، وتبلور الانقسامات، واشتعال الحرب الطائفية، وانتشار الإرهاب، وإشاعة التمزقات والتباينات باسم المكونات، أو الاكثريات والأقليات.. إن الأحفاد والأبناء، قد ضاع أملهم في الرجوع والعودة إلى وطنهم المحترق حتى إن كان الرجوع زيارة قصيرة.. بل وبدأ العراقيون يتدفقون على بلدين عربيين مجاورين كي يمارسوا الضياع، ويتفاقم الأمر كثيرا عندما يصبح النزوح حالة جماعية.. إن متغيرات الحياة الصعبة في أوطاننا، بكل جروحها وقروحها، على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين قد خلقت هذا النزيف البشري الذي لا انسداد له، وخسرت بلادنا العريقة أهم ثروة سكانية من أبنائها، وكلهم من ذوي القدرات المبدعة، والمهن الخلاقة، والكفاءات الرائعة.. فمتى تستقر حياة أوطاننا وتتطور الحياة فيها كي ترجع الطيور إلى أعشاشها.. بدل أن نهدي العالم أولادنا وأحفادنا على امتداد قرن آخر من الزمن؟؟
ملاحظة: للحديث صلة في مقال تطبيقي قادم..