لو (صح) لكل واحد من مواطني جملوكيات الرعب والفقر، جواز سفر كندي (زفتي اللون)، وسنحت له الفرصة أن يصبح مواطنا كنديا كريما، لهرب باتجاهها، وودع الوطن...
ولكنهم لا يعترفون؟
وطن يجب على من دخله، أن يخلع عن اليمين قبل الدخول كرامته، وعن الشمال عقله، ثم ينحني 90 درجة لأن السقف لا يسمح بغير ذلك، ثم يفتح كتاب النبات، فيقرأ وظائف النبات جيدا، ويحفظها عن ظهر قلب، أكثر من الذكر الحكيم، لأن نسيانها فيها الفلق؟!!
ونسيان الآيات فيها مغفرة رب الفلق!!
في الواقع الجواز الزفتي هو مهر عبودية لقوم عبدوا الطاغوت، ختم بالذل داخل الوطن وخارجه، ليس لها من كاشفة، حتى يأذن الله بالفرج، لقوم مسخوا قردة وخنازير، انحصرت مهمتهم أن يزعقوا في مواكب الكذب هتافا للرب:
بالدم بالروح نفديك يا أبو الجماجم..
إن كندا التي أصبحت من رعاياها بكل فخر وانتماء، هي وطني أنا، وعائلتي وذراري من بعدي، وأتمناها لكل مواطن في الفلق!!
وقل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق؟
كندا ليست أرضا ولا (جوازا زفتيا) بل أمنا وكرامة وحرية وعدالة وبعدها الرزق الوفير والضمانات الاجتماعية...
وجمهوريات الخوف والبطالة فلق وحبوس، وجيوش من المخبرين السريين، وظلما وظلمات بعضها فوق بعض، وفوضى وموظف مرتشي، وقضاء فاسد، وتعليم قاصر، وطرقات لم يتعرف مهندسوها بعد على الشكل القياسي؟ ولم تدخل العصر بعد..
وطن كتب فيه على واجهة سجونه وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين، في سخرية لتسخير الذكر الحكيم في قضية فرعون وحبسه ومحبسه..
ومعظم حبوس الفرعون زرناها، ليس لجريمة فعلناها، بل لاتجاه آمنا به، فقال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم..
ولعل الجيل الجديد، لم يعاصر الكارثة، ونشأ مع جيل الطغيان، كما نشأ بنو إسرائيل في ظل فرعون، فلم يعرفوا طعم الحرية التي جاء بها موسى، فذوقهم فسد، كما يحصل مع المريض الذي يظن الماء القراح مرارة علقم.
وحين عبروا البحر عكفوا على أصنام قوم فورا، فقال إن هؤلاء متبر ما ماهم فيهم وباطل ما كانوا يعملون..
وأنا من الجيل الذي عاصر الكارثة بهولها، فقد بلغت من العمر عتيا، واشتعل الرأس شيبا، وطار الشعر؛ فأصبحت صلعة تلمع تحت الشمس، مثل صلعة سقراط ، الذي بسم الشوكران سمموه، وبالإعدام حكموه، ولو كنت بين أظهرهم لنالني ما نال سقراط؟؟
فهذه بلادي التي ولدت فيها ما لم يأذن الله بالفرج؟؟
والفرج موعد مع غمامة صيف لإطفاء حريق هائل؟؟
وهيهات هيهات لما توعدون..
فمن دخل النفق وتاه، وولج الصحراء وضاع، ليس كمن يمشي سويا على صراط مستقيم..أو بيده خريطة وبوصلة ويعرف الاتجاهات..
إننا بنو إسرائيل الجدد كتب الله علينا الضياع، فنحن جيل الهولوكوست العربي، جيل التيه والخوف والمحرقة والضياع..
وليس من رجع إلى عصر المماليك مودعا عصر النور، مثل من عاش في العصر، فلا يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لايعلمون..
وأما من كان داخل السجن الكبير فليس عليه سوى ثلاث مصائر:
ـ حبس مفتوح أو انفرادية سبع عشرة عاما، يحمد فيها الله أن خرج بعقله، فهناك من خرج بربع عقل، أو سرطان دماغ، أو سكري عليل، ساقه للقبر في أسابيع..
ـ أو الانسحاب إلى قرية نائية يعيش فيها المرء من بقرة حلوب ونحل دءوب، كما فعل بعض الناسكين رضي الله عنهم وأرضاه..
ـ أو النفاق والمراء والكذب وبيع الضمير في سوق للنخاسة والدهلزة والخوف والغباء والعناء والشقاء والوباء والغلاء حتى حين..
أو ربما مصيرا أبشع في قتل وتصفية، وجلد ودولاب، ولو زعم أنه من الرفاق، وحج إلى قبر الرفيق الأعظم، وطاف سبعا في سبع فروع أمنية، مع الهدي والقلائد، ورمى الجمرات في حوران،على قبر الرفيق الخائن.
مع ذلك فالوطن يعني رفع قانون أحوال الطوارئ، ذلك الذي أعلنته كندا في تاريخها الحديث لمدة ثلاثة أيام، ذلك وعد غير مكذوب، في قصة برد مونتريال الشهيرة، وقام رئيس الوزراء يومها وشرح للناس أن معناها اعتقال أي إنسان في أي لحظة بدون مذكرة قضائية..
أما بلادنا العزيزة فقد تحولت إلى أرض ثمود كما وصف النبي (ص)، يدخلها العاقل باكيا، آية للمتوسمين، كيف تحول المكان إلى سجن ومقبرة يصفر فيها الهواء، يتجول فيها حفار قبور، وعزرائيل لقبض الأرواح إلى بلاد التعس والأتراح؟؟
فلا يعتز أحد ببلاد من هذا النوع كما فعل الشيطان فولج إلى اللعنة الأبدية، وليبك على خطيئته، وينتسب للتقوى أيا كانت الجنسية.
نحن عباد الله، والله رب العالمين، والأرض وضعت للأنام فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام فبأي آلاء ربكما تكذبان..
والرسول ص هاجر إلى المدينة، وكان يمكن أن يهاجر إلى الهند، كما فعل يسوع حين وصل إلى حافة المصلبة فرفعه الله إليه.
فلم يبق وطن مع صلب ومصلبة واضطهاد ومظلمة.
وأنا تلامذتي أكثرهم مغاربة، ومن استفاد مني في أغادير أكثر ممن استفاد مني في حلكو وعامودة ونصيب وسمنين وقنسرين..
ولندع عنا العنتريات العربية وأشعار الشنفرى، والله أمرنا بالقسط ولو على أنفسنا أو الأقربين، أن يكن كرديا أو عجميا أو يعربيا؛ فالله أولى بهم فاعدلوا..
فلو ولد أحدنا بين الأكراد في قرية خزنة لصرخ: بيجي بيجي كردستان..
ولو ولد في كردستان لوقف في إجلال للطالباني جلال، وأنصت بأشد من الجن، لأخبار عمليته في أمريكا، فلم يسلم نفسه للأكراد، بل للأمريكان الذين يصلحون قلبه وعرشه على حد سواء.
ولو ولد في الناصرية لكان من أتباع المقتدى والمهتدى والطاباطبائي، ولو ولد في جنوب لبنان لخرطش السلاح، وزعق مع الزاعقين من حزب الله والإيرانيين عجل الله فرجه.
ولو ولد في شنغهاي لربما حمل الكتاب الأحمر وهتف لماو.
ولو ولد في الفاتيكان لاعتبر أن الله ثالث ثلاثة..
ولو ولد في طرابلس لربما تبرك بالكتاب الأخضر، واعتبره الحل النهائي لكل مشاكل الجنس البشري، أكثر من الزبور والتوراة، والعهد القديم والجديد ورسائل بولس..
وحين يسمع أخبار تعويضات إيطاليا لليبيا بخمس مليارات دولار عن فترة الاستعمار الفاشي، فلا شك أن سيقدس القذافي ويعترف له بالمعصومية مثل آل البيت والبابا في الفاتيكان؟
الوطن وجواز السفر هي رحلة سدرة المنتهى إلى العدل والكرامة والحرية والأمن وليكن لونه أسودا مربادا مثل الليل البهيم...
سألوا أردنيا لماذا أنت مكشر؟
قال: بحرنا ميت؟.. وخليجنا عقبة؟... وقهوتنا مرة؟... وأكلتنا مقلوبة ؟ وأسماؤنا زعل ومهاوش وخصاونة وبلاونة؟... ومغنينا متعب؟... وأغنيتنا: ياويلو اللي يعادينا يا ويلو ويل !!
فهل هناك شعب أنكد من هذا ؟؟