انا المواطن العربي بكامل قواي العقلية او ما تبقى منها على الاقل..
انا المواطن العربي المقيم في بلدي الذي تحكمه قيادات ونواب ووزراء ورؤساء وورثة لا يمثلونني ولا يقتربون حتى مما انا عليه سوى من خلال أموالي التي يتم نهبها يوميا من خلال فواتير كهرباء لا يتم تزويدي بها، ومياه تكاد ملوحتها تقتلع عيوني من مكانها وطبابة.. اللهم استرنا من فواتيرها ومن أداء أطبائها وممرضاتها.
أنا المواطن العربي الذي يساق يوم الانتخابات كالنعجة كي أنتخب من سيشتري السكين التي ستنحر بها رقبتي ومن سيذبحني ومن سيتلذذ بلحمي.
أسير خلف كل أبله يميزني عن غيري بالطائفة واللون هاتفا باسمه، وحين يقرر المواجهة تسفك دمائي ويستمر هو بمهمته لأسجل في التاريخ تحت مسمى quot;الأبله الفلاني.. شهيد الطائفية والتعصب والعنصرية quot;.
أنا المواطن العربي الذي كسر عنقي من دوس الزعماء والحكام على جسدي. فإن شكوت أهملت، وإن تكلمت قمعت وإن أردت الحرية هربت إن وجدت في الحياة ما هو جميل اقتلعت عيوني من مكانها.

اجلس بكل عنجهية في المقاهي يوميا، اضع نظارتي وأقرأ صحيفتي وأشرب قهوتي وأتحدث بفلسفة لا يفهمها أحد، وأنتقي كلماتي بكل عناية كي تكون من العيار الثقيل. أردّد نظريات وأنظم أبيات شعر، أكتب الروايات واتحدث عنها ومع ذلك أجد رؤوسا نخبوية تتحرك إعجابا يمينا ويسارا على وقع كلماتي التي لا أفهمها انا شخصيا.
أحمل قلما أضعه في جيبي وأتباهى بطرفه المذهب، أدّعي الحياد والموضوعية وأبثّ سمومي لمن لم تمتد يداه البخيلتان باتجاهي. أرفع حاجبا وأتحدث عن سلطتي الرابعة، أشتم كل من لا يروق لي وأدعو إلى قتل من لا أحب. أكتب لانني معلمة ما علمتني الكتابة لا لأنني اجيدها، أكتب لأنني أجيد الحقد والكره.
انا المواطن العربي الذي دمرت كل ما هو جميل، دخلت القضاء فكسرت ميزانه، دخلت الاعلام فشوهته، دخلت الطب فقتلته، احترفت الغناء فأصبته بالصمم، تمايلت برقص فابتذلته. دخلت السلك الدبلوماسي فتشوهت كجثة متفحمة، تذوقت السلطة فأدمنتها، جلست على كرسي الحكم فلم أغادره. آمنت بقضية فتاجرت بها، تعمّلت عمل الخير فنهبته.
انا المواطن العربي الذي ان ابتليت بفقر ولم اخرج منه الا بموتي فألجأ الى من يبيعني ويشتريني، وان أترفت بمال لم أشبع من تجميعه. أنهش لحم كل من يقترب مني، ارقد في برجي العاجي واحلم بمزيد من المال والسلطة.
ولدت في بقعة من الارض تدعي وطني وانا لا اعرف من الاوطان سوى قمعها وغبنها، أحني رأسي مستسلما، اسمع فلا اتكلم، أرى فلا أتقدم، أشعر فلا أفعل.
*******

انا المواطن العربي بكامل قواي العقلية او ما تبقى منها على الاقل..
اقيم في بلد ارفض سياسة حكامه، يغلي دمي في عروقي فأخرج الى الشارع مطالبا بسقوطها. أرفع صوتي بوجه كل طاغية وكل دكتاتور.
أرفض انتخاب من لا يمثلني، وأسعى جاهدا إلى تغيير بما أستطيع. رفضت الحق الذي أعطتني إياه دولتي لاختيار مرشحين يتكررون عاما بعد عام. ارفض انتخاب من يستغلني لتحالفات لا يصلني منها سوى المزيد من الاستعباد.
انا المواطن العربي الذي ان التزمت بطائفتي تقبّلت الاخر، وان كنت علمانيا أحببت التنوع واحتفيت به، أتجاهل كل ابله ينشد الفرقة والطائفية والعنصرية.
لا احني رأسي لاحد، أؤمن بحقوقي واقوم بواجباتي وان كانت الفوضى تعم كل ما يحيط بي. أشكو وأتكلم، وإن لم اسمع تكلمت بصوت أعلى.
أحمل قلمي وأكتب كل ما هو حق، انا نبض الشارع الثائر على كل ما هو فاسد.. على السلطات الدكتاتورية، وحيتان المال.
انا المواطن العربي اكتب لانني اجيد الكتابة، فان تكلمت سمعت وان كتبت ابدعت.
دخلت القضاء فأصلحته كفتا ميزانه، انتصرت للحق وحاربت الباطل، امتهنت السياسة فكنت صوت المواطن، لم اثمل بسلطة ولم انتش بمال. احترفت الغناء فكنت طربا لا يفنى، تمايلت برقص فكنت مبدعا.
انا المواطن العربي نبض الشارع الحي، امنت بقضية فالتزمت بها، حملت سلاحي ودافعت عن حقي. أؤمن بحق كل الشعوب بتحرير أوطانها، اؤمن بالمقاومة وبالعروبة. ارى في الحياة خيرا.. وارى في الشارع شعوبا تريد التحرر من كل ما هو كريه ومفسد.
ان ابتليت بفقر مت فقيرا مرفوع الرأس لا أباع ولا أشترى، وإن أترفت بمال فلأنني أجدت عملي.
انا المواطن العربي ولدت في بقعة تدعى وطني، أرفض قمع حكامها وتعنتهم ودكتاتوريتهم. أرفع رأسي بفخر لا حدود له، أسمع وأتكلم، وأرى وأتقدم، أشعر وأفعل.
انا المواطن العربي لا أقبل أن أجلس وأتفرج على حرب غزة، لا اقبل بأن تتفرج الحكومات العربية. بيدي أغير الواقع، بتمردي. أخرج الى الشارع، انا المواطن الذي أجلستهم على كراسيهم قادر على ان أقلبها فوق رؤوسهم.

انا المواطن العربي بكامل قواي العقلية او ما تبقى منها على الاقل.. ادعو الى ثورة.
فلتكن الثورة.. لتخرج الشعوب الى الشارع.. لتخرج وتعيد بلادها الى اصحابها.. اليها هي الشعوب المقموعة.. الشعوب التي بيدها التغيير.
لتحيَ كما قدر لها ان تحيا.
والاقدار تصنعها سواعد الرجال المناضلة وبنادق المقاومين المدافعين عن حقهم بأوطانهم، وأقلام الثائرين على كل ما هو مفسد وفاسد، والنخب quot;الشعبية quot; لا النخب الزائفة المتنكرة بزي مثقفين وساسة وزعماء وقادة لا يغنون ولا يسمنون عن جوع.
قدرنا أوطاننا، وستعود لنا لأننا شعوب نؤمن.. وسنؤمن دوما.. والعائق البسيط امام حلمنا، جميع الحكومات العربية ومن يعمل تحت إمرتها !!
لكنها الثورة.. الثورة الاتية ولو بعد حين.
ثورة ستجرف معها كل الظالمين والمتاجرين بقضايا المواطن العربي.
ستنزل غضب على رؤوس كل المنافقين والمدعين.. ستأتي الثورة.. لو بعد حين.