لم يكد ايهود اولمرت ينهي جملته حتى علت اصواتنا بضحكات مجلجلة. قال كلمته وأغرقنا في نوبة من الضحك لم تتوقف الا بعد انتهاء خطاب إعلان وقف النار الأحادي الجانب كاملا. لقد افتقدنا الضحك خلال الايام الـ 22 الفائتة التي لم نر فيها سوى الموت والدمار والأشلاء المقطعة.
إذا إسرائيل أعلنت وقف إطلاق النار بعد 22 يوما من إبادة أهل غزة.. استجابة لمطالب حسني مبارك! ما أروعك فعلا يا حسني مبارك.. أين كان كلّ هذا التأثير سابقا. حقا يا فخامة الرئيس ليتك أخرجت سلاحك الفتاك هذا قبل أسبوعين.
لكن نوبة الضحك لم تتوقف هنا، بل استمرت حتى ما بعد توقيع الاتفاق الاميركي الاسرائيلي بين ليفني ورايس، لا بل إن الدموع انهمرت والسواعد باتت منهمكة بإسناد بعضنا الاخر بعد خروج مبارك علينا بخطاب رافض للاتفاق.. وبعده ابو الغيظ معترضا.
فعلا،لا شيء ينعش القلب أكثر من نوبة عارمة من الضحك.
لقد كان تغيرا جميلا ان يقطر غيظ ابو الغيظ باتجاه آخر هذه المرة،ولو كان تغيرا موقتا. لقد استمر غيظه يقطر باتجاه كل مطالب بفتح المعبر وباتجاه كل مندّد بسياسة مصر خلال الايام الفائتة. ومن منا لم يستمع الى غيظه وهو يهدّد ويتوعّد بكسر رجل أي فلسطيني يعبر معبر رفح منذ أشهر.
هذا المعبر الذي بات علامة مصر المميزة quot;trade mark quot; والذي قال مبارك نفسه خلال قمة الكويت الاقتصادية إنه أعطى الأوامر منذ اليوم بفتح المعبر الذي لم يقفل يوما خلال الحرب.
حقا، لا بد أننا جميعنا نعاني عمى البصر والبصيرة، لأن أيًّا منا لم ير هذا المعبر مفتوحا، وأيًّا منا لم ير العائلات الفلسطينية تهرب من الابادة التي تمارسها اسرائيل ضدهم.
نظرية حالها حال المبادرة المصرية لوقف الحرب الإسرائيلية..لا بد أن فريق مبارك في قمة إبداعه هذه الايام. فمن المبادرة المصرية الى اللقاء التشاوري فقمة شرم الشيخ مع القادة الاوروبيين. وما بين الخطاب الاوروبي في مصر وخطابهم في تل ابيب مفارقة زادت الموقف العربي تألقا!
في قمة قطر لم نسمع لمبارك صوتا، سوى ما صدر عن ابي الغيظ من اعتراضات على عقدها معتبرا ان هكذا قمة ستنسف قمة الكويت، وبالطبع فان مبارك لن يشارك.
أعلنت قمة غزة ان قطر وموريتانيا ستجمدان العلاقات مع اسرائيل وتركت الباب مفتوحا لقمة الكويت لتستكمل من هناك. في قمة الكويت جاءت الصورة والخطابات والمليارات..في قمة الكويت قال مبارك إنه من دون مصر لا يمكن الحديث عن مصالحة فلسطينية ولا عن إعادة اعمار ولا عن فك حصار ومع ذلك لام كل من يحصر حصار غزة بمعبر رفح فقط.
يقال ان صورة quot;لم الشملquot; عادة ما تفرح القلب، لكن صورة الزعماء العرب المتخاصمين لم تفرح القلب هذه المرة ولم تبعث القبلات اي رغبة في الابتسام. احتاج الزعماء العرب الى اكثر من ألف شهيد في لبنان والى ما يفوق الـ 7000 شهيد وجريح فلسطيني كي يقرروا أنه حان الوقت للمصالحة.
حسنا، تصالح العرب وباتوا أحبابا يتناولون الغداء معًا ويرتشفون القهوة معا.. هل سيستمر الود لو قرر احدهم على سبيل المثال خلال استراحة القهوة مثلا القول جهارا quot;الموت لأميركا quot; او مثلا الاشادة بحذاء الزيدي امام معتدل عربي، هل سيقوم الآخر برمي القهوة الساخنة بوجهه.
لعلها مصالحة صامتة، نقبل بعضنا الاخر ونبتسم امام الكاميرا، لكن في سرنا سنعتمد مبدأ ألا تستفزّني فلا أستفزّك.
لا تكلمني عن حركات المقاومة، فلا اكلمك عن الشرق الاوسط الجديد.
لا تحدثني عن مد الاحزاب المقاومة بالاسلحة، فلا اكلمك عن صفقات الاسلحة عن اميركا.
لا تذكر امامي ايران فلا اذكر امامك اسرائيل واميركا.
وبالتأكيد لا تذكرني بالدور التركي الحالي.. لانه يثير حساسية عالية.. تصالحنا وكفى.. فدعنا لا نتكلم في اي شيء!.