الارتياح العام الذي صاحب تعيين المفاوض السابق وأحد صانعي السلام في أيرلندا الشمالية، السيناتور جورج ميتشل، مبعوثا لعملية


توقع وصول المبعوث الأميركي للشرق الأوسط الأربعاء المقبل

ميتشل يقر مبدأ الألم يصنع الأمل

المصري لـإيلاف: مهمة المبعوث الأميركي شائكة

السلام في الشرق الأوسط، له أكثر من سبب ومعني، وفي العمق منه: ان الرئيس أوباما عازم بالفعل علي حل الصراع في المنطقة، وفي أقرب وقت ممكن.
وكالعادة، يفوت أوباما الفرصة علي أعداء السلام، في الداخل والخارج، بتعيين ميتشل بدلا من هيلاري كلينتون وزير ة الخارجية الأمريكية، لهذه المهمة الصعبة. وهو بذلك يسحب البساط من تحت أرجل كلينتون المعروفة بإنحيازها لإسرائيل، وأيضا من تحت أرجل المؤيدين والرافضين لها علي السواء، ويبرهن علي جديته، لأن هذا الملف تحديدا يحتاج إلي تفرغ وتركيز وقبول من جميع الأطراف.
وميتشل ndash; كما هو معروف - مفاوض بارع (والده أيرلندي ووالدته لبنانية) يمزج مهاراته القانونية وخبراته السياسية، ويجدل العناصر الثقافية والإنسانية لأي صراع، بالجوانب السياسية والأمنية. نجح في واحد من أصعب الاختبارات التفاوضية في نهاية القرن العشرين (بين الكاثوليك والبروتستانت في أيرلندا الشمالية). وهو ما جعل البعض يعلقون آمالا كبيرة عليه: فإذا كان النصف الأيرلندي من شخصيته خدمه في أيرلندا الشمالية، فما المانع من أن يخدمه نصفه الشرق أوسطي بالمثل في حل الصراع في المنطقة، التي تكسرت رؤوس كثيرة في دروبها ودهاليزها.
لكن ما يعزز هذا التفاؤل بإنجاح مهمته شئ آخر، ربما هو نفسه كان سببا في افشال معظم المحاولات السابقة علي مدار أكثر من 50 عاما. ففي تقرير سلطان القحطاني بإيلاف أمس أورد هذه العبارة علي لسان ميتشل: quot; أفهم الذين يشعرون بإحباط حول الشرق الأوسط، ولكن ليس هناك شيء اسمه نزاع لا يمكن إنهاؤه، فالنزاعات تبدأ على يد البشر وتنتهي على يد البشر، ويمكن أن تتحقق في الشرق الأوسط أيضًا quot;.
هذا المعني سبق وأكده ميتشل قبل ثماني سنوات في مقابلة أجرتها معه إيلاف أيضا في يوليو عام 2001، إذ قال: quot; لا يوجد نزاع يتعذر فضه، فالنزاعات يخلقها البشر ويدميها البشر وإمكانية إيجاد تسوية لها هي في أيدي هؤلاء البشر أنفسهم. في التحليل الأخير للمسألة الأساسية الوصول إلي حل أهون الشرين، وهو ينهي النزاع عبر مفاوضات يتخللها تنازلات سياسية مؤلمة. لكن الاحتمال الأكثر إيلاما هو اجترار النزاع واستمراره إلي ما لا نهاية quot;.
وهنا مربط الفرس، فأي صراع علي هذه الأرض، وفي هذه الحياة الدنيا، هو في حقيقته صراع بشري وسياسي وليس صراعا إلهيا أو دينيا، كما يراد له، ويروج له أصحاب الأصوليات الدينية المختلفة، سواء داخل المنطقة أو خارجها. والفرق بين هذين النوعين من الصراع أكبر من كل المماحكات اللفظية، إنه بإختصار، الفرق بين من يريد حل الصراع وانهائه بالفعل، ويدفع ثمنا مؤلما لهذا الحل، وبين من يريد تأبيد الصراع، أي جعله أبديا ولا نهائيا، ليتعيش هو علي دماء الأبرياء بديمومة الحرب.
ان اختيار ميتشل في حقيقته ينهي الرؤي الدينية لحتمية الصراع، ويتصدي بشجاعة للمزاعم الأسطورية العقائدية لأطراف الصراع جميعا. خاصة رجال الدين والملالي والحاخامات، ليؤكد ان هناك دائما عناصر مركزية في أي صراع (علمانية) ليست علي استعداد لتخليده مهما كانت الأسباب، وفضلا عن ذلك، فهو يثبت أن فرص السلام لم ولن تضيع وسط غبار الدمار والخراب، وهنا مكمن الأمل ومصدر التفاؤل.