طلع علينا بالأمس حسن نصر الله بشعره quot;المسببquot; تحت العمامة السوداء من مخبأه التليفزيونى وبهيئته الكاريزمية وعقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه quot;النصر الإلهى الثانىquot; فى غزة، ولم يفته بالطبع مهاجمة مصر وإتهامها بالتواطئ مع إسرائيل وبرر مشاركته بـquot;اللسانquot; فقط فى حرب غزة هو على حد قوله: quot;عملنا ما يمكن عمله فى حدود الواجبquot;، و quot;نحن مقاومة للدفاع عن لبنانquot;.

وأنا شخصيا ليست لدى أى مشكله فى إطلاق مسميات مختلفة على الهزيمة، أحيانا نكبة وأحيانا نكسة وأخرى وكسة وحتى لو سمينا الهزيمة نصرا فإن هذا لن يعيد حياة مئات الضحايا الأبرياء فى جنوب لبنان وغزة نتيجة لجهل وسوء تقدير وسوء إدارة ومكابرة أصحاب العمائم واللحى، وتجاهلوا أسوة الرسول الكريم عندما هزم رجاله فى غزوة أحد إعترف أنها هزيمة و لم يطلق عليها أى لفظ آخر، ولم يدع أنها نصرا لأن القيادة السياسة فى هذا الوقت بقت فى مواقعها، وتعلم الرسول من تلك الهزيمة ولم يهزم بعدها، ومن لم يتعلم من هزائمه فلن ينتصر أبدا، وإذا كان ما رأيناه فى جنوب لبنان وغزة يعتبر نصرا فربنا يستر على الهزيمة إللى بصحيح!!

وبغض النظر عن الهزيمة والنصر فتلك مسميات تقنية وتفاصيل فنية تافهة فى عرف القومجية والإسلاموية، السؤال الآن هو: ماذا بعد هذا النصر؟: من المعروف أنه فى كل الحروب يقوم المنتصر بإجبار المهزوم على قبول شروطه وتوقيع وثيقة الإستسلام. ومن الواضح أن إسرائيل لم تصدق حكاية النصر الإلهى بدليل أنها لم تقبل الإنصياع لأى من شروط حماس، لذلك يجب على حماس الآن أن تقرر ماذا سوف تفعل فى هذا العدو الصهيونى والذى يرفض الإعتراف بهذا النصر؟

أمام حماس طريقان لا ثالث لهما:

طريق المقاومة: والمقاومة تعنى الحرب (وليس لدى أى تفسير غير ذلك)، والحرب تعنى ضحايا وتعنى حصارا وتعنى فقرا وتعنى تشريدا للأطفال وتعنى نقصا للمواد الغذائية وتعنى نقصا فى الوقود وتعنى إنقطاعا للكهرباء، فالحروب ليست نزهة والعدو الصهيونى ما عندوش يا أمة إرحمينى.، والمقاومة كلمة رومانسية تجذب وتدغدغ مشاعر الجماهير،ولكننا يجب أن نعرف أنها تعنى الحرب والدمار، ولا تعنى أى شئ آخر.

طريق السلام: وهذا يعنى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، يعنى الإعتراف بمعاهدة أوسلو والتى أوصلت حماس إلى الحكم، ويعنى الإعتراف بإسرائيل، ويعنى إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل فى المستقبل، ويعنى التخلى عن شعارات جوفاء مثل القضاء على العدو الصهيونى، وإزالة إسرائيل من خريطة العالم، وفلسطين وقف إسلامى من النهر إلى البحر، والذى يترتب عليه إلقاء إسرائيل إلى البحر.

صدقونى لا يوجد طريق ثالث، لا يوجد شئ إسمه حالة اللاحرب واللاسلم، كانت هذه عبارة إخترعها quot;الإستاذquot; هيكل فى بداية سبعينيات القرن الماضى وأثبت السادات فشلها مرتين، مرة عندما قام بحرب 1973 ومرة أخرى عندما قام بمبادرة السلام عام 1977، وخلص مصر من تلك الحالة الكئيبة، وكانت بالفعل كما قال السادات:quot;فلتكن حرب أكتوبر هى آخر الحروبquot;.

وفيما يبدو أن حماس قد إختارت طريق الحرب، فقد صرح إسماعيل هنية: quot;أننا قد اخترنا طريق المقاومة حتى لو تم إبادتناquot;، كما صرح خالد مشعل فى قطر:quot;لن نستمع لأى صوت يتحدث عن السلام والتفاوض، فلقد إختار شعبنا طريق المقاومةquot;.

وإذا كان هذا إختيارحماس فلتتحمل عواقبه وإذا إنضمت لها أصوات كثيرة مثل: إيران وسوريا وقطر وحزب الله وجزر القمر وبوركينا فاسو وفنزويلا، فهذا شئ جميل، ولكن لا يصح لحماس أو لغيرها أن تطلب العون من جهات ثبتت quot;خيانتهاquot; و quot;تواطئها مع العدو الصهيونىquot; مثل: مصر والسلطة الفلسطينية والأردن، لأن طلب المساعدة من تلك الجهات لا طائل من وراءه نظرا لتواطئها.

وما لم أفهمه، إذا كانت حماس قد إختارت طريق المقاومة، فما هو سبب تواجد ممثليها فى مصر quot;المتواطئةquot;، أليس فى هذا تضيعا لوقت ثمين كانت من الممكن أن تستغله حماس فى المقاومة بدلا من الإجتماع مع متواطئين.

وإذا كانت حماس quot;المنتصرةquot; قد إختارت طريق المقاومة فما هو الداعى لقبولها بهدنة لمدة عام، أفلا يعطى هذا الفرصة لإسرائيل المنهزمة أن تعيد تجميع قواها وتقوم بالعدوان مرة أخرى، أليس من الأفضل أن تستمر حماس فى إطلاق الصواريخ على العدو الصهيونى والذى مازال مثخنا بجراح quot;الهزيمةquot; حتى تقضى عليه بالضربة القاضية.

ويبدو أنه كما كنا نقول فى مصر:quot;الكلام ما عليهوش جمركquot;.

[email protected]