سافرت مصر لقضاء العيد الكبير لأول مرة منذ عشرين عاما، ووجدت أن مصر تغيرت كثيرا فى طريقة الإحتفال بالأعياد وإكتشفت أننى أيضا تغيرت ويبدو أننى quot;تأمركتquot;فوجدت أننى على سبيل المثال لم أستطع مشاركة باقى أفراد عائلتى فى مشاهدة ذبح خروف العيد وخاصة أننى رأيت الخروف فى ليلة مصرعه وجاءت عينه فى عينى وأحسست بصلة قرابة بيننا وأختلفت مع quot;تشارلز دارونquot; لأول مرة، وإكتشفت أن الإنسان أصله خروف وليس قردا كما تخيل دارون، لذلك كان من الصعب أن أشاهده فى اليوم التالى يذبح أمام عينى دون أن أحاول أن أنقذه وخاصة بعد أن:quot;رنا إلىّ بعبرة وتحمحمquot; أو رنا إلىّ بعبرة وquot;مأمأةquot;.

وعندما ذهبت لصلاة العيد صدمت لأننا لم نستطع الصلاة فى خلاء حديقة الميدان كما كنا نفعل من قبل لسببين: سبب هام وهو هطول مطر غزير فى الصباح الباكر من العيد، وسبب غير هام وهو إختفاء الحديقة!!

وصدمت أيضا عندما إنتهينا من الصلاة ومددت يدى لتحية جيرانى فى صف الصلاة وأقول لهم كالعادة: quot;حرما كل سنة وأنت طيبquot; فيرد علىّ جارى قائلا: quot;جمعا كل سنة وإنت طيبquot;، ولكننى فوجئت بأن جيرانى لم يمدوا أيديهم بالسلام!! وقيل لى أن تلك quot;بدعةquot; وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار، فأنا قلت لنفسى: لأ...نار على إيه؟ هو إحنا ناقصين!!

وذكرنى هذا بنكتة الحاجة المصرية والتى ذهبت للحج وكانت تصلى فى مكة فى الحرم الشريف، وبعد إنتهاء الصلاة مدت رفيقتها يدها للسلام والتحية وقالت لها:quot;حرماquot; فكان رد الحاجة المصرية سريعا، وقالت: quot;بلا نيلة ياختى...ما إحنا فى الحرم أهووquot;!!

وبعد نهاية الصلاة كانت خطبة العيد، وشن فيها الخطيب هجوما ساحقا على اليهود واصفا إياهم (طبعا) بأنهم أحفاد القردة والخنازير، ثم قام بالدعاء عليهم قائلا:quot; اللهم يتم أطفالهم، اللهم رمل نسائهم، اللهم شتت شملهم، اللهم أبيدهم ولا تبق منهم أحداquot; وبالطبع كان كل من فى المسجد يزعق بأعلى صوته خلف كل دعاء: quot;آمينquot;، وسألت صديقى الذى كان يصلى معى: quot;هل هذا الدعاء من الإسلام فى شئ؟ وماذا يكون شعور صديقى حسين المتزوج من يهودية فى أمريكا، هل سوف يذهب ويقتلها لكى يحقق دعاء الشيخ ويقوم بتحقيق اليتم لأطفاله بيديه، ولماذا سمح الإسلام بالزواج من الكتابيات إن كان سيطلب منا أن نقتلهم؟quot; ولم يستطع صديقى الإجابة بالرغم من أنه كان يقول آمين بعد كل دعاء بفناء اليهود.

وأثناء العيد شاهدت بعض الأغانى القديمة للوجه الجميل والصوت الملائكى (ليلى مراد) والتى كانت ملكة الأفلام المصرية فى منتصف القرن العشرين، ونحن لم نفكر أبدا فى ديانة ليلى مراد ولم نكن نهتم إن كانت مسلمة أو مسيحية أو يهودية، ولكنها كانت بالنسبة لنا ومازالت مطربة عظيمة، وكانت مجرد مشاهدتها والإستماع لصوتها يبعث فى النفس الأمل وفى محبة الحياة وخاصة عندما كانت تغنى (أنا قلبى دليلى قال لى حتحبى)، فقلت لنفسى هل يعقل أن تكون ليلى مراد حفيدة قرد أو خنزير وهل هذا ممكن عمليا وعلميا، الحقيقة أنه ممكن ولكن يجب علينا أن نؤمن بنظرية دارون بأن الإنسان أصله قرد، وفى تلك الحالة فنحن جميعا أحفاد القردة!!

ولست أدرى إلى أين سوف يأخذنا تعصبنا؟ ورفضنا للآخر، فى العراق وأفغانستان يقتل المسلم أخاه المسلم فى المسجد والمدرسة والمستشفى (ناهيك عن أحفاد القردة والخنازير).
....
قديما قام نجيب الريحانى بتمثيل مسرحية: quot;حسن ومرقص وكوهينquot; ثم جاء عادل إمام بعده بأكثر من نصف قرن مع عمر الشريف وقام بتمثيل فيلم: quot;حسن ومرقص...quot; (كوهين إختفى)، ومن المتوقع أن يختفى أيضا quot;مرقصquot; ويقوم سين من الممثلين فى القرن القادم بتمثيل فيلم: quot; حسن....... quot; أو كما يقول البعض: إمبارح كان السبت وبعده الأحد!!
****
(أرجو الإعتذار للقراء عن بعض الأخطاء النحوية فى مقالاتى وأحمد الله أن والدى رحمه الله (مدرس اللغة العربية) لم يسعده الحظ بقراءة تلك المقالات وإلا كان (رقعنى) علقة سخنة كما كان يفعل قديما!!)
****

[email protected]