نخلق الفراعنة ونجلس نبكي على وجودهم بيننا.
نغزل لهم الأجنحة وننصبهم ملائكة على أرض تخلصت من الطهر منذ زمن
نتصورهم حاملي شعار الحق وأصحاب القضية ومالكي وجهة البصر الوحيدة، فتتعامد الشمس عليهم ويبدأ الكون كله منهم وينتهي عندهم، ولا وجود لآخر خاصة إذا كان quot;غلبانquot;، وكما يقول شاعرنا العظيم عبد الرحمن الأبنودي quot;إيش جاب الصح في ُقول الغلبانquot;.
ُتفتح لفرعون الأبواق فيقول قناعاته... ويقنعنا بتفاهته... لنرى الباطل حقا من خلاله فلا مجال للشك في خزعبلاته.
أنه معنا وحولنا نسمعه ونراه رأي العين، ونكاد نشك في قناعاتنا من فيض ما يمارسه علينا من أفكار.
ليمر الموقف وراء الآخر فيعظم بيننا ويتلون بالنرجسية، فكل ما دونه صغير وكل ما يمسه عظيم.
وبسبب السلطة تأتي القوة والنفوذ ليعيش عملاقاً وسط عالم من الأقزام ورغم كل هذا الهيلمان، مسكين ذلك الإنسان.
فحياته مستحيلة وسقوطه مهيب وما بعد السقوط لا يحكى أو يقال.
ولكن مسئولية مَن هذا البناء الإنساني المصنوع بعناية ليحطم كل ما هو أمامه.
ولماذا لم ُيرد منذ البداية؟
وهل يمكن أن يؤدي الطموح بأصحابه إلى اتجاه معاكس نحو الانحدار؟
وماذا علينا أن نفعل نحن أصحاب الهمم والطموح.
هل نحمد الله على الستر والصحة والعافية وكفى.
هل نخاف السعي وراء الأحلام ونخشى تحقيق النجاح خوفا من الجموح فيه؟
هل نرضى بالواقع ولا نسعى لتغييره حتى لا تأخذنا الدوائر ونكون جبارين في الأرض؟
أجهل من أين ومتى تأتي quot;الفرملةquot; للتوقف وإعادة الحسابات من جديد.
كيف لنفس آثرت وجودها واحتياجاتها وأحلامها وكيانها، أن تعود للبداية حيث الأنا الضعيفة باحتياجاتها الكبيرة بطموحاتها الأثرة، فتتحجم داخل حجمها الحقيقي وتتغاضي عن quot;هيلمانquot; من الخدم المطيعين وعالم من العبيد ومن أجل ماذا؟؟؟ إعادة الحسابات...!!!! ولمصلحة مَن....؟؟؟؟
اعتقد أن العودة مستحيلة..
لأن من يعيش حولَ، أو مع، هذه النفس فهو إما:
خادم مطيع
عبد ذليل
قادر مترقب
أو حاقد يخطط
وجميع ما فات ينتظر لحظة سقوط فرعون ليّسن السكين وُيجهز على صاحب القضية، الخسران الوحيد في غابة لم يعد يحكمها إلا الزئير..

إلى اللقاء