-1-
الخطاب الأخير لحسن نصر الله، الذي أعلن فيه استعداد إيران لتزويد الجيش اللبناني بالطائرات والدبابات وخلاف ذلك من السلاح الإيراني الثقيل، كان quot;بيضة القبانquot;، التي كشفت بوضوح، ماذا سيحصل للبنان، فيما لو فاز حزب الله والمؤتلفون معه، في الانتخابات التشريعية اللبنانية يوم الأحد القادم في السابع من هذا الشهر حزيران/يونيو.
وهذا يعني الارتهان اللبناني لإيران، فيما لو علمنا أن جنسية السلاح في دولة ما من العالم الثالث، هو الارتهان لهذه الدولة، لأن توريد السلاح يعني شروط استخدام هذا السلاح، ودخول العسكريين التقنيين للتدريب على هذا السلاح. كما يعني توريد قطع الغيار لهذا السلاح، وصيانته، وتجديده من وقت لآخر. وقد رأينا هيمنة الاتحاد السوفيتي، قبل سقوطه على الدول العربية، التي تستخدم أسلحته. كما رأينا الهيمنة الغربية والأمريكية على الدول التي تستعمل السلاح الغربي أو الأمريكي.
-2-
الخطورة في الهيمنة الإيرانية على لبنان، أكبر بكثير من خطورة الهيمنة الغربية أو الأمريكية خاصة.
فالهيمنة الإيرانية على لبنان - فيما لو تمت- تعني ما يلي:
1- تعزيز مكانة quot;حزب اللهquot;، وإعطائه المزيد من السلطة والتسلّط.
2- عدم اعتراف إيران بالتنوّع الديني والطائفي في لبنان، وتغليب طائفة الشيعة على بقية الطوائف الإسلامية والمسيحية، كما هو الحال في إيران والعراق الآن.
3- إشراك لبنان في تعقيدات الملف النووي الإيراني، وإشراك لبنان في عداوة الغرب وأمريكا لإيران، كما هو الحال مع سوريا.
4- حرمان لبنان من أية مساعدات مالية أو سياسية أو عسكرية... الخ. كما هو حال العالم الآن مع حماس غزة، ومع إيران.
5- خسارة لبنان للدعم العربي ndash; سواء وُجد أم لم يُوجد ndash; السياسي والمالي.
6- تصعيد وتوتير الحدود اللبنانية ndash; الإسرائيلية. واعتبار إسرائيل أن لبنان قد أصبح جاراً إيرانياً لها، بعد أن كان بعيداً عنها آلاف الأميال.
7- مقتل صناعة السياحة في لبنان. فمن يزور منطقة الضاحية في بيروت ومدن الجنوب اللبناني الذي يسيطر عليه quot;حزب اللهquot;، سوف يتخيل نفسه بأنه ليس في لبنان بلد الحريات الشخصية المفتوحة، وإنما في إيران البلد الذي تحوّل إلى مجتمع القرون الوسطى، بعد عام 1979، حيث الشادور، والحجاب، وصور الخميني، ، ونجاد، وغيرهم من زعماء إيران.
8- سيطرة quot;حزب اللهquot; على السياسة اللبنانية، وسيطرة إيران على الجيش اللبناني تعني حرباً أهلية طائفية، لا محالة. فلا سُنَّة لبنان ولا مسيحيي لبنان، بما فيهم حزب ميشال عون، وباقي الأرمن المتحالفين معهم، يقبل بمثل هذه السيطرة السياسية والعسكرية، والتي سوف تزيد سلاح quot;حزب اللهquot; قوة، بدلاً من الحوار حول نزعه، وتسليمه للجيش اللبناني، الذي يمثل الدولة اللبنانية.
9- عودة الاستعمار السوري إلى لبنان عن طريق إيران وquot;حزب اللهquot; حليفي سوريا الاستراتيجيين. وستكون هذه العودة بمثابة انتصار كبير لسوريا على كافة خصومها في لبنان، سيما وأن هيمنة سوريا هذه المرة ستكون مدعومة من إيران وquot;حزب اللهquot; بشكل قوي وواضح.
10- وأخيراً ، تحويل لبنان شيئاً فشيئاً من أمثولة مبدئية للحداثة والحرية العربية، إلى أمثولة متقدمة للأصولية الدينية. وفي ذلك تراجعٌ حادٌ وأليم لمسيرة الحداثة والديمقراطية العربية المبتغاة.
-3-
فليحذر الناخب اللبناني، وخاصة الفئات المسيحية منه، من أن يُعطي صوته لاحتلال ايراني ndash; سوري للبنان، ويأكل أصابعه ندماً بعد ذلك، كما يفعل الآن الفلسطينيون في غزة، الذين جاءوا بالكوارث والمصائب لغزة، بانتخابهم quot;حماسquot;. ونحن هنا، لا ندعو الناخب اللبناني ليعطي صوته بالمقابل إلى حزمة مرشحي 14 آذار. فالناخب اللبناني حر في ذلك. أما اللبنانيون الشيعة، فهم مجبرون على انتخاب مرشحي quot;حزب اللهquot; و quot;حركة أملquot;، مقابل الامتيازات الاجتماعية، والتعليمية، والمالية، والسياسية، التي يقدمها لهم quot;حزب اللهquot; خاصة، ولا تستطيع الدولة اللبنانية تقديمها، وهو حال الإخوان المسلمين في مصر، والأردن. فهم يستغلون بؤس الناس وحاجتهم لبناء أمجادهم السياسية الزائفة، من الجيوب الفارغة، والمعدات الجائعة، والأكباد الظامئة.
السلام عليكم..