يواجه شيعة العالم مجموعات تحديات منذ أن بز غ نجمهم بعد ثورة آية الله روح الله الخميني الموسوي حيث كانت بداية نهوض شيعي عالمي خطف الإثارة والا هتمام، وجد أصداءه القوية في العراق ولبنان والبحرين، على شكل مواقف ا تسمت با لجذرية من (الاستكبار) العالمي، والانظمة التي اعتبرها الشيعة خاضعة للدول الكبرى، وكان العداء لأمريكا (الشيطان الأكبر) محور المواقف، وشخص هدف جذري شيعي خلال ذلك لا يقبل المناقشة والحوار، ذلك هو موضوع إسرائيل، فهذه الدولة في نظر الإمام الخميني كانت بمثابة (شر مطلق)، وقد هتف لأكثر من مرّة الرئيس الإيراني نجاد بحتمية إزالتها أو زوالها، ولهذا الغرض كان تشكيل (حزب الله اللبناني / الشيعي!)، وسياسة إيران الخارجية تصب في هذا الاتجاه علنا، ومعها تجاوبت هتافات شيعة البحرين والكويت والعراق وباكستان والهند، وكانت التضحيات الجسام التي اعطها شيعة جنوب لبنان من أجل تحرير الجنوب في سياق هدف كبير، ليس مقاومة العدو، بل القضاء عليه تماما، وشكلت سوريا (العربية) زمن الرئيس الراحل حافظ الأسد وابنه بشار الاسد حجر الزاوية في توزيع الأدار الشيعية بالتحالف مع إيران (الفارسية) بلحاظ هذه المواقف الجذرية، و الهدف المركزي، كما يرى كثير من المحللين والمراقبين السياسين، خاصة المهتمين بقضايا الشرق الاوسط.
جاء سقوط نظام صدام حسين رحمة لشيعة العراق، وإضاف ممكنا جديدا إلى إيران، وكان لصدارة الشيعة في تشكيل الحكومة العراقية وبروزهم قوة شعبية روحية، وظهورهم بهذه الجموع والمجاميع الحزبية والنظمية أثر في استخلاص نتيجة مهمة لدى الكثير من المحللين والمراقبين الدولين، مفاده إن الشيعة باتوا هم القوة الأكبر والرقم الأصعب في المعادلة السياسية في الشرق الاوسط، وتصاعدت الصيحات الخائفة المحذرة من هلال شيعي، وقد طرح أحد كبار منظري السياسة السعودية مشروع (الهلال الشيعي العربي) في موازاة هلال شيعي قد تتزعمه بالمطلق الجمهورية الإسلامية!
ولكن هل استمر النجم الشيعي بالتألق فعلا؟
وهل الطريق كان مفتوحا للابد أمام هذه (الانتصارات) الشيعية، أو هل كان بالإمكان أن يركن أصحاب مثل هذه الاستنتاجات إلى خلود مناشيء استخلاصاتهم هذه وكأن الزمن لا يتغير والواقع يتسم بالجمود والإزلية والثبات؟
الجواب كما يرى بعض المحللين والمراقبين بالسلب، فشيعة العالم يواجهون اليوم تحديات كبيرة، وشيعة العالم بدأوا كما يبدو يشعرون بقيمة هذه التحديات، التحدي الا ول هو تحدي عالمي، فإيران مهددة عالميا، مهددة بحصار عالمي مزعج ومؤذي، وهذا الحصار وإن كان قد بدا منذ زمن، ولكن استمراره يوجع، ويسبب لها مشاكل اقتصادية واجتماعية، وقد بدأت آثاره تؤتي أكلها بشكل واضح، ولعل ما حصل في الداخل الايراني أخيرا ليس بعيدا عن ذلك، وعواقب استمرار هذا الحصار ليس محمودة على كل حال، و الخوف فيما توجهت ضربة عسكرية نووية لإيران، فإن كل شي ممكن في السياسة حتى وإن أدى ا لى خسائر كبيرة في بعض الاحيان، وذلك فيما كان هناك أمر و اقع لا يمكن مجانبته، وشيعة لبنان يعانون من حصار إقليمي، أ و لنقل من موقف إقليمي رافض، فمصر وا لمغرب وا لسعودية وربما بعض دول الخليج كلها تنظر إلى انتصارات حزب الله بعين الخوف وا لريبة، وتلوح في اعلامها إن حزب الله اللبناني الشيعي يسعى إلى (تأرين) لبنان، وقد بدا علامات التعب عليه في الداخل من خلال الموقف السلبي لكثير من قوى ومكونات الشعب اللبناني من الحزب،وقد انعكس ذلك عليه في الانتخابات الأخيرة، هنا يشخص الخطر الذي يواجه شيعة العراق، فهناك عمل دؤوب لتقليص حجم مكاسبهم التي حازوا عليها بعد سقوط نظام صدام حسين من قبل الجمعات الاخرى، وفي مقدمتهم سنة العراق في سياق صراع محموم على القوة والمصلحة، وقد تناقصت فعلا قائمة هذه المكاسب، وومما يسهم في تحقيق مستويات أعمق من الضعف بالنسبة لشيعة العراق هو صراعهم الداخلي، وعدم استقلال القرار السياسي لدى الكثير من مكوناتهم الحزبية والشخصية، وتلوح في الافق علامات سياسة أمركية جديدة من الظاهرة الشيعية العراقية، تحاول محاصرتها أو كما تقول بعض الاوساط (معادلتها) ببقية القوى المكونة للشعب العراقي، وكثيرا ما يصرح شيعة البحرين إنهم مهددون ديمغرافيا في البحرين، وربما يتحولون من أكثرية إلى أقلية... سوريا هي الآخرى تعاني من متاعب كبيرة وكثيرة، ورغم براعة السياسي السوري فإن هذه البراعة لا يمكن أن تصمد لقسوة زمن طويل جدا، ولم تتبين لحد هذه اللحظة التوجهات السورية الجديدة بعد كل هذه الطروءات على الوضع الشيعي في العالم، لان الحكم في سوريا محسوب شيعيا بشكل وآخر.
هذه تحديات حقيقية تواجه شيعة العالم، فما هو موقف الشيعة بالذات من هذه التحديات؟
وهل حقا هناك توجه من شيعة العالم لانتهاج مدرسة السيد علي السيستاني المرجع الاعلى لهم في العالم الإسلامي؟
الزمن هو الذي يثبت ذلك أو ينفيه.