-1-
انتهيت بالأمس من قراءة الجزء الثاني من كتاب quot;مركز الأردن الجديد للدراساتquot; quot;المجتمع المدني والحكم في الأردنquot;. وكان هذا الجزء يضم quot;دراسات حالة حول أداء منظمات المجتمع المدني في الأردنquot;. كما كان الجزء الأول من هذا الكتاب عن quot;تطور المجتمع المدني في الأردن وواقعه الراهنquot;. ويرأس quot;مركز الأردن الجديد للدراساتquot; الذي تأسس عام 1990 بعمان لغايات البحث العلمي وإعداد الدراسات والاستشارات، الباحث المهم هاني الحوراني. ويعدُّ هاني الحوراني من أنشط المثقفين الأردنيين العاملين بصمت تام ولكن بفعالية عظيمة، وبجهد كبير. وقد تابعت كتابات هذا المثقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية الخاصة بالأردن، منذ أن أنشأ مجلة quot;الأردن الجديدquot; التي كانت تصدر من قبرص منذ العام 1984 حتى العام 1991، وكنت أنا من قرائها، ومن الحريصين على الاحتفاظ بأعدادها كمصدر علمي مهم للحياة الأردنية العامة. وكان هاني الحوراني وقتها من المطارَدين من قبل السلطة البوليسية السياسية الأردنية، ومن المغضوب عليهم من قبل هذه السلطة، لأنه كان معارضاً سياسياً ملتزماً أشد الالتزام بقيم الحرية والديمقراطية والليبرالية.


-2-
بعد عام 1989، عاد هاني الحوراني إلى عمان، في ظل الانفتاح السياسي الذي أعقب quot;انتفاضة الخبز والحريةquot; في نيسان/إبريل، عام 1989، وعودة الحياة الحزبية والانتخابات إلى الساحة السياسية الأردنية، بعد غياب وانقطاع دام 32 عاماً تقريباً (1957-1989). وأفتتح الحوراني مركزه الثقافي العلمي quot;مركز الأردن الجديد للدراساتquot;. وهو مركز يوازي في الأهمية والتأثير والإنتاج المعرفي quot;مركز ابن خلدونquot; في القاهرة، الذي أسسه سعد الدين إبراهيم. وهناك تعاون معرفي قائم بين هذين المركزين الحضاريين.
quot;مركز الأردن الجديد للدراساتquot;، هو الأذن الأردنية الناصتة والعين العلمية الواعية على ما يجري في الأردن من أحداث وقضايا وطنية مهمة. وبفضل هذا المركز أصبحت الطريق أمام الباحث في الشؤون الأردنية سهلة ومُعبَّدة، والمعلومات العامة بالأرقام والحقائق متوفرة. وبفضل quot;مركز الأردن الجديد للدراساتquot; وإصدارته المختلفة والمتوالية، لم يعد الأردن كما هو الحال في باقي معظم البلدان مجتمعاً غير معلوماتي Society Non- informative.
ولم يعد صانع القرار ndash; أي قرار ndash; في الأردن يُطلق طلقاته في الظلام، وإنما يتخذ القرار على ضوء إحصائيات ومعلومات وثيقة، يقدمها لنا quot;مركز الأردن الجديد للدراساتquot; من وقت لآخر، عبر تقارير علمية موثَّقة.

-3-
الكتاب الذي انتهيت من قراءته بالأمس عن المجتمع المدني والحكم في الأردن، حررته مجموعة من الفتية الأردنيين الذين بهم أعتز وأفتخر، نتيجة لما قدموه من دراسات علمية جادة، جاءت في الجزء الأول من كتاب quot;المجتمع المدني والحكم في الأردن. وكتب هذا الجزء كل من هاني الحوراني وحسين أبو رمان وشمل على quot;الإطار التاريخي لتطور المجتمع المدني في الأردنquot;، و quot;واقع منظمات المجتمع المدني في الأردنquot;. وفي الباب الثالث تحدث هذا الجزء عن quot;البيئة القانونية المحيطة بعمل منظمات المجتمع المدنيquot;. أما الجزء الثاني من هذا الكتاب المعرفي المهم فضمَّ دراسة عن quot;جمعية البيئة الأردنية ودورها في التوعية البيئيةquot; وكتبها باتر وردم، ودراسة عن quot;الجمعية الوطنية لحماية المستهلكquot; وكتبها أيمن ياسين، ودراسة عن quot;الحركة الطلابية الأردنيةquot; وكتبها سامر أحمد، ودراستين عن quot;إشكالية السياسي والمهني في دور النقابات المهنيةquot;، و quot;مقاطعة الإخوان المسلمين وأحزاب سياسية للانتخابات النيابية 1997quot; كتبهما الباحث المعروف حسين أبو رمان، ودراسة عن quot;المرأة والمشاركة السياسية في الأردنquot; كتبها محمد الجريبيع، وكتب هاني الحوراني في هذا الجزء دراسة عن quot;المجتمع المدني والحكم في الأردن: من المواجهة إلى المشاركةquot;، وغيرها من الدراسات لشباب نشطاء وباحثين جادين تفتخر بهم الثقافة الأردنية وتعتز.

-4-
إن أهم ما في quot;مركز الأردن الجديد للدراساتquot; أنه مركز علمي غير منحاز لفئة أو حزب أو إيديولوجية، بقدر ما هو منحاز كل الانحياز للحقيقة الواقعية، وعرضها بشكل علمي سليم، ومشرع الأبواب والنوافذ على كافة التيارات.
وquot;مركز الأردن الجديد للدراساتquot; هو وزارة الإعلام الحقيقية والفاعلة في الأردن. وأنا أقترح على صانع القرار السياسي الأردني إلغاء وزارة الإعلام التي هي عبارة عن هيئة quot;صرّح ناطق رسميquot;، و quot;نفى ناطق رسميquot;. واعتماد quot;مركز الأردن الجديد للدراساتquot; كوزارة إعلام فاعلة، وتحويل ميزانية هذه الوزارة إلى هذا المركز. ففي ذلك الفائدة كل الفائدة، والتنوير الأردني كل التنوير، بدلاً من الإبقاء على وزارة لا تقوم إلا بالإظلام، وليس بالإعلام، وتدفع رواتب وحوافز لتنابلة السلطان.
السلام عليكم.