-1-
على طريقة الانقلابات العسكرية العربية والانقلابات في العالم الثالث، قاد وليد جنبلاط بالأمس انقلابه العسكري المفاجيء على quot;تجمُّع 14 آذارquot;، معلناً بشكل غير مباشر، وربما خجول، انسحابه من هذا التجمُّع، الذي كان هو أحد عناصر مكوناته الرئيسية بعد اغتيال الحريري، والانسحاب العسكري، وليس السياسي والاستخباراتي السوري عام 2005. فسوريا سياسياً واستخباراتياً ما زالت حتى الآن موجودة في لبنان، بل هي أقوى مما كانت عليه سابقاً، وقبل 2005، كما قال فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية.

-2-
انقلاب وليد جنبلاط العسكري على quot;تجمُّع 14 آذارquot;، سبقه شقوق وتصدعات واسعة في جدار هذا التجمُّع، بدأ مع بوس اللحى، وعفا الله عما مضى، والمصالحة السياسية التي تمت بين quot;حزب المردةquot; المعارض بزعامة سليمان فرنجية، وبين quot;حزب الكتائبquot; الموالي، وأحد أركان quot;تجمع 14 آذارquot;. كما سبقه هجوم سمير جعجع زعيم quot;القوات اللبنانيةquot;، على النائبة الشابة نايله تويني الارثوذكسية، التي تزوجت من الإعلامي الشيعي مالك مكتبي، والذي اعتُبر انقلاباً على الثوابت السياسية المسيحية.إذن، جدار quot;تجمُّع 14 آذارquot; بدأ يتصدَّع على هذا النحو، لصالح المعارضة اللبنانية، ولصالح quot;حزب اللهquot;، ولصالح سوريا، ولصالح إيران.

-3-
ما الذي دفع وليد جنبلاط إلى هذا الانقلاب العسكري المفاجيء لبعض المراقبين في لبنان؟هل هو التقارب السعودي ndash; السوري؟هل هو التقارب السوري ndash; الأمريكي؟

هل هي القوة العسكرية الهائلة التي يملكها حزب الله الآن؟

هل هو الخوف على الوحدة الدرزية في لبنان؟

هل هو إرضاء لطلال أرسلان الزعيم الدرزي الآخر، وأحد أركان المعارضة، وحليف جنبلاط الآن؟

هل هو قرب صدور بيان المحكمة الدولية بأسماء المتهمين في مقتل الحريري، وترجيح اتهام حزب الله بذلك، كما قالت سابقاً مجلة quot;دير شبيجلquot; مما سوف يفجِّر الوضع في لبنان؟

هل هو نتيجة ما سمعه جنبلاط من تهديدات حسن نصر الله، بعد اجتماعه الأخير معه قبل أيام؟

هل تلقى جنبلاط تهديداً جدياً بالقتل، أو اختطاف ولده الوحيد تيمور؟

ربما يكون هذا الانقلاب بدافع من واحد من هذه الأسباب، وربما يكون بدافع من هذه الأسباب كلها مجتمعة.

-4-
من المعروف أن وليد جنبلاط، الذي أعلن بأنه بهذا الانقلاب، يريد أن يعيد لحزبه (التقدمي الاشتراكي) ثوبه ولونه اليساري، صديق شخصي وحليف صدوق للسعودية، أي لليمين العربي، فكيف يقف بالأمس، ويقول أن علاقة حزبه بأمريكا اليمينية، كانت نقطة سوداء في تاريخ حزبه؟

موقف غير مفهوم، وغير مستساغ، وغير منطقي؟كيف يتحالف وليد جنبلاط مع السياسة السعودية، ويرفض وينكر ويعيب على نفسه وحزبه تحالفه مع أمريكا؟فأين تلك اليسارية التي يريد جنبلاط أن يعود إليها بانقلابه العسكري بالأمس، وأين المنطق السياسي في ذلك؟-5-كثيرٌ من المراقبين تملَّكتهم الحيرة والمفاجأة من موقف جنبلاط، وانقلابه العسكري على نفسه، وعلى حزبه، وعلى quot;تجمع 14 آذارquot;.

فهل ما أقدم عليه جنبلاط محسوب الخطوات؟وهل هذا الموقف الجديد والمفاجيء جاء بدون وحي سياسي خارجي؟ أم هو فصل جديد من جنون وعبث السياسة العربية، التي نشاهد عروض سيركها المُسليّة هذه الأيام؟

السلام عليكم.