كلام كثير يدور حول ظاهرة التحرش الجنسي في عاصمة مصر العربية حتى تحول إلى مادة اعلامية مثيرة، من جهة اخرى يدور حديث أخر وبمديات عميقة من الاهتمام والإثارة والدراسة حول ظاهرة الزواج العرفي، يوازيه حورات ساخنة حول صيغ جديدة من الزواج التي لم تكن معهودة ولا معروفة في زمن التشريع وما بعده، مثل زواج المسياروزواج الكير/ فريند والزواج الموسمي، وقبل هذا وذاك كان زواج المتعة لدى الشيعة محل قراءات فقهية جادة بين السنة والشيعة وتفاوت الموقف من هذا الزواج بين مؤيد ومعترض بشكل عام، في هذا السياق هناك حمأة كلام حول الثقافة الجنسية (الإسلامية) حيث يتولى فقهاء وكتاب ومفكرون الحديث عن أداب الجنس بشكل عام، وعن ذات الممارسة الجنسية بشكل خاص، وبلغة كانت تعتبر في الأمس القريب خا رجة عن حدود الادب واللياقة الدينية والاجتماعية، واصبحت المسألة الجسنية محل بحث وقراءة وتساؤلات بدأ من مشروعية ذات الحديث عن أصل المسألة ومرورا بمقتربات كثيرة تتعلق بحقوق الانسان الجنسية، وطبيعة العلاقات الجنسية، والمشاكل الجنسية قبل الزواج وبعده، ومعادلة الاختلاط بين الذكوروا لاناث في المدارس والنوادي والمحافل، ولم يعد التداول بهذه المسالة علنا وعبر شاشات التفلزة أمر مستنكر بل مندوب ويجذب الكثير من القراء، والفارس هو إمرأة! من جانب آخر خرج علينا اكثر من فقيه بتشريع أو بالاحرى بتجويز نكاح المعاطاة، الذي من شانه الاستغناء عن الصيغة اللفظية في العقد والااكتفاء بالتوافق الضمني الواضح من خلال اللقاءات والتعارف العام، الامر الذي يسهل عملية الزواج بدرجة فائقة، فيما هناك دعوات جادة للوقوف ضد الغلو في المهور، بمعية حملة قوية تدعو إلى توفير فرص التعارف بين الجنسين بشكل واضح ومكشوف ودون مراقبة ومتابعة ورصد.
هذه المقتربات فيما جمعنا بعضها إلى بعض تكشف عن تطلع الشباب العربي الى قيم جديدة في عالم الجنس والعلاقات الجنسية، تتسم بالشفافية، ومزيد من الحرية، وهي مظاهر تكشف عن معاناة قاسية يعاني منها الشباب العربي، تتجسد بحالات من القمع والقهر الجنسي، بدا من الكلام في القضية و انتهاء بالممارسة.

هل هي مقدمات ثورة شبابية جنسية في عالمنا العربي؟
في تصوري أن مديات الزحف نحو واقع جنسي منفتح سوف تتصاعد وتتسع في أوساط الشباب العربي، وأن تطلعات هؤلاء الشباب باتجاه علاقات مختلطة اعمق تتجاوز المألوف، والعادات والتقاليد السائدة في هذا المجال في طريقها إلى التبلور والتعمق، وليس من شك أن ثورة الا تصالات، وسهولة التواصل الثقافي مع العالم، وفشل الانظمة السياسية العربية في الاستجابة لطموحات هؤلا ء الشباب على الا صعدة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، وما يعانون من قلق واضطراب وسط هذه الفوضى الثقافية والسياسية... كل ذلك يساعد على مثل هذ التوقع ويعزز من واقعيته فضلا عن امكانه، ولا استبعد أن المجتمع العربي سوف يشهد صرعات جنسية محمومة في الوسط الشبابي فيما لو فشل المجتمع احتواء هؤلاء في تطلعاتهم الجسدية هذه، ولذلك أجد في هذه الندوات الدينية التي تتحدث عن حقوق الجسد، والحرية الجنسية في حدودها ا لمعقولة محاولة جيدة لمواجهة هذه المشكلة وتداعيتها المتوقعة، وعندما يكون المتحدث ينتمي إلى الدين يكون تأثيره في هذه المجال أكثر من المتحدث الذي ينتمي إلى مدراس ربما تتعارض مع الدين ولا تلتقي به، فإن الدين مدخل رئيسي وجوهري في تثبيت قيم وحذف قيم، فهذه المجتمع تبقى طقوسية بشكل عام.

إن المجتمع العربي مقبل على اجتراح صيغ جديدة للتواصل الجسدي بين المرأة والرجل، فإن زواج (الكير فريند) مثلا صيغة مبتكرة في الخطاب الجنسي والممارسة الزوجية في العالم الاسلامي، وهي مقتبسة من الغرب بكل وضوح، فما المانع من اجتراح صيغ جديدة على هذا المنوال، حيث تسود الآن صيغ اخرى لهذا التواصل باسم الزواج، نجده شائعا في المجتمعات الخليجية، وهي قضية طرحت أكثر من مرة للنقاش الفقهي، مما يعني إن أبواب الحرية في هذا المجال في طريقها أن تتكثر وتتسع.
الاسلام من اكثر الاديان تشجيعا على التواصل الجسدي بين الجنسين، وفي تصوري أن الشريعة الاسلامية حريصة على توفير الحد الاقصى من الحرية الجنسية ولكن ضمن حدود تحترم الجنس بحد ذاته، وبالتالي، يمكن تحديث الثقافة الاسلامية في هذه النقطة بالذات، لتساهم حقافي ترشيد ثورة الشباب العربي هذه.
الثورة الجنسية لا تعني الاباحية بطبيعة الحال كما يتصور البعض، بل هي صيغ والوان، بل قد يكون التطابق بين العنوان والمعنون خاضع لاجتهاد الباحث والمفكر والكاتب، بل لاجتهاد الانسان العادي، وما اقصده بالثورة الجنسية هنا الحرية الجنسية المقننة، والتقنين يتأتي من أحكام الشريعة وموجبات حفظ الحياة، وصيانة الوجود، وحرمة الاسرة، ولكن في نطاق من المرونة الحية، والأطر الشفافة، فلا حياة بلا جنس مرح...
الشباب العربي على ابواب ثورة جنسية، ظاهرة التحرش الجنسي في القاهرة والدار البيضاء وعواصم عربية اخرى، وما نجده من اجتراحات جديدة لصيغ الزواج، وهذا التشوف نحو المظاهر الجسدية المرحة، وهذا الحديث الجاري علنا وبالمكشوف أحيانا عن حقوق الجسد، إنما هيدلالات على أن مثل هذه الثورة آتية...
أهلا بها...
ولكن هل ينتبه المربون وعلماء الدين والمسؤولون إلى ذلك؟