العنوان ليس عنواننا، بل هو عنوان مقال للكاتب والخبير الاقتصادي الفرنسي، quot;إيف كيردريل Yves Kerdrel quot;، نشره في صحيفة quot;الفيجاروquot; قبل أيام. يقول الكاتب إن هناك نيازك قد انطفأت من زمان، ولكنها تواصل إثارة الأوهام. وهناك نجمة أخرى، راحت بالكاد أن تشع.، مع أنه منذ حوالي العام، كان الكوكب كله يستضئ بنورها. quot;هذه النجمة هي أوباما.quot;
أن يأتي بعد جورج بوش، ويسجل اليوم نسبة شعبية هي بالكاد 50 بالمائة، بعد ستة أشهر فقط، يعني خيبة آمال كبرى، بعد أن استقبله الشعب الأميركي والعالم كله بحماس، ندر أن حظي به أي رئيس سابق عند تنصيبه: quot;لقد برهن على قلة خبرة، واختيار مساعدين غير أكفاءquot;. ويمكن القول إن شعبيته في العالم العربي هي أعلى بكثير مما داخل أميركا وذلك لمجرد إلحاح أوباما على إسرائيل حول الاستيطان، وهو ضغط له حدود وقيود.
الكاتب يناقش خاصة الإصلاحات الاقتصادية والمالية للرئيس الأميركي، منتقدا تصريحاته الشديدة التفاؤل بهذا الشأن. فقد صرح أوباما في الثاني من آب الراهن: quot;إننا لسنا فقط قد أنقذنا اقتصادنا من الكارثة، بل، ووضعنا أيضا أسسا جديدة للنمو.quot; والواقع، أن الأرقام لا تثبت ما يقول، رغم بوادر الخروج من الركود، وهو خروج هش، ويجب انتظار 2010 لتعرف نتائج ضخ ال 787 مليارا من الدولة في الاقتصاد، وإذا كان الاقتصاد الأميركي قد تجنب كسادا بحجم كساد 1929، فالفضل، في رأي الكاتب، يعود لإدارة بوش، التي أخذت في أكتوبر الماضي بتوصيات الاقتصادي quot; إيرفينك فيشرquot;. وكان فيشر قد أظهر أن الشيء الوحيد الذي يجب فعله من جانب دولة هي في أزمة هو إنقاذ النظام المصرفي.
إن الاقتصاد الأميركي يسير بخطوات بطيئة جدا في طريق الخروج من الركود، ويسير وراء اقتصاديات دول أخرى من مجموعة الدول الغنية العشرين، كاليابان وسنغافورة وكفرنسا وألمانيا مثلا، رغم أن قضية البطالة لا تزال مشكلة كبرى عند الجميع، وأن الركود لم يزل قائما. ويلخص الأستاذ حازم صاغية الموقف العام كما يلي: quot;شيء واحد ربما كان مؤكدا حتى إشعار آخر: إنه انحسار المخاوف الكبرى التي تلاحقت على مدى عام ونصف. أما الإقلاع فلا يزال معلقا، أو حسب وصف أحدهم: لقد استيقظ المريض وبدأ يحدث طبيبه بعد غيبوبة طويلة. أما أن يباشر الركض فهذه مسألة أخرى.quot;.

نقف عند هذا الحد من التحليل الاقتصادي للكاتب، لنرى مقدار نجاح أوباما في سياساته الخارجية، وهو موضوع تناولنا جوانب منه في مقالات سابقة.
أمام جملة من المشاكل والأزمات الدولية الكبرى، يجب الإمساك بالحلقة الرئيسية، التي بمعالجتها يسهل حل البقية. وأما الأخطار، فلابد من تشخيص الخطر الدولي الأكبر، دون تجاهل بقية الأخطار. من جانبنا، نرى أن هناك حلقتين مركزيتين: الإرهاب الإسلامي ومكافحته، ومشكلة الانتشار النووي، كما في الحالة الإيرانية، وحالة كوريا الشمالية.
تهمنا هنا منطقتنا، ولا نريد العودة لنقاط تناولناها كثيرا، خوفا من التكرار، ومنها الاتجاه الخاطئ في مكافحة الإرهاب الدولي، بتسفيه إجراءات الإدارة السابقة والتشهير بها، وكشف أسرار أمنية، مما يفيد الإرهابيين، وقرار غلق غوانتينامو.

إننا نلاحظ أن المبدأ الذي يعتمده اوباما في السياسة الخارجية هو quot;الحوارquot; مع الأعداء، آملا في كسبهم بالمنطق والإقناع، دون إعطاء أولوية لتعزيز قوى الاعتدال في المنطقة.هذا يبدو خاصة بالنسبة للنووي الإيراني، والهوس الأميركي الملحوظ بالحوار مع نظام خامنئي ndash; باسداران؛ ولكننا نضيف هنا أن الوقائع الأخيرة تؤكد حدسنا بأن الإدارة الأميركية تسير نحو التعايش مع القنبلة الإيرانية، بدليل كثرة التصريحات عن مشروع نشر مظلة نووية أميركية لحماية الخليج من الخطر الإيراني، واليوم، الحديث عن نقل الصواريخ الأميركية من أوروبا إلى إسرائيل وتركيا للغرض نفسه، أي الحماية من الخطر الإيراني. بعبارة، إن أوباما سيظل مادا يديه، متوسلا بالنظام الإيراني للاستجابة لدعوة الحوار، فيما يواصل ذلك النظام قمع الشعب وكل المعارضة بمنتهى الوحشية، وبأساليب التعذيب والضغط وانتهاك الأعراض، وفي حين لا يبدي أية بادرة للتخلي عن التخصيب النووي، بل ويصرح نجاد اليوم إن quot;العقوبات تافهةquot;. لقد استفاد النظام الإيراني، طوال المدة منذ 2000، من مسايرة وصمت البرادعي، الذي صار الغربيون اليوم يثيرون حوله التساؤلات بهذا الصدد. ولا ننسى الدور الإيراني في اليمن المهدد بالانهيار، وقد اتهمت حكومة اليمن علنا وبصراحة الدور الإيراني في تسليح وتمويل المتمردين الحوثيين. كما كشفت مصر دور إيران في مؤامرة خلية حزب الله في الأراضي المصرية، وأدانت سلطات الصومال دور إيران، من خلال أريتيريا، في دعم إرهابيي القاعدة ضد الصومال. أما في العراق، فالمعلومات تؤكد أن فيلق القدس يدعم quot;عصائب أهل الحقquot; في الجنوب، وبقية المليشيات، وإيران تمول بعض شبكات القاعدة، وتتعاون مع البعثيين من خلال النظام السوري. أما القضية الفلسطينية، التي يكثر أوباما التصريحات حولها، ويرسل مبعوثه الخاص للمنطقة بشكل متواتر، فإن إيران هي طرف أساسي في عرقلة الحلول التفاوضية السلمية من خلال حماس والجهاد وحزب الله، وبذلك تلتقي هذه التنظيمات موضوعيا، مع غلاة اليمين الصهيوني، في محاولات تخريب الحلول السلمية العادلة. وفي دراسة جديدة صادرة عن مؤسسة quot;راندquot; الأميركية، يوصي الكاتبان بعدم الاتجاه نحو احتواء إيران، وبعقم العقوبات، وبدلا من ذلك، يجب تعزيز أمن الحلفاء الإقليميين، والتفاوض الثنائي مع إيران في قضايا مثلquot; العراق، وأفغانستان، والتطرف السلفي،[وهل إيران تحارب التطرف وهي من مراكزه الكبرى!!!]، والاتجار بالمخدرات، والإغاثة في حالات الكوارث الطبيعية، واللاجئين، وبناء الثقة في المجال البحري! أي إن التقرير يوصي بكل شيء، ماعدا العمل لعزل إيران، وفرض المزيد من العقوبات الرادعة عليها.

والآن: ماذا عن الانعطاف الحامي نحو سوريا، الذي دشنه من قبل سركوزي. أين، يا ترى، ثماره؟! في لبنان لا يزال حزب الله يعرقل قيام الحكومة بعد ستة أسابيع من الانتخابات، التي فشل فيها حزب الله وحلفاؤه. وها هي الحكومة العراقية نفسها تتهم النظام السوري بإيواء البعثيين المتهمين بكونهم وراء تفجيرات الأربعاء الدامي في بغداد، وتطورت الأمور لتوتر في العلاقات. وسوريا هي حليفة إيران الإستراتيجية، وقد تعزز هذا التحالف خلال زيارة الأسد مؤخرا لطهران، ولا أمل لأوباما بتفكيك هذا الحلف. وإنه مما يصدم حقا صمت الإدارة الأميركية عن إدانة التفجيرات، التي بلغ عدد ضحاياها حوالي 1000 تقريبا؟ بل، وحتى إنه لم يقدم التعازي مثلما فعل مع إيران عند سقوط طائرة لها؟ كل ما يفعله، وبعد أيام من الحدث الكبير، هو الدعوة للحوار بين بغداد ودمشق، معتبرا القضية quot;داخليةquot;!! وكل ذلك لعدم إزعاج الأسد، واضعا المعتدي والمعتدى عليه في خانة واحدة!!
والسودان؟ ها هي الإدارة الأميركية سائرة لإلغاء العقوبات على نظام البشير والتطبيع معه، متجاهلة قرار المدعي الجنائي العام الدولي، ومثيرة سخطا متزايدا بين الأميركيين أيضا. فأين هي عدالة أوباما، نصير الشعوب المضطهدة؟؟ أين الانتصاف لضحايا دارفور، من قتلى وأحياء، و من الآلاف من النساء المغتصبات؟؟!!
نختم هذه المقالة المختزلة بخاتمة الكاتب الفرنسي quot;كيردريلquot;، حيث يقول إن أوباما لم يعد سيد عاصمته، quot; ومن المؤكد: إنه ليس لا بيل كلينتون، ولا كندي، وأقل من ذلك أن يكون روزفلت، الذي وعدوا به؛ بل ربما لم يعد هو الرئيس الذي اعتقد أن يكونه.quot;