خطيرة ومعرضة للزيادة في معدلاتها
ظاهرة العنف الجنسي ضد المرأة العربية يغلفها الصمت
- معظم حالات العنف لا يتم التبليغ عنها وتعاني ضحاياه من الشعور بالعار ومن الخوف
عصام المجالي من عمّان: أجمع المشاركون في الحلقة النقاشية المتخصصة بموضوع quot; العنف الجنسي quot; التي نظمها المعهد الدولي لتضامن النساء / الأردن،على أن العنف الجنسي ضد المرأة في الوطن العربي خطير وموجود ومعرض للزيادة في معدلاته ويغلفه الصمت وتحيط بضحاياه الشكوك.
وأكدت خبيرات من مصر والجزائر والمغرب والأردن، أهمية وضع خطة إستراتيجية متكاملة أو إدماج المتطلبات الخاصة بالحماية من العنف الجنسي في الإستراتيجيات الوطنية الخاصة بالأسرة وبالمرأة والطفل والمجالات الأخرى ذات العلاقة.
ومعظم حالات العنف الجنسي لا يتم التبليغ عنها وتعاني ضحاياه من الشعور بالعار ومن الخوف والرعب،و تدفع ضحاياه ثمناً باهظاً لا يعوض، ويتواصل تأثيره السلبي على حياتهن و يفلت مرتكبوه من العقاب في غالب الأحيان ، ولا تتوفر لضحاياه العناية الصحية أو النفسية أو المساندة الاجتماعية أو القانونية الكافية والملائمة
وفي الوقت الذي لم تحظى الظاهرة بالرصد والتوثيق أو الدراسة والتحليل بقدر ملائم، ولا تتوفر حوله معلومات كافية ولا إحصاءات نوعية أو مؤشرات علمية ولا تعالجه التشريعات بقدر كاف لضمان الحماية للضحايا والردع والإصلاح للجناة ،ويعوزه الكثير من التوجيه التربوي والديني السليم والكثير من الجهد الإعلامي والثقافي الفعال والإيجابي .
وتبنى المشاركون في الحلقة النقاشية مجموعة التوجهات والمبادئ التالية للعمل بموجبها في مواجهة العنف الجنسي والتصدي له والحد منه ومن آثاره ومن أجل حماية الضحايا ومساندتهن.
وأكد البيان الختامي أن quot; العنف الجنسي quot; بأشكاله المختلفة يشكل جرائم خطيرة لا تقع على الأخلاق أو الآداب العامة أو الأسرة فحسب بل وبالأساس على شخص الضحية أيضاً، ومخالفة خطيرة للقيم الدينية والأخلاقية، ومخالفة لأحكام القانون وطنيا ودولياً.
كما أكد أن quot; العنف الجنسي quot; هو تجسيد للتمييز ضد المرأة وانتهاك جسيم لحقوقها الإنسانية ، وهو اعتداء صارخ على كرامتها الجسدية والأدبية ، وعلى حريتها الشخصية المكفولة دستورياً ، واعتداء على حقها في الأمان على نفسها وفي سلامتها الجسدية والنفسية وعلى حقها في الخصوصية وعلى خياراتها وعلى أمانيها وأحلامها خاصة وأنه يقع في مجال هو في الصميم من ذاتها الإنسانية ،
وقال البيان أن حماية النساء من quot; العنف الجنسي quot; هو مسؤولية الدولة وطنياً والمجتمع الدولي وهيئاته المختلفة دولياً ، وأنها مسألة ترتبط مباشرة بمكافحة الجريمة وبالحق العام ، حتى وإن خضعت قانونياً لمسار خاص يراعي مصلحة الضحايا وأسرهن ومتطلبات إصلاح وتأهيل الجناة .
وأجمع المشاركون على أن العنف الجنسي عنف إجرامي بشع يلقى إدانة ورفضاً من الرأي العام ولا تقبله الثقافة السائدة ، ولكنهم أشاروا إلى أنها كثيراً ما تكون إدانة لفظية مظهرية ، وفي الكثير من الأحيان يكون هذا الموقف الرافض وتجلياته اللفظية والسلوكية منطلقاً من انحياز وتنكر لحقوق واحتياجات الضحايا.
وتكشف التعبيرات عنه عن سعي صريح أو مبطن للبحث عن الأسباب والذرائع والتبريرات لدى الضحية وتأكيد مسؤولياتها عما حدث لها والنظر إليها كشريك أو محرض أو مسبب للجريمة، بدلاً من توجيه الإدانة الحاسمة وتحميل المسئولية الكاملة للجاني، بل أن الجناة في الكثير من الحالات يحظون بتسامح وتواطؤ يمكنّهم من التنصل التام من المسئولية ، بل ويمكنهم حتى من الانتفاع من الجريمة من خلال اللجوء إلى ابتزاز الضحايا ، باعتبار أن التقاليد والأعراف الاجتماعية تميل إلى اعتبار العنف الجنسي quot; فضيحة الضحية quot; وأسرتها أكثر من اعتباره quot; جريمة الجاني quot; ومسئوليته.
وأوضحت المداخلات والأوراق والمعلومات العلمية والإحصائية والتحليلات الفكرية والنصوص القانونية الأردنية والعربية والدولية التي عرضت أثناء الحلقة النقاشية وكذلك التجارب والخبرات العربية التي قدمت، أن وعياً متزايداً في المجتمعات العربية قد بدأ يفرض تعاملاً أكثر جدية مع هذا الموضوع، وأن العديد من التعديلات القانونية في أكثر من بلد عربي بما فيه الأردن، والمبادرات التي نفذتها وزارات ومؤسسات حكومية هيئات وجمعيات أردنية تتجه إلى العمل بجدية على تبني النهج المتكامل في التعامل مع العنف الجنسي وفي حماية ضحاياه وتوفير الخدمات لهم وخاصة الأطفال والنساء.
واستعرضت الحلقة عدة مبادرات منها تجريم التحرش الجنسي في القانون المغربي وإنشاء إدارة حماية الأسرة في الأردن وغيرها من المبادرات والحملات والمشاريع الحديثة في الأردن والبلدان العربية
وفي سبيل متابعة تنفيذ التوجهات المذكورة والحفاظ على الروح التشاركية والتكاملية التي سادت أعمالها واستثمار ومأسسة للتجربة الأردنية في هذا المجال، فقد تبنت الحلقة فكرة إنشاء شبكة وطنية للحماية من العنف الجنسي على أن تكون الهيئات الرسمية والأهلية المشاركة في هذه الحلقة نواتها في الأردن وتشجيع إنشاء شبكات مماثلة في البلدان العربية والتنسيق بينها على المستوى الإقليمي وتكليف المعهد الدولي لتضامن النساء / الأردن بالمتابعة.
التعليقات