قصة موت أول سائقة سعودية
مئات السعوديات يقدن سياراتهن ولكن بالصحاري فقط!!.
مئات السعوديات يقدن سياراتهن ولكن بالصحاري فقط!!.
ممدوح المهيني من الرياض: في قرية صحرواية نائية تبعد عن مدينة حائل (شمال السعودية) 100 كيلو متر تقريبًا. لا تبدو نورة المرأة الكبيرة التي تجاوزت الـ 72 من عمرها ترتكب أمرًا غريبًا بالنسبة إليها، عندما تركب سيارتها وتقطع عشرات الكيلو مترات من أجل أن تذهب لمزرعتها أو تشتري أغراضها أو توصل أحفادها أو تخرج في نزهة برية.
حتى بالنسبة إلى قريتها quot;الفوليج quot;لا يعد ما تقوم به نورة مستهجنا بل على العكس. إنها تقوم بممارسة طبيعية جدًا لدرجة أن منظرها وهي تندفع مسرعة بسيارتها مرتدية العباءة والبرقع بات أمرًا مألوفًا جدًا. ولكن ما تقوم به هذه المرأة البدوية الكبيرة بكل سهولة و في قرية نائية جدًا هو ما يثير جدلاً وصراعًا حاميًا في مناطق المملكة الرئيسة، وبين ساكينها الأكثر تحضرًا، بحيث يحذر على النساء فيها قيادتها حتى لمسافة متر واحد .
quot;السعودية البلد الوحيد في العالم الذي لا يسمح فيه للنساء بالقيادةquot;. تبدو هذه الجملة شائعة جدًا في وسائل الإعلام الغربية عند ذكر الأشياء الغريبة في السعودية. ولكن هذا الأمر ليس صحيحًا بالكامل. فهناك مئات النساء السعوديات اللواتي يقدن سياراتهن بمهارة حتى أكثر من الرجال ولأوقات طويلة ويخلصن الكثير من المهمات المنزلية أو للتنزه أو للتجارة. ولكن كل تلك المشاهد التي لا يسمع بها العالم تحدث في المناطق الترابية والمساحات الصحرواية التي لا تنطبق عليها قوانين الشرطة التي تحذر على النساء القيادة. في صحراء نجد والمنطقة الشمالية من السعودية تقطع مئات النساء الأراضي الوعرة والهضاب الشاسعة والسهوب البعيدة في منظر رائع، وكأنه يحدث في بلد غير السعودية.
الشابة مها التي تسكن في إحدى القرى الشمالية، سائقة ماهرةحتى للسيارات الثقيلة، وتخرج بشكل يومي لقيادة سيارتها وتعتبر الخبيرة في المنزل في اختيار الأماكن البرية الجميلة التي تعرفها حتى أكثر من إخوتها، وتقوم بدور رئيس في قضاء حاجات المنزل . ولكن كل هذه الحرية انتهت بعد زواجها وانتقالها لمنطقة الرياض حيث يمنع عليها أن تقود السيارة وأصبحت في بعض المرات تنتقل مع سائقي الأجرة قليلي الخيرة الذين كادوا أن يتسببوا بمقتلها في أكثر من مرة ndash; كما تقول- . وتضيف :( كان من أحلامي أن انتقل للرياض الجميلة والمبهرجة والمليئة بالأسواق والمطاعم وكل الأشياء التي تسعد المرأة. حفظت بسرعة شوارع الرياض السهلة والتي تبدو القيادة بها أسهل كثيرًا من القيادة في المناطق الصحرواية الشاسعة. ولكن لم يكن بمقدوري القيادة ولم أتعود أن يتم نقلي من مكان لآخر وكأني أعاني من إعاقة ما. لذا شعرت بالملل سريعًا وهذا أيضاً ما كنت أحس به أيضًا في قريتي الصغيرة التي لا يوجد فيها شيء إطلاقًا، إلا أن أنها تمنحك شعورًا بأنك انسان طبيعي).
قبل عامين اعتبرت أحد الفتيات السعوديات التي تسكن قرية اسمها quot;الحائط quot; شمال السعودية، أنها تقوم بأمر طبيعي جدًا عندما انطلقت بسيارة والدها لتقطع مسافة 250 كيلومترًا وتدخل إلى مدينة حائل وتتوجه صوب السوق، وعندما أوقفتها الشرطة وسألتها عمل تفعل أجابت ببراءة : ( لم أفعل شيء. أنا ذاهبة للتسوق !!).
في فجر كل يوم خميس تنطلق مجموعة كبيرة من النساء من هجر وقرى متفرقة بسياراتهن الخاصة إلى محافظة صغيرة تسمى quot; الرويضةquot; ( 250 غرب الرياض). ويقطعن أكثر من 100 كيلومتر من الأراضي الصخرية الوعرة، وذلك من أجل أن يحضرن سوقًا يقام هناك بعد صلاة الفجر. يقمن ببيع ما لديهن من سمن ولبن وحطب وقبل صلاة الظهر يذهبن للسوق ويشترين ما يلزم لبيوتهن من خبز واجبان وحتى ألعاب لأطفالهن وأحفادهن ومن ثم يقفلن راجعات وهن سعيدات بعد أن امضين يومًا ناجحًا. وتقوم بعض هؤلاء النسوة بالقيادة على الطرق السريعة، وذلك من اجل أن يختصرن الوقت ويلقين تسامحًا من رجال الشرطة الذين يعرفون من سياراتهن المحملة بالبضائع أو الخراف أن لديهن عمل عليهن إنجازه.
يقول اللواء ناصر النويصر مدير شرطة منطقة حائل :( نصادف أحيانا بعض النساء اللاتي يقدن السيارة ونتصرف معهن بالطريقة الملائمة ولكن هذه حالات اضطرارية)
يقول الصحافي تركي السهلي، الذي رصد كثيرًا هذه الظاهرة: ( عندما أشاهد هؤلاء النساء الرائعات وهن ينطلقن بسياراتهن ويذهبن للتجارة أو لشراء احتياجات بيوتهن وعائلاتهن، أعرف أمرًا واحدًا مهمًا وهو أن هؤلاء النساء يقمن بالشيء الصحيح والذي تفرضه عليهن طبيعتهن. لم ينتظرن قرارًا حكوميًا ليشعرن بأنهن طبيعيات وحرات).
في فجر كل يوم خميس تنطلق مجموعة كبيرة من النساء من هجر وقرى متفرقة بسياراتهن الخاصة إلى محافظة صغيرة تسمى quot; الرويضةquot; ( 250 غرب الرياض). ويقطعن أكثر من 100 كيلومتر من الأراضي الصخرية الوعرة، وذلك من أجل أن يحضرن سوقًا يقام هناك بعد صلاة الفجر. يقمن ببيع ما لديهن من سمن ولبن وحطب وقبل صلاة الظهر يذهبن للسوق ويشترين ما يلزم لبيوتهن من خبز واجبان وحتى ألعاب لأطفالهن وأحفادهن ومن ثم يقفلن راجعات وهن سعيدات بعد أن امضين يومًا ناجحًا. وتقوم بعض هؤلاء النسوة بالقيادة على الطرق السريعة، وذلك من اجل أن يختصرن الوقت ويلقين تسامحًا من رجال الشرطة الذين يعرفون من سياراتهن المحملة بالبضائع أو الخراف أن لديهن عمل عليهن إنجازه.
يقول اللواء ناصر النويصر مدير شرطة منطقة حائل :( نصادف أحيانا بعض النساء اللاتي يقدن السيارة ونتصرف معهن بالطريقة الملائمة ولكن هذه حالات اضطرارية)
يقول الصحافي تركي السهلي، الذي رصد كثيرًا هذه الظاهرة: ( عندما أشاهد هؤلاء النساء الرائعات وهن ينطلقن بسياراتهن ويذهبن للتجارة أو لشراء احتياجات بيوتهن وعائلاتهن، أعرف أمرًا واحدًا مهمًا وهو أن هؤلاء النساء يقمن بالشيء الصحيح والذي تفرضه عليهن طبيعتهن. لم ينتظرن قرارًا حكوميًا ليشعرن بأنهن طبيعيات وحرات).
كل هؤلاء النساء يفعلن ما يعتقدن بأنه أمر طبيعي. وهذا هو شعور آبائهن أو أزواجهن الذين لا يبدون فقط متسامحين فقط مع هذه القضية الحساسة في المجتمع السعودي، ولكنهم يطالبون بها ويعتقدون أن نسائهم اللاتي يتمتعن بحرية القيادة يساعدنهم في تحمل ضغط الحياة اليومي.
ولكن بمجرد انتقالهن للمدن السعودية يتحول هذا الحق الطبيعي إلى مخالفة تستحق العقاب ويتحول الرجال البدويين أو القرويين المتسامحين إلى رجال متحضرين متعصبين لا يمكن أن يسمحوا حتى بنقاش لقيادة المرأة للسيارة أو خطة لتطبيقه حتى بعد عشر سنوات.
عضو مجلس الشورى د. محمد بن زلفة واجه حملة ضارية جاءته من كل مكان بسبب مطالبته بنقاش ( فقط نقاش) قيادة المرأة للسيارة . هذا المشهد يعكس أحد الوجوه المتناقضة التي تعيشها السعودية حيث تبدو فيها القرى- وعلى عكس العالم تقريبا- أكثر تسامحا وتحضرا في بعض الوجوه الرئيسية من المدن. القرى السعودية تسمح للنساء بقيادة السيارة والعلاقة بين المرأة والرجل أكثر طبيعية وليس هناك هوس ديني بالحجاب وكل هذه أشياء تجدها بكثافة في المدن السعودية.
يقول الدكتور بن زلفة :( لو طالبت بقيادة المرأة للسيارة في المجتمع القروي أو الريفي فسأحظى بدعم ولكن عندما قمت بذلك في مجتمع المدينة الذي من المفترض أن يكون أكثر تحضرًا واجهت ضغوط شديدة وصلت حد التخوين . هذه احد الأشياء الغريبة التي تحدث في مجتمعنا. القرى في الغالب هي الأماكن المنغلقة على نفسها والمدن هي الأكثر انفتاحا ولكن ما يحدث لدينا هو العكس).
يقول الدكتور بن زلفة :( لو طالبت بقيادة المرأة للسيارة في المجتمع القروي أو الريفي فسأحظى بدعم ولكن عندما قمت بذلك في مجتمع المدينة الذي من المفترض أن يكون أكثر تحضرًا واجهت ضغوط شديدة وصلت حد التخوين . هذه احد الأشياء الغريبة التي تحدث في مجتمعنا. القرى في الغالب هي الأماكن المنغلقة على نفسها والمدن هي الأكثر انفتاحا ولكن ما يحدث لدينا هو العكس).
يمكن تفسير الأسباب بسبب تغلغل أيديولوجية الصحوة المتطرفة التي اجتاحت المدن السعودية واستطاعت أن تحول الشخصية السعودية الطيبة والبسيطة إلى شخصية متشنجة ومسيسة. ولكن يبدو أن هذه الأيديولوجية الصحوية لم تصل بقوة إلى سكان القرى وحتى تأثيرها الذي انتقل مع أبنائها الذين عادوا من المدن وهم محملين بالأفكار المتشددة التي تعادي المرأة وتضطهدها كان ضعيفًا جدًا .يقول د بن زلفة :( في الواقع استطاعت القرى والأرياف أن تنجو جزيئا من ثقافة الصحوة المتطرفة على الرغم من الغزو الذي جاءهم عبر التلفزيون وأشرطة الكاسيت وخطب الجمعة ولكنها اصطدمت على ما يبدو بطبيعة أهل القرى الفطرية والتي لم ترى في قيادة النساء للسيارة أو العلاقة بين الرجل والمرأة أي خطأ يستحق منهم التوبة. ولكن هناك من تأثر بها بالفعل وذلك لسبب مخادع جدًا وهو اعتقادهم أن ما يقوله الناس المتعلمين القادمين من المدن هو الصحيح، وأن على عقولهم الجاهلة أن تطبقه، ولكنهم لم يكونوا يعرفون أن الشر كان يكمن في هذه العقول المتعلمة).
هذا الوضع الغير طبيعي في المدينة تم معالجته أيضا من ناحية اقتصادية ولكن بشكل مكلف جدا. قام سكان المدن في السعودية باستقطاب السائقين بمبالغ كبيرة وتحملوا مصاريف سكنهم ومعيشتهم والحوادث الكثيرة التي يتسببون بها . كل ذلك جاء معاكسا له في مجتمع القرية الذي لم تصرف مع الأمر بطبيعة وعقلانية ولم يحاول أن يلفق الأشياء من أجل أن يطبق نظريته المعاكسة لمنطق الواقع. عرف أهل القرى أن من المنطقي أن تقود نسائهم ويشاركنهم ضغوط الحياة واستجابوا على الفور لهذا المنطق العقلي البسيط .
تقول د. فوزية البكر :( النظام في المدينة صمم بطريقة ذكورية وأستبعد المرأة كمشارك وفاعل حتى لو كان هذا الأمر مكلف. ولكن في مجتمع القرية, الحاجة الاقتصادية والإنسانية للبقاء هي من فرضت هذا الدور المهم للمرأة . إذا لم تقم المرأة بقيادة بسيارتها وذلك من أجل ملاحقتها ماشيتها وإطعامها فلن يقوم احد بذلك غيرها .والرجل هو أول من يعرف هذه الحقيقة، وهو يساعدها على ذلك. في مجتمع المدنية شوارع جميلة وبنايات براقة ولكن النظام الذي بداخلنا لا يزال قبلي متشددًا ومهترئًا).
تقول د. فوزية البكر :( النظام في المدينة صمم بطريقة ذكورية وأستبعد المرأة كمشارك وفاعل حتى لو كان هذا الأمر مكلف. ولكن في مجتمع القرية, الحاجة الاقتصادية والإنسانية للبقاء هي من فرضت هذا الدور المهم للمرأة . إذا لم تقم المرأة بقيادة بسيارتها وذلك من أجل ملاحقتها ماشيتها وإطعامها فلن يقوم احد بذلك غيرها .والرجل هو أول من يعرف هذه الحقيقة، وهو يساعدها على ذلك. في مجتمع المدنية شوارع جميلة وبنايات براقة ولكن النظام الذي بداخلنا لا يزال قبلي متشددًا ومهترئًا).
في أحد الأيام خرجت المرأة الكبيرة نورة من قريتها كالعادة للذهاب إلى مزرعتها . وبينما كانت منطلقة على الطريق الذي يربط بين مدينة حائل وبقعاء لا يعرف أحد لماذا انحرفت سيارتها واصطدمت بشاحنة كانت قادمة من الجهة المقابلة. كانت أصابتها بليغة وبعد دقائق من الألم ماتت هذه المرأة الرائعة والملهمة وهي مستلقية على الإسفلت البارد. كانت أول سائقة سعودية تموت , ولكنها عكس ملايين النساء السعوديات عاشت حياتها كما أرادت. ففي الوقت الذي كانت المدن السعودية المتحضرة تضج بصراعات عنيفة حول قيادة المرأة للسيارة كانت هذه الجدة السعيدة تلاعب احد أحفادها وهي تخترق بسيارتها هواء الصحاري الباردة.
التعليقات