محمد حميدة من القاهرة:

أثار الحادث المروع لحافلة النقل في الصعيد شكوكًا كثيرة حول قانون السير الجديد الذي بدأ تطبيقه قبل 5 أشهر. فالحوادث لا تزال مستمرة والنزيف لم يتوقف بعد تطبيق القانون المفترض أن يحقن الدماء التي تسيل على الإسفلت. وإضافة الى حادث الموت الأخير الذي خلف وراءه 60 قتيلاً وأكثر من 10 مصابين في محافظة المنيا، شهدت طرق مصر سلسلة من الحوادث الأخرى.

وتعد محافظات كفر الشيخ والشرقية وأسوان وسوهاج بحسب الأرقام والخبراء الأكثر تضررًا من حوادث الطرق، وبالقرب من مدينة المنصورة أصيب 35 شخصًا في حادث تصادم سيارة نقل بمقطورة بأتوبيس وميكروباص. وفي قنا لقي 9 أشخاص مصرعهم، عندما اصطدمت سيارة نقل بسيارتهم. وفي الواحات أصيب 29 عاملاً بإصابات خطرة اثر انقلابباصًا كان يقلهم الى مدينة 6 اكتوبر. وشهدت الشرقية 3 حوادث متفرقة لقي 7 أشخاص مصرعهم وأصيب 20. وفي حادثين منفصلين في البحر الأحمر والإسماعيلية قتل 8 وأصيب 15 وفي القليوبية لقي 5 أشخاص مصرعهم وأصيب 12 اثر انقلاب سيارة اجرة بهم.

المواطن لم يلمس أي آثار ايجابية لتطبيق القانون وخصوصًا في جانب الحوادث، ولعل استمرارها بهذا الشكل ابرز دليل.فهل هذا تقصير من القانون ام تقصير من المسؤولين عن تطبيقه ام تقصير من جهات اخرى؟وهل كانت مصر بحاجة الى قانون جديد أم لا؟

في البداية رفض مصدر أمني في وزارة الداخلية تحميلالقانون المشكلة، مشيرًا إلى أنه من السابق لأوانه الحكم على قانون المرور الجديد فهناك بعض البنود لم تطبق بعد نظرًا لأنها تحتاج الى فترات انتقالية مثل المواد المتعلقة بإلغاء تراخيص المقطورات ووضع الصندوق الأسود في سيارات الركاب وغيرها. مضيفًا إلى أن القانون يعالج جانبًا واحدًا من جوانب المشكلة وهو تقويم السائق من خلال تطبيق بنود القانون على السائق المخالف أو الذي يتخطى حدود القيادة الآمنة.

وأضاف المصدر أن هذا الجانب ليس سبب المشكلة المرورية الوحيدة بل توجد جوانب أخرى كالمتعلقة بهندسة الطرق، وتبذل وزارة الداخلية جهودًا مضنية مع الجهات الأخرى من أجل حل المشكلة والوزارة من جانبها لا تقصر في تطبيق القانون والدليل على ذلك حجم المخالفات والرخص المسحوبة وحوادث الطرق التي انخفضت هذا العام بنسبة 25% عن العام الماضي.

وأكد quot; سيد امين quot; الخبير بالطرق والمرور ان المقطورة تعد احد اهم أسباب حوادث الطرق بمصر والمشكلة ان مجلس الشعب مد منع التراخيص للمقطورة الى أربع سنوات بدلا من سنة واحدة وهو ما يعني استمرار نزيف الإسفلت لأربع سنوات اخرى بهذه الكثافة وعدم تراجع ترتيب مصر الاعلى في معدلات حوادث الطرق حول العالم. وليست هذه المشكلة فقط بل احد الأسباب التقصير في التطبيق فإدارات المرور بحاجة الى إمكانات وأساليب عمل واليات تعتمد على احدث التقنيات والأدوات التكنولوجية الحديثة .

ولا يجب وضع كل المسؤولية على عاتق السير فقط، فقد أثبتت جميع الدراسات ان 75 % من حوادث السير في مصر سببها أخطاء بشرية . ويجب ان يكون هناك تعاون من الجهات الأخرى والمجتمع المدني في تطبيق الأجزاء الأخرى من القانون في جوانب التخطيط ووضع اللوحات الإرشادية وغيرها حتى يشعر المواطن بتحسن ويرتفع معدل الأمان على الطرق، لافتًا الى ضرورة تكثيف الرقابة الأمنية على جميع الطرق وتزويدها بالرادارات الثابتة لمراقبة حركة السيارات ومراقبة سلوكيات السائقين.

وحتى يمكن توفير هذه الإمكانات لا بد من توفير الدعم اللازم لإدارات السير لأن الميزانيات الموضوعة الخاصة بالمحليات لا تكفي ولا بد من البحث عن مصادر تمويل جديدة وأخرى وليكن استقطاع أجزاء او نسبة من الغرامات التي تقدر بالملايين لتحسين إدارات المرور او تحصيل المخالفات التي لا يتم تحصيلها والتي تقدر قيمتها بالملايين أيضًا.