ابتسام باظريس... سعودية في قلب التجربة العالمية
ايلاف تتابع أصداء تجربة الإنفجار الكوني العظيم
محمد حامد ndash; إيلاف : في تجربة كبيرة بحجم تجربةquot;محاكاة الإنفجار الكوني العظيمquot; تأتي النتائج والفوائد بحجم ضخامة التجربة، وبعيدًا عن الخوض في المردود العلمي والكوني لهذا الحدث الكبير، هناك فوائد معنوية وأخلاقية لا يمكن أن نغفلها، فقد أثبتت التجربة أن العامة من الناس (في كافة أرجاء العالم) لديهم اهتمامات علمية لا بأس بها، وليسوا بهذا القدر من الجهل والغفلة، ولا يتعاملون مع العلم على أنه أحد بواعث الملل، كما أثبتت التجربة أن زمن الإنجازات العلمية المرتبطة بأشخاص قد انتهى إلى غير رجعة، فالعمل الجماعي والتعاون العالمي أصبح هو الطريق الوحيد لتحقيق إنجازات علمية ملموسة، كما أثبتت التجربة بما لا يدع مجالاً للشك أن الإصرار على وضع العلم في مواجهة القيم الدينية لن يعود بأي نفع على البشرية، فقد أثبت الغرب أنه لا يفتقد القيم الدينية والروحية لصالح العلم كما قد نتصور، حيث قالها أحد العلماء الذين يشاركون في هذه التجربة الكبيرة ... quot;نحن نحب العلم لأننا نحب اللهquot;
وبالعودة لأحد أهم فوائد التجربة وهو انتهاء عصر العمل الفردي لصالح جماعية الأداء، فقد ذكر تقرير لصحيفة quot;التلغرافquot; حول تجربة الانفجار الكوني العظيم أن معظم الاكتشافات الهامة قد حدثت على أيدي أفراد فمنذ حوالي مائة عام حدثت التطورات الهائلة في مجال العلم بواسطة أفراد وليس على أيدي مجموعات أمثال إيرنست روزفورد الذي اكتشف تركيب الذرة، والبرت اينشتاين الذي اكتشف ميكانيكا الكم ونظرية النسبية، وماري كوري الرائدة في مجال الإشعاع. وحتى في عام 1953 عندما اكتشف جيمس واطسون وفرانسيس كريك بمساعدة البيانات التي قدمتها روزاليند فرانكلين، تركيب الحمض النووي، فقد كانوا يعملون فرادى وليس في فريق متكامل.
وقد تقدمت الأجهزة في العقود التالية بعد ذلك وبدأت النظرة الجماعية في البحث العلمي في عام 1957 مع إطلاق سفينة الفضاء سبوتنيك 1 بواسطة الروس. ثم تبعتها الأبحاث العلمية الجماعية في أمريكا واليابان وفي مناطق متعددة من العالم، كل ذلك يجعلنا نطرح تساؤل هام ... هل سيؤدي تشغيل هذا المعجل الضخم إلى إيقاظ الروح العامة المتجهة إلى العلم؟ لقد تم بناء هذا الجهاز الضخم من أجل البحث عن إجابات لبعض الأسئلة الغامضة مثل أين بدأ الكون؟ ولماذا نحن هنا؟ وهل نحن وحدنا في هذا الكون أم هناك آخرين؟ فكل منا يريد أن يعرف إجابات تلك الأسئلة. وبصرف النظر عن النجاح في الوصول لاجابات لهذه الأسئلة أم لا فقد أثبتت التجربة أن العمل الجماعي هو طريق الإنجاز، والعولمة العلمية أمل يمكن تحقيقه، كما أثبتت التجربة أن الناس يحبون العلم ولديهم استعداد تام للتفاعل واستيعاب التجارب العلمية الكبيرة .
كيف حدثت التجربة ؟
نشر موقع quot;Swiss Infoquot; تقرير مترجم عن الفرنسية لمارك أندري ميزري الذي رصد أصداء التجربة قائلاً ... quot;تنفس الجميع الصعداء، وتبادل العلماء بالمركز الأوروبي للبحوث النووية (سيرن) التهاني، لقد أنهت حزمة من البروتونات أول دورة لها داخل مصادم الهادرونات الكبير البالغ طوله 27 كيلومتر بنجاح على الساعة العاشرة صباحا و28 دقيقة من يوم الأربعاء 10 سبتمبر 2008 ، ولم تستغرق هذه الدورة أكثر من ساعة.
مثل هذا الإنجاز تتويجا لعشرين سنة من الجهود العلمية المضنية، وإعلانا لبداية مرحلة جديدة من البحث والاكتشاف الذي لا يمكن أن يتوقف. فقد حبس العلماء المشاركون مشاعر الفرح بهذا الإنجاز العلمي الكبير. واتسم التصفيق داخل قاعة التحكم والمراقبة عندما حانت ساعة الصفر لإنطلاق التجربة، بالاعتدال. وكأن لسان حالهم يقول، ليدخر كل منا مشاعر الغبطة والفرح. وهذه الثلة الكبيرة من الفيزيائيين والمهندسين، من الرجال والنساء، الذين حققوا هذا الإنجاز، يدركون quot;أن الإنسانية، بهذه التجربة العلمية، قد قطعت أشواطا لا بأس بها على درب فهم أسرار الكون والطبيعةquot;.
كما احتفت كل وسائل الإعلام بهذه التجربة العلمية، وهي أول مرة يستقبل فيها مقر المركز الأوروبي للبحوث النووية هذا العدد الكبير من الصحافيين. حيث استقبل أكثر من 300 إعلامي جاؤوا من جميع أرجاء العالم لتغطية هذا الحدث الكبير. وتعلقت أنظار هؤلاء الصحافيين بشاشات العرض الكبيرة، وتتابعت البيانات العلمية، والندوات الصحفية، ونشط الربط التلفزيوني المباشر. وبحلول منتصف النهار، احتفل فريق فيرميلاب الأميركي، بهذا النجاح. وكان منتصف الليل بتوقيت شيكاغو، ولكن لا بأس: لقد أراد الفريق العلمي الأمريكي، عدم تفويت الفرصة لمباركة هذا الحدث العلمي الكبير. لقد ساهموا هم أنفسهم في تحقيقه، مثلهم مثل اليابانيين، والهنود والكنديين، وغيرهم من جنسيات العالم، فالعلم قد يكون هو قائد العولمة في عالمنا الجديد .
قراصنة يخترقون كمبيوترات التجربة
على الرغم من تكاتف العالم لانجاح تلك التجربة الهائلة، إلا أن فريق من القراصنة أكدوا أن هناك نقاط ضعف في شبكة الكمبيوتر التي تتحكم في المعجلات الذرية في تجربة الانفجار العظيم، وفقًا لصحيفة quot;التايمزquot; وصفت مجموعة تسمي نفسها (فريق الأمن اليوناني) الفنيين المسؤولين عن نظام الكمبيوتر الأمني في جهاز مسرع التصادم الذري العملاق بأنهم quot;أطفال مدارسquot; حيث أن هناك نقطة ضعف موجودة في تلك الشبكة ولكنهم لم يريدوا اقتحامها أو تعطيل إجراء التجربة.
لم يلتفت العلماء إلى ما قاله القراصنة وقد سخر المطلعون من مزاعم القراصنة بأنهم على بعد خطوة واحدة من اختراق أنظمة التحكم في التجربة ذاتها. وقد أكمل الفريق الهندسي أربعة أيام من العمل المنظم خلال الأربعة والعشرين ساعة الأولى ولكن ما كان ينتظره علماء الطبيعة حقيقة هو التصادمات الأولى لآلة الانفجار العظيم، ولكن مازالت هناك مخاوف من حدوث اختراق لنظام التحكم في التجربة بعد بدء معجل التصادم في عمله بكامل طاقته، ويبدو أن القراصنة قد استهدفوا اختراق نظام الكمبيوتر الخاص بأحد أجهزة الكشف الأربعة التي ستكون مسؤولة عن تحليل سير التجربة.
من جانبه قال جيمس جيليس، المتحدث الرسمي لـ quot;سيرنquot;... إننا لا نعرف من هم هؤلاء القراصنة، ولكن يبدو أنه لا يوجد ضرر قد وقع منهم هناك. ويبدو أنهم أشخاص يريدون أن يظهروا أن هيئة سيرن قابلة للاختراق. والمسئولون عن هيئة سيرن واثقون الآن بأن جهاز تعجيل التصادم بين البروتونات سوف يبدأ التجربة من أجل التوصل إلى فيزياء جديدة قبل زيارة قادة العالم في 21 أكتوبر المقبل لافتتاح المشروع.
سعودية تشارك في تجربة الإنفجار الكونيساهمت ابتسام باظريس، وهي باحثة سعودية وطالبة بقسم فيزياء الجزيئات بجامعة جنيف، في أحد المشاريع الأربعة التي سمحت بانطلاق تجربة quot;مصادم الهادرونات الكبير LHCquot; في المركز الأوروبي للأبحاث النووية quot;سيرنquot; على الحدود السويسرية الفرنسية، وذلك وفق ما ذكره موقع quot;Swiss Infoquot; الذي التقى الباحثة السعودية حيث أعربت عن اعتزازها بأن تكون أول سعودية تشارك في هذه التجربة، وطمأنت المتخوفين من نتائج التجربة الحالية بأن العلماء أخضعوا كل القطع المستعملة فيها لاختبارات متعددة.
كما شارك عدد كبير من الباحثين من شتى بلدان العالم وأسهموا وتابعوا التحضيرات التي سمحت بانطلاق مُصادم الهادرونات الكبير LHC في أضخم تجربة علمية يشهدها العالم وأنجزها المركز الأوروبي للأبحاث النووية quot;سيرنquot; المتواجد على الحدود السويسرية الفرنسية بالقرب من مدينة جنيف. ومن بين هذا الحشد العلمي، تواجد البعض من العرب ومن بينهم الباحثة السعودية إبتسام باظريس التي تعد حاليا شهادة دكتوراه في قسم فيزياء الجزيئات بجامعة جنيف، والتي ساهمت في برنامج quot;أطلسquot; الذي يعتبر أحد البرامج الأربعة التي أتاحت الانطلاقة الناجحة للتجربة المثيرة يوم الأربعاء 10 سبتمبر 2008.
يذكر أن المملكة العربية السعودية أعادت في 22 مايو 2008 توقيع بروتوكول تعاون كانت قد أبرمته مع المركز الأوروبي للأبحاث النووية quot;سيرنquot; في عام 2006، البروتوكول الذي وقعه عن الجانب السعودي رئيس جامعة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية محمد السويل، يهدف إلى تمكين المملكة من تكوين خبراء في فيزياء الجزيئات العالية الطاقة. وقد اعتبر المدير العام للمركز الأوربي للأبحاث النووية روبير ايمار أن ذلك quot;بمثابة خطوة حاسمة لتعزيز لقدرات البحث العلمي الأساسي في منطقة الشرق الأوسطquot;. وكان المركز الأوروبي للأبحاث النووية قد وقع بروتوكولات تعاون مماثلة مع عدد من دول المشرق العربي وشمال إفريقيا وهي الجزائر ومصر والإمارات العربية المتحدة وإيران والأردن والمغرب وباكستان.
من جهة أخرى، أشارت وسائل إعلام من بينها صحيفة quot;الجزيرةquot; السعودية في موقعها على الإنترنت، إلى أن الباحث السعودي نادر بن صالح الحربي المتخصص في فيزياء المعجلات من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أدخل تحسينات على أحد الأجزاء المهمة في تصميم معجل الجسيمات الخطي الحاقن لأكبر جهاز صنعه الإنسان حتى الآن، والواقع على الحدود السويسرية الفرنسية.