يعود الاسلام للظهور بقوة بين الجيل الجديد في مدينة اوش بجنوب قرغيزستان وهو أمر تشعر حكومة الجمهورية السوفيتية السابقة بالقلق إزاءه بالنظر الى الحملة النشطة التي تشنها لكبح التطرف الديني ووضع نفسها في مصاف الدول العلمانية رغم الأغلبية المسلمة فيها.

أوش: في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة والسلطات المحلية تعزيز العلمانية في محاولة لمنع انتشار التطرف الاسلامي فرضت الدولة في وقت سابق هذا العام حظرا مثيرا للجدل للحجاب في مدارس البنات الأمر الذي دفع الصدام بين العلمانية والدين الى صدارة المناقشات في قرغيزستان. وتضم أوش نحو 57 مدرسة يبلغ اجمالي عدد الدارسين فيها 50856 تلميذا. وتشير تقديرات رسمية الى أن 519 تلميذة واصلن ارتداء الحجاب رغم الحظر الذي فرضته الحكومة وأن ما يقرب من 10 في المئة من التلميذات لا يرتدين غطاء الرأس في المدارس.

وتقول جماعات دولية مثل المجموعة الدولية لمواجهة الازمات ان الحكومة ينبغي ألا تفرض قيودا على المظاهر التقليدية للاسلام في اطار حملتها على التطرف الديني لكن مسؤولين حكوميين نفوا مزاعم بأنهم حذروا الطالبات من ارتداء الحجاب في المدارس. لكن مدير ادارة التعليم في أوش عبد الولي بالتاباييف ذكر أن المدارس طلبت من التلميذات التوقف عن ارتداء غطاء الرأس الاسلامي تطبيقا للتشريعات الرسمية للدولة. وقال quot;بموجب القانون يتعين على الجميع (في المدرسة) ان يكون لهم نفس المظهر بدون غطاء للرأس.quot;

وأضاف quot;لكن عندما تأتي تلميذة الى المدرسة بغطاء للرأس لا نطردها ولا نقول لها شيئا ضد هذا. نحن نشرح باستمرار وجهة نظرنا ونتحدث الى الآباء. نحاول اقناعهم بادب وبطريقة سليمة باننا نعيش في دولة علمانية وبأن التشريعات علمانية ايضا. ولهذا السبب يجب أن يمتثلوا (للقواعد) ايضا.quot; وسجنت قرغيزستان العام الماضي 32 شخصا شاركوا في احتجاجات مناهضة للحكومة في بلدة نوكات التي لا تبعد كثيرا عن اوش في أحد أيام العطلات الاسلامية بعد أن اتهمتهم بالتطرف الديني. واتخذت الجمهورية السوفيتية السابقة الفقيرة اجراءات صارمة ضد جماعات الاسلاميين التي تعتقد أنها تسعى للاطاحة بالحكومة العلمانية في الدولة التي يغلب المسلمون على سكانها لكنها رسميا علمانية.

واعتقلت قرغيزستان في الماضي ورحلت عددا من نشطاء حقوق الانسان كانوا يحققون في هذا الامر. وكانت قرغيزستان هدفا لغارات عبر الحدود نفذها متمردون اسلاميون عامي 1999 و2000. وتبنت قرغيزستان حملة واشنطن لاجتثاث جذور حركة طالبان الافغانية ودعت القوات الاميركية الى شن عمليات من أراضيها. وشكت بعض التلميذات من مشاكل واجهنها مع المدرسين بسبب قرارهن مواصلة ارتداء الحجاب الذي يعنبره كثيرون من قبيل الحرية الشخصية وجزءا شديد الاهمية من الالتزامات الدينية.

وقالت تلميذة في المرحلة الاعدادية تدعى دوردونا احمد زانوفا quot;لم يرغمني احد على ارتداء الحجاب. لا اعتقد ان الحجاب يعوقني عن اكتساب المعرفة.quot; وأضافت quot;واجهت مشاكل مع المعلمين لكنني لم اتنازل عن حجابي.quot; ولا ترى زميلتها سعيدة اكبروفا التي لا ترتدي حجابا لان والديها يعترضان عليه أي اشارة تدل على الاصولية بين المحجبات. وقالت سعيدة quot;الحجاب يعني البراءة والطهر والحشمة. انه دليل على أننا مسلمون. لا أود القول ان الفتيات حاسرات الرؤوس غير جديرات بالاحترام ولكن الحجاب يحمي من أشياء سيئة.quot;

ويرى علماء مسلمون يتولون التدريس في جامع البخاري أحد المسجدين الرئيسيين في اوش أن الحجاب جزء لا يتجزأ من العقيدة الاسلامية. وقال سويون ادزي كاليكوف القاضي الشرعي بمنطقة اوش quot;أقر بأن من الضروري وجود زي مدرسي موحد بتصميم موحد للجميع لكن ارغام الفتيات على خلع الحجاب خطيئة وقول ان الحجاب له تأثير سلبي على المجتمع والناس من حولهن.quot; وأضاف quot;كيف يكون للحجاب تأثير سييء.. هذا ليس صحيحا.. على العكس فالحجاب يشير الى الادب والايمان.. انه رمز للاسلام. يوصي القرآن بالحجاب للنساء حتى لا يكن مصدر فتنة للرجال. انه وقاية من السوء.quot;

في الوقت نفسه يعتقد كثيرون في قرغيزستان أن المسؤولية المطلقة في مواجهة التطرف وتدريس الدين المعتدل تقع على عاتق رجال الدين المسلمين أنفسهم. ولا ترى كلارا تنيبيكوفا نائب رئيس جمعية فرحة الايمان الاسلامية التي تقدم دورات لتعليم القران وأصول الدين للنساء تناقضا بين التقاليد الاسلامية والمسؤولية الاجتماعية في المجتمع الحديث.

وقالت تنيبيكوفا quot;اعتقد ان المدرسة اذا طلبت زيا موحدا فيتعين ارتداء زي موحد. لكن الفتيات يجب ان يكون لهن الحق في ارتداء اغطية الراس ايضا وهذا لا يثير انزعاج احد فيما يبدو. اذا ارتدت الفتيات الجينز في المدارس او ملابس تكشف جزءا من بطونهن فنحن لا نشير اليهن. لماذا اذن يتعين حظر الحجاب اذا كانت الفتيات يردن ارتداءه كمسلمات حقيقيات. لا استطيع ان افهم هذا.quot; وتضم منطقة أوش في قيرغيزستان 380 مسجدا مسجلا رسميا على الاقل ونقول مصادر غير حكومية ان ثمة 500 مسجد في الدولة الواقعة باسيا الوسطى.