سلطان القحطاني من لندن: من المتوقع أن يعود المسلسل المحلي الشهير quot; طاش ما طاش quot; إلى لعبته المفضلة التي أتقنها على مدار خمسة عشر عامًا وهي إثارة الجدل من خلال حلقتين تتحدثان عن أصوات الآذان في مساجد المملكة وعن مستقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما لو قدر له أن يولد في السعودية.

وتم تصوير الحلقتين بين الرياض وجدة وسط تكتم شديد من قبل فريق العمل مخافة أن يثير الإعلان عنهما ردود فعل واسعة قد تتسبب في منعهما من البث كما حدث مع عدد من الحلقات التي منعت بأمر حكومي طول سنوات من عمر المسلسل الذي حرك مياهًا راكدة في المجتمع السعودي.

وتتحدث الحلقة الأولى التي تحمل عنوان quot;الصداحونquot; عن عناد مؤذني المساجد الذين يريدون رفع مكبرات الصوت أكثر من الحد المصرّح به رسميًا من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف التي تنظم عمل مساجد المملكة البالغ عددها مئة وخمسين ألف مسجد. وكانت هذه القضية محور جدل في الصحافة المحلية لعدة أسابيع.

ومن النادر أن تمر مواسم طاش التلفزيونية بسلام دون اصطدام مع الأصوليين أو السلطة الرسمية، إذ من المعتاد أن يتم إيقاف حلقتين أو ثلاث كل عام ومن ثم يعاد بثهما بعد سنوات حسب المزاج العام.

وفي هذه الأوقات العاصفة وجدت البرامج التلفزيونية الرمضانية، وطاش على رأسها، مادة يصلح عرضها عن أهم قضايا العصر الكبرى: التطرف الإسلامي خصوصًا أن هذا المسلسل المحلي كان أول من بادر إلى نشر ثقافة الانتقاد والسخرية من الأصوليين.

أما الحلقة التي قد تثير ردود فعل سياسية رفيعة المستوى فهي تتحدث عن مستقبل أوباما لو قدر له أن يولد في السعودية حيث يصوره المسلسل على أنه سيكون مشجعًا لإحدى الأندية المحلية وهو نادي الإتحاد الذي يشتهر أغلب مشجعوه بأنه ينتمون إلى البشرة السوداء، دون أي أمل في الحصول على حياة كريمة.

وعلى الرغم من أن السخرية من أوباما تعد أمرًا اعتياديًا في البرامج التلفزيونية الأميركية إلا أن مسؤولين سعوديين قد يرون في ذلك إحراجًا لهم خصوصًا في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين تطورًا لا مثيل له نتيجة للعلاقة الشخصية بين الملك عبد الله وأوباما الذي فعل كل ما بوسعه كي يربح قلب الملك خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض.

ونتيجة للضغوط المتوقعة فإن طاقم المسلسل قد قرر أن تكون هذين الحلقتين من ضمن الحلقات الأولى التي ستبث في بداية شهر رمضان بغية قطع الطريق على الاحتجاجات التي اعتاد عليها أبطال المسلسل بناء على نصيحة من مجموعة quot;M.B.Cquot; صاحبة حقوق بث المسلسل.

وولد المسلسل من جديد بعد خروجه من عباءة التلفزيون السعودي الذي كان السعوديون يطلقون عليه لقب quot;غصب 1quot; قبيل بدء ثورة الصحون اللاقطة والقنوات الفضائية حيث كان نافذتهم الوحيدة على العالم الخارجي.

وتلقى فريق المسلسل تهديدات بالقتل لما اعتبره البعض وقاحة من جهتهم.

كما أصدر الشيوخ فتوى دينية تؤثم مشاهدة quot;طاش ما طاشquot; بعد حلقة انتقدت القضاة الدينيين لتقليص عدد ساعات عملهم في اليوم إلى ثلاث ساعات فقط. حلقة أخرى انتقدها بشدة علماء الدين وآخرون غيرهم عندما سَفّهت مطالبة النساء بمرافقة محارمهن حال الخروج إلى المطاعم.

وهذه هي المرة الأولى التي يعود فيها المسلسل إلى الظهور بعد أن إضطر للتوقف العام الماضي بعد سلسلة من الاحتجاجات لم يسبق لها مثيل تسببت في مغادرة أحد أبطال المسلسل وهو ناصر القصبي بلاده إلى دبي بغية العيش بسلام ولو لفترة محدودة.