أكد الفنان العراقي، طه علوان، على صعوبة شخصية السمسار التي أداها في مسلسل تلفزيوني يتناول ظاهرة زواج المتعة، مشيرًا الى أن الصعوبة تكمن في أن الشخصية جديدة جدًا عليه، وأن هذا العمل الذي قد يرغم الفتيات القاصرات على الزواج يؤثر على علاقته ببعض المشاهدين.


بغداد: أعرب الفنان طه علوان عن استفادته من تجربة العمل في سوريا خلال السنوات الماضية التي عاش فيها هناك، لكنه يعترف أن الحاجة المادية دفعته الى العمل في مسلسلات لم يكن راضيًا عن الشخصيات التي اداها فيها، ومشيرًا إلى أن العمل هناك انتج ممثلين طارئين لا علاقة لهم بالتمثيل ولا الفن وصاروا يرون أنفسهم نجومًا.

ما جديدك من الأعمال التلفزيونية؟
اكملت تصوير مسلسل بعنوان quot;ميم ميمquot; لقناة الشرقية من تأليف عبد الخالق كريم، وإخراج حسن حسني يتكون من 30 حلقة ويتحدث عن موضوعة جديدة في الدراما العراقية خالية من العنف ومن الدم والقتل، ولها شفافية الموضوع فيما يخص المرأة تحديدًا وكيفية التعامل مع المرأة في هذا المجتمع الكبير مع أناس سماسرة لمصالح خاصة يصلون بهذه المرأة، بحواء الجميلة، إلى أدنى المستويات، ونطرح هذا الموضوع للرأي العام لكي يأخذ دوره في عملية حماية المرأة في مجتمعنا.

ما هي شخصيتك فيه ؟
المسلسل من بطولتي وأجسد فيه شخصية (أبو سرى السمسار)، على العكس تمامًا من شخصية طه علوان، وهذا الشخص يتعامل مع المرأة بغلاف الدين لزواجات المتعة خدمة لمصالحه الخاصة، فيعمل على تزويج الفتيات القاصرات، حيث ان المسلسل يتطرق لزواج المتعة والمسيار، وهي شخصية سلبية جدًا، ومن الصعب تأدية شخصية ترفضها نفسك ولكن عليك تأديتها بطريقة مقنعة.

أي صعوبة وجدت في تجسيد هذه الشخصية الصعبة بالتأكيد؟
فيها صعوبة بالتأكيد ولكن احيانًا حتى زملائي من العاملين معي في المسلسل كانت درجة قناعتهم تصل الى أنهم يؤكدون ان طه علوان في هذا العمل سمسار فعلاً، واحيانًا اخذهم خارج الكواليس وأقول لهم انا اخوكم طه علوان، وانا امثل هذه الشخصية ولم اكن سمسارًا، ويؤكدون ان تمثيلي للشخصية اقنعهم جدًا، فكنت اقول أننا نؤدي ما يسند الينا من ادوار كي نقدمها للمشاهد وتكون لديه القناعة تمامًا بما نقدمه.

وغير هذا المسلسل ماذا لديك ؟
كان لديّ مسلسل بعنوان quot;متى ننامquot; صورناه في سوريا وكان له وقع جميل تحدثنا فيها عن الجنوب العراقي، وكانت فيه أصابع نجاح كما لمست ذلك من الشارع حيث تلقيت التهاني، وقد ادى العمل ما هو مطلوب منه.

هل تؤثر الشخصيات السلبية على حالتك النفسية ؟
بالتأكيد، واحيانًا اذهب بعيدًا عن الكاميرا وابكي، لكن لابد من ان اعود والبس ثوب الشخصية وأؤديها، خصوصًا ان المخرج مقتنع انني خير من يؤدي هذه الشخصية، واذن لابد ان اجسدها وان تترك اثرًا نفسيًا في داخلي .

قدمت العديد من الاعمال في سوريا ما الملاحظات التي سجلتها على الأعمال المصورة هناك ؟
خرجت بتجربة كبيرة جدًا في عملية الالتقاء والتزاوج مع الوسط الفني السوري بفنيه ومخرجين، وهو يمتلك ما يمتلك لكن الرؤية العراقية تبقى فوق الاشياء حقيقة، وليست مجاملة ولها ابداعاتها الخاصة، كنا نفاجئ المخرج السوري والفني السوري اولاً بتواضعنا وثانيًا بطريقة عملنا وتحضيرنا وادائنا للشخصية، فكانت هي الهوية الحقيقية للفنان العراقي الذي عمل في كل الاعمال السورية والعربية، فكان له البصمة الحقيقية التي ما زال الى حد الآن يتصلون بنا من سوريا وهم اصدقاء واخوة لنا وزملاء، وهذه التجربة في الغربة نحاول ان ننقلها الى جيلنا الجديد، جيل الشباب، وهي مسؤولية الجميع وليست مسؤوليتي فقط، انا احاول مع كل الشباب واقدم لهم محاضرات حول هذه التجربة من اجل الاستفادة منها في المرحلة اللاحقة.

ألا يحمل العمل سلبيات ؟
هناك العديد من السلبيات بالتأكيد، اولاً الاجور حيث لا يأخذ الممثل العراقي اجرًا مثلما يأخذ الممثل السوري، ولا يأخذ العراقي حقه ابدًا وفي كل المفاصل لانهم يعرفون انه بحاجة الى هذه الأموال، وكان لابد من الرجوع الى نقابة الفنانين والمسؤولين عن الثقافة العراقية في عملية اسناد الوسط الثقافي والعاملين في الوسط الفني إجورًا يستحقونها فقدوها سابقًا، ويجب أن لا نفقدها حاليًا، أعطينا للوطن فليعطنا الوطتن

هل أدت البيئة السورية واجبها تجاه البيئة العراقية المتمثلة في الأعمال؟
لا ابدًا، تبقى الروح روح المكان التي يفتقدها كل عمل عملناه في سوريا لان الجغرافية البغدادية لها روحها الخاصة ولها طعمها الخاص، نتعامل معه في دقائق الأمور حتى في ذرات التراب والهواء الذي نتنفسه.

مع قلة الأجور، هل اضطريت للمشاركة في عمل وأنت غير راض عنه تمامًا؟
نعم هناك الكثير من الاعمال المستنسخة مع الاسف، لانها الشخصيات مكررة ولكن للظرف المادي الصعب وللتواصل مع الحياة كان لها أثرها في هذه الاعمال على الرغم من انها كانت خالية من الاسفاف.

اغلب المسلسلات العراقية كانت تتناول الواقع العراقي، هل انت مع نقل ما في الشارع الى الشاشة ؟
الشارع العراقي مليء بالمآسي والمواضيع، وربما ما قدمنا هو عشر العشر لأننا بحاجة الى ان نظهر على السطح أعمالاً ترتقي بالانسان العراقي وهمومه ومشاكله، لان لدينا من مليونين الى ثلاثة ملايين يتيم وأكثر من مليونين مطلقة واكثر من خمسة ملايين ارملة، لذلك نحن بحاجة الى ان نجمع هذه الاعمال للخروج بأعمال تعبر عنها.

من خلال تجربتك السورية، ما الذي تحتاجه الدراما العراقية حتى تكون بمستوى السورية ؟
هناك حرية في مساحة التصوير يفتقدها الجانب الفني العراقي، هم يبحثون عن النوع وليس عن الكم، نحن نبحث عن العكس، وهذه ايضًا رسالة الى كل القنوات العراقية والمنتجين: ابحثوا عن النوع وليس عن الكم، بدلاً ان نقدم سبعة مسلسلات لنعمل مسلسلين وتكون ميزانيتهما جيدة كي يأخذ المخرج مساحته وابداعه الحقيقي في عملية التصوير وفي تقديم هذه اللوحالت الفنية بدلاً من ان نقدم خمسين مشهدًا ستكون غير مؤثرة وسطحية ولا تصل بأي حال من الاحوال الى قلب المتلقي، وهذا ما اكرره دائمًا داخل الوسط الفني، ففي العمل الاخير مع الاستاذ الفنان حسن حسني كان يصور في اليوم الواحد عشرة مشاهد فقط لا غير لكنها عشرة مشاهد مليئة، واذكر ان احد المشاهد صورناه في (صيدا) بدأنا التصوير الساعة الواحدة ظهر وانا صائم في رمضان واكملنا مع الافطار، وهو مشهد واحد طوله دقيقتان فقط، هذه هي المتعة الفنية اولاً وهذه هي القيمة الفنية التي يتمتع بها المشاهد واتمتع بها انا كممثل وكذلك المخرج والفني وهكذا التفاصيل الاخرى، ولكن مع بحبوحة الانتاج، لذلك كي تكون اعمالنا جميلة سواء كانت كوميدية او درامية، يجب ان تكون هناك مساحة جيدة للمخرج والكاتب كي تصل الاعمال الى قلب المشاهد.

يقال ان تجربة العمل في سورية انتجت ممثلين لا علاقة لهم بالتمثيل وأتوا بهم من الشارع، ما صحة هذا ؟
هذا صحيح، ويعود ذلك لقلة الكوادر الموجودة فاستعانوا بهذه النماذج، هم يحسبون انفسهم نجومًا حاليًا ولكن ليست لهم ادنى علاقة مع الفن، انا الى حد الآن وفي هذا العمر لم اقدم ما يرضيني، وانا تلميذ الى حد الآن عند اساتذتي في الفن، اتمنى من الجيل الذي يقول عن نفسه انه نجم ليراجع نفسه قبل ذلك.

تقول انك لم تقدم ما يرضيك، اين الخلل فيك ام في الاخرين ؟
الخلل في الموضوع لأنه هو الذي يحرك كل الامور.

هل معنى هذا ان لدينا ازمة مؤلفين ؟
بل لدينا ازمة ثقة بين الكاتب والتفاصيل الفنية، و اعزوها الى قراءة النص مع المخرج والعاملين بحضور الكاتب، حيث هذه القراءة تجعل للعمل مساحات حقيقية لتقليص مشاهد واضافة مشاهد والتركيز على مكانات، والحل بالعمل الجماعي وليس الفردي، نحن نتمنى من الكاتب العراقي ان يعود الى معاناته الحقيقية والى قلمه السحري الحقيقي، وان لا يكتب للتجارة وانما للفن.

سؤال أخير... ذهب طه علوان الى سورية وشعره اسود، وعاد الى بغداد وشعره ابيض، لماذا ؟
الهم لا ينتهي، اتمنى من الله ان يعطيني الصبر لكي اتواصل.