تلعب الممثلة الجديدة ستيفاتي صليبا على الحد الفاصل بين العفوية والمبالغة في مسلسل "متل القمر"، فيما يُتقِن وسام صليبا دوره بتميّز، وتنجح كاتيا كعدي بدورها بطريقةٍ مُقنِعة جداً. وفي حين&يقع الإخراج ببعض الأخطاء اللافتة، يبدو&السيناريو عاجزاً عن خدمة المَشاهد&بتعابيرٍ قوية.


بيروت: تلعب الممثلة الجديدة ستيفاتي صليبا على الحد الفاصل بين العفوية والمبالغة في دورٍ أشبه بالسيف ذو حدين قد يرفعها لمصاف المميزين في الآداء أو يأسرها في الضياع بين التمثيل على الدور وبين الأداء الطبيعي!

لا شك أن شخصية "قمر" بمسلسل "متل القمر" بعيدة كل البعد عن شخصية الإعلامية صاحبة مدونة الموضة، لكن هذا الدور هو امتحان لقدراتها على التكيّف مع شخصية لا تشبهها وهو الذي سيعطيها علامة النجاح أو الفشل في هذا المجال الذي قبلت التحدي بخوض غماره.

لقد خضعت لدورات تدريبية تحت إشراف ممثلة لبنانية قديرة هي تقلا شمعون، والأمل يكبر بأن تكون قد تعلمت منها التمثيل الطبيعي دون مبالغة، لكن "قمر" تبالغ بردة فعلها، وخاصةً ليلة قررت أن تستبدل ملابسها في غرفة النوم أمام زوجها. فبدت مصطنعة وهي تحاول أن تظهر بصورة "البلهاء"، ولم تكن ذكية بإقناعنا بطبيعية المشهد! وأيضاً حين حاولت التعبير عن خوفها من قسوة&"كاتيا كعدي"&عليها في حلقة الأمس، حيث&بدت أنها لا تجيد التنقل بين الفكرة والأخرى في المشهد نفسه فتتأخر أحياناً بالدخول في عمق الإحساس لتنقل الصورة. لا نتحدث هنا عن هجومٍ شرس تشنّه على معجبة تغازل حبيبها ولا عن كوب مياه ترميه بوجه صبية تطاولت عليها، بل عن تعابير وجهها غير المتصالحة في غالب الأحيان مع اللحظة ووقع الحدث وصورة الكلمة التي يجب أن تجسدها بالمَشاهد الذي يفترض أن تُبقي المُشاهد منسجماً ولا تقطع أمامه حبل التعاطف مع براءة الشخصية!

وسام صليبا يتقن دوره:
لا تجاري "ستيفاني" عفوية وسام صليبا الذي يُحسب له إتقانه لهذا الدور بعفوية متزنة حيث أنه عوّض بأدائه في هذا العمل عن كل ما طاله من نقدٍ في دوره السابق بمسلسل أحمد وكريستينا. فوسام يُبدع برسم ملامح شخصية الشاب الراقي والمتواضع والحبيب والزوج المتفهم والغاضب في آنٍ معاً، كما يحسن بالتعبير عن انفعالاته تجاه والده وزوجته. ويمكن القول أنه استحق بجدارة بطولة هذا المسلسل شكلاً ومضموناً.

كاتيا كعدي مُقنِعة:
بدورها كاتيا كعدي تُبدِع بأداء دورها كمتغطرسة شريرة لا تقيم للفقراء وزناً، وربما تكون أبدعت بالتعامل مع الإتيكيت وجاء أداؤها مقنعاً لا بل محكماً لهذه الشخصية. فالمتابع لدورها لا يستطيع إلا أن يعيش تفاعلاته مع شخصيتها وربما يكرهها إن كان منحازاً بطبيعته للناس الطيبيين بمنزلة "قمر" في هذا المسلسل الذي يجمع التناقضات الإجتماعية تحت سقفٍ واحد.

من جهته، يُطِل الممثل القدير جهاد الأطرش بشخصية الرجل الأب الطيب والزوج الغافل عن حقيقة زوجته، وتتزن شخصيته بين الطيبة التي ورثها عنه نجله وبين طبيعة الرجل ذات الطبقة الإجتماعية الراقية.

لا شك أننا يجب أن نعطي للشابة "صليبا" فرصة، وربما علينا أن ننتظر لنرى إن كان أداؤها سيتقدم إلى العفوية ويقارب الشخصية بطريقةٍ طبيعية. لكن كان عليها أن تدرس الشخصية أكثر بمشاهدة "تاليا" التي جسدت هذا الدور في المسلسل بنسخته الأصلية المكسيكية "ماريمار"، حتى تعيش الدور قلباً وقالباً.

ستيفاني صليبا "قمر" و"تاليا" المكسيكية في الدور نفسه بمسلسل "ماريمار"

مسلسل مقتبس:
ولا بدّ هنا من رفع بعض المسؤولية عنها لنحمّل سيناريو العمل وإخراجه بعضاً منها! فالخطأ الذي يلفت نظر المشاهد يجب أن لا يمرّ على المخرج الذي يُفترَض أنه سينتبه لكل نقص في التعبير وعليه أن يضع الحد الفاصل بين العفوية والمبالغة بها. وإن كان الثناء واجباً على& جرأة&"ستيفاني" بإطلالتها دون ماكياجٍ لافت، لا بدّ من انتقاد بروزه على وجه "كعدي" حتى في فراش&النوم، ليكرر المخرج هنا الأخطاء التي تتكرر بمعظم الأعمال العربية!&أما السيناريو فحدث ولا حرج! ولربما يكون أحد نقاط ضعف هذا العمل هو غياب الكلمة المؤثرة التي تعلق في الذهن وتخاطب الروح! فالمشاهد الرومانسية تغيب عنها الكلمة ذات الوقع العاطفي، ولا شك أن المتابع الذكي سيشعر بحلقةٍ مفرغة بين الروابط في حبكة الإخراج والسيناريو، علماً أنه يمكن القول أن أحداث العمل قد بدأت متسارعة بطريقةٍ غير منطقية!

متل القمر مسلسل لبناني مقتبس يُقدّم قصةً جديدة محلياً ومتداولة عالمياً، يبقى أن نتابع مجرياته بأبطاله اللبنانيين، على أمل أن يستمر إبداع "وسام" ويتقدّم أداء "ستيفاني" حتى لا تكون بدورها شخصيةً "مقتبسة" بل تجسِّد الدور بصورة حقيقية!

&

&