"إيلاف" من بيروت: غيّب الموت المخرجة اللبنانية جوسلين صعب التي رحلت عن عمر 71 عاماً، في إحدى مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس، حيث كانت تتلقى العلاج منذ سنوات بعد أن توقفت عن العمل بداعي المرض.&
وارتبط&اسم الراحلة بأفلام الحروب والوثائقيات المصوّرة التي انطبعت بشخصيتها&كصحافية وكاتبة سيناريو ومصورة فوتوغرافية&أنجزت العديد من الأفلام الوثائقية عن كردستان، وحرب العراق وإيران، والجولان، ولبنان.&وقامت بتغطية حرب أكتوبر 1973 خلال عملها&كمراسلة إخبارية لمحطات تلفزيونية أوروبية. ثم تابعت مشوارها في الإخراج لترحل بعد&مسيرة نضال حافلة بتقارير إخبارية وصور من أحداث تاريخية واكبتها حول العالم.


وكان آخر أعمالها الفيلم الخيالي بعنوان "شوعم يصير". إلا أنها قدمت عدة أعمال بينها "جنوب لبنان... قصة قرية تحت الحصار" و"رسالة من بيروت" و"بيروت مدينتي" و"كان يا ما كان، بيروت"، &و«غزل البنات 2» الذي يُعتبر الشريط&الأول لها في السينما الروائية المقتبس عن نفس الفيلم المصري الذي حمل ذات التسمية، وتناولت فيه قصة حب بين "هالة" التي تهرب من محيطها عبر الأفلام المصرية والفنان كريم الذي يعيش هارباً من الحرب&داخل شقته بالقسم الغربي من العاصمة بيروت التي كانت تُعرَف آنذاك&بتسمية "بيروت الغربية".

واجهت مقص الرقابة مراراً ومُنعت بعض أفلامها من العرض بسبب جرأة مواضيعها. ومنها&الفيلم الروائي "دنيا" الذي قدمته في العام 2005، وشارك فيه الفنانان المصريان محمد منير وحنان ترك، وحصد&جوائز وإشادة بمهرجانات قرطاج وميلان وصندانس ومونتريال.&لكن هذا الفيلم الذي كتبته بنفسها وصورته وأخذ منها جهداً استمر&سبعة سنوات لإنجازه، قد سبب لها صدمةً كبيرة لكونها لم تستوعب منعه من العرض إبان إطلاقه. كما أنه تسبب&بتوقيفها في مطار القاهرة&بسبب تناوله لموضوع ختان البنات&وحرية المرأة في التفكير والتعبير. علماً أنها ترددت على مصر وعملت تكراراً هناك. حيث واجهت مشاكل أيضاً مع أحد أبرز أفلامها الوثائقية بعنوان "القاهرة مدينة الموتى" الذي تسبب لها بمشاكل مع الرقابة.

&

وزير الثقافة الدكتور غطاس الخوري نعى "صعب" الحاصلة على الجنسية الفرنسية قائلاً:&"برحيل المخرجة جوسلين صعب يفقد الفن السابع شخصية مثقفة تميزت في الحصول على الكثير من الجوائز العالمية لأفلامها التي عالجت فيها القضايا الإنسانية من مختلف جوانبها، حيث تفردت عدسة كاميرتها لتأريخ اللحظة وحفظها لتكون مرجعاً للأجيال المقبلة".

&


يُذكر أنها ولدت&في لبنان لأسرة بورجوازية في العام عام 1948، عام الهجرة الفلسطينية إلى لبنان، وبدء أزمة عربية طويلة. درست الاقتصاد في فرنسا، وعملت مراسلة حربية للقناة الفرنسية الثالثة، وسافرت إلى ليبيا ومصر، لتغطي الأحداث السياسية التاريخية وتجري مقابلات مع كبار الشخصيات،&بينهم معمر القذافي وياسر عرفات الذي كانت من مرافقيه على متن الباخرة التي أقلته من لبنان في العام 1982 مع مقاتلي منظمة التحرير بعد الاجتياح الإسرائيلي.

والجدير ذكره، هو أن "صعب" رغم غيابها الطويل عن لبنان لم تفك&ارتباطها الوثيق فيه. فقد تخلت تدريجياً عن عملها الصحفي للتفرغ للإخراج. وكان باكورة أعمالها "لبنان في الدوامة" كما قدمت فيلم "أطفال الحرب"، "بيروت لن تعد أبداً"، و"من أجل بعض الحياة".&

ولقد تنقلت كثيراً في حياتها السينمائية وصورت فيلمها "سيدة سايغون" في إيران وفيتنام.&واهتمت أيضاً بالتقاط الصور الفوتوغرافية وأقامت معارض عدة جالت فيها في عواصم في العالم. إلا أنها&عادت إلى بيروت التي كانت تتردد عليها باستمرار وقدمت في العام 2013 "مهرجان السينما تقاوم". ثم فتحت في السنة التالية نافذة سينمائية ثقافية في خمسة مدن لبنانية تعاني اضطراباً أمنياً ومنها طرابلس عاصمة الشمال اللبناني. حيث أتاحت عرض&نحو 40 فيلماً تركزت بمواضيعها على الحروب وانعكاساتها والعنصرية والطائفية والعلاقات الإنسانية.
لبنان بدوره كان وفياً لعطاءات "صعب" خاصة في العام 2018 الأخير في حياتها. وذلك من خلال&متحف أقيم&قرب&مدينة جبيل،&لأعمالها الفوتوغرافية والفيديوهات، وأيضاً بـ"دار النمر" في بيروت حيث نظم شهراً لأفلام جوسلين صعب، حيث كانت تعرض أعمالها كل يوم ثلاثاء. مع الإشارة إلى أن&الباحثة الفرنسية ماتيلد روكسيل، نشرت عنها كتاباً بعنوان "جوسلين صعب، الذاكرة الجامحة" الذي صدر عن "دار النهار".

&

&