"إيلاف" من بيروت: غيّب الموت الفنانة القديرة ماجدة الصباحي عن عمر يناهز 89 عاماً بعد رحلةٍ عابقة بالأعمال الفنية الباقية في ذاكرة السينما المصرية حيث صُنِّفَت بعض أعمالها من الكلاسيكيات. لكن غيابها الهادئ بعد غيابها لعقود عن الأضواء، ألقى الضوء مجدداً على عظمة أعمالها التي ضجّت بها شاشات التلفزة ومواقع التواصل الإجتماعي مع انتشار خبر وفاتها.
ولقد كشف المقربون منها تفاصيل الساعات الأخيرة في حياتها مؤكدين أنها كانت طبيعية ولا تشعر بأي ألم. حيث استيقظت كعادتها في الصباح وتناولت طعام الإفطار وتحدثت مع المساعدين في منزلها وطلبت كوباً من الشاي، احتسته وتوفيت مباشرةً وهي جالسة في منزلها في الساعة الحادية عشر من صبيحة 16 يناير 2020.

وسيتم تشييع جثمانها غداً مباشرةً بعد صلاة الجمعة من مسجد مصطفي محمود بمنطقة المهندسين، ليكون تشييعها قريباً من أغلب جمهورها ومحبيها وليستطيع الجميع المشاركة في وداعها الأخير. علماً أن نجوم الفن توافدوا إلى منزلها لمواساة ابنتها غادة نافع. حيث كانت نبيلة عبيد أول الحاضرين ولحق بها نقيب الفنانين الدكتور أشرف زكي للمساعدة في تسهيل الإجراءات ومتابعة تحضيرات الجنازة والدفن.

جميلة بوحيرد
حياة الراحلة كانت حافلة بالعطاء وتخطت خلالها عملها في التمثيل وبطولة الأفلام إلى تأسسيس شركتها الخاصة لإنتاج الأفلام في العام 1958. فأنتجت عدداً من الأفلام المهمة، التي قدّمت عبرها العديد من النجوم. والأفلام الاجتماعية ومنها "أين عمري"، و"المراهقات" الذي تم تصنيفه كأحد أهم الأفلام في تاريخ السينما.
كما أنتجت شركة "أفلام ماجدة" عدداً من الأفلام الوطنية والدينية، وصرّحت لاحقاً أنها خاضت هذه التجارب المهمة للتاريخ والوطن والفن، ومنها فيلم "العمر لحظة" الذي تحدث عن فترة النكسة وجرائم إسرائيل وحرب أكتوبر، وأفلام دينية ومنها: "هجرة الرسول، وعظماء الإسلام"، وكان من أهم الأفلام التى أنتجتها فيلم "جميلة"، الذي جسّدت فيه دور البطولة بشخصية المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد وسلّطت من خلاله الأضواء على ممارسات الاحتلال الفرنسي في الجزائر.

كذلك قدمت ماجدة الصباحي نفسها للسينما كمخرجة بفيلمٍ واحد من إنتاجها هو "من أحب"، الذي شاركت بتمثيله مع أحمد مظهر وإيهاب نافع. علماً أنه من كتابة صبري العسكري، وتم إنتاجه في العام 1966. وهو مقتبس من الفيلم العالمي "ذهب مع الريح" عن قصة مارجريت ميتشل.

نبذة_ اسمها الحقيقي وحياتها:
ولدت ماجدة الصباحي عام 1931 واسمها الحقيقي هو عفاف علي كامل أحمد عبد الرحمن الصباحي، وقد بدأت التمثيل في سنٍ مبكر بعدما عرض المخرج سيف الدين شوكت عليها المشاركة في بطولة فيلم باسم "الناصح"، الذي صورته سرًا بعيداً عن أعين أسرتها، فتوالت بعده أعمالها السينمائية التى تجاوزت الـ60 فيلماً. حيث أن المخرج رآها أثناء دراستها بمدارس الراهبات قبل أن تُكمل سن 15 سنة حلال رحلة مدرسية إلى استوديو شبرا. فوجد فيها مواصفات الفتاة التى يبحث عنها لتقوم ببطولة فيلم «الناصح» عام 1949 أمام إسماعيل ياسين. فوافقت الفتاة دون أن تخبر أسرتها وصورت الفيلم في مواعيد المدرسة، مستغلةً الظروف الأسرية. حيث كانت والدتها مريضة تجري جراحة داخل إحدى المستشفيات، ووالدها في عمله طوال الوقت، وشقيقها توفيق منشغلاً بأعماله التجارية وشقيقها مصطفى طالباً بكلية الشرطة وأختها الكبرى منشغلة مع خطيبها في تحضيرات الزواج.

بصمات فنية
وكان لها بصمات خاصة في ذاكرة الأعمال اللامعة. حيث لعبت دور الأخت الكبرى العاقلة المضحية بفيلم "بنات اليوم"، ولعبت دور نعمت الفلاحة البسيطة في فيلم "النداهة"، ونعيمة بائعة «أخبار أهرام جمهورية» بفيلم «بياعة الجرايد»، والصحافية التى تكتب عن الحرب والجنود والاعتداءات الصهيونية في "العمر لحظة".
كما اشتهرت بأدوارها الدينية بشخصية "حبيبة" التي اعتنقت الإسلام وتحمّلت التعذيب حتى فقدت بصرها بفيلم "هجرة الرسول" وغيرها من الأدوار المؤثرة. علماً أنها حققت نجاحات هامة، ودخل العديد من أفلامها في قائمة أهم 100 فيلم بتاريخ السينما. مع الإشارة إلى أن حياتها الشخصية شبيهة ببعض الشخصيات التى قدمتها على الشاشة. فهي تنتمي لعائلة الصباحي المعروفة بمحافظة المنوفية والتي تمتلك العديد من الأملاك بقرية مصطاي التابعة لمركز قويسنا.
غابت "الراحلة" عن الأضواء في سنواتها الأخيرة. لكن الأب بطرس دانيال رتب موعداً لزيارتها بالتنسيق مع ابنتها الوحيدة غادة نافع، حيث سلّمها درع التكريم.