واجهة دار السينما
Fridley Theatres
تصنف دار سينما "ذاس ستيت ثياتر" على أنها الأقدم في العالم

يمكن أن تعتبر بلدة واشنطن في ولاية أيوا نفسها محظوظة حين ينظر إلى الصورة الإجمالية لتفشي وباء كورونا.

فقد شهدت البلدة، التي يبلغ عدد سكانها 7 آلاف شخص، 11 حالة وفاة فقط، بينما حصد الوباء حياة أكثر من 214 ألفا في أنحاء الولايات المتحدة وأصاب 7.7 ملايين شخص بالعدوى.

لكن بلدة واشنطن لم تتجنب الآثار الاقتصادية للوباء، وقد تكون دار العرض "ذا ستيت ثياتر" الشهيرة، التي أدرجت في سجل غينيس للأرقام القياسية كأقدم دار سينما تعرض الأفلام بشكل متواصل، الضحية القادمة للوباء.

تأثير كورونا على قطاع السينما

لقد طال التأثير كل شيء، من إنتاج الأفلام إلى عمل دور السينما حول العالم. ووصل التأثير إلى المناطق الريفية في الولايات المتحدة.

وأعلنت " سينوورلد"، وهي واحدة من كبريات دور السينما في العالم، في الرابع من أكتوبر/تشرين أول إغلاقا مؤقتا لدور العرض التابعة لها في الولايات المتحدة. وجاء القرار بعد أخبار تأجيل جديد لعرض فيلم جيمس بوند الجديد "لا وقت للموت" في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

امرأة ترتدي قناعا للوجه بينما تقف أمام إعلان فيلم جيمس بوند
Getty Images
تسبب التأخير في إطلاق فيلم جيمس بوند الأخير "لا وقت للموت" بأزمات لدور السينما في أنحاء العالم.

وطبعا وصل التأثير إلى دور العرض الريفية في الولايات المتحدة.

وقال راسل فانورسدل، نائب رئيس شركة "فريدلي ثياترز"، التي تملك "ذا ستيت ثياتر"، لبي بي سي إن الوضع قاتم.

وأضاف "بإمكاننا أن نبقى على قيد النشاط حتى نهاية 2020، لكننا لا نعرف ماذا سنعمل لو لم تنتج هوليوود أفلاما جديدة، كما أن الحكومة الأمريكية لم تتخذ بعد قرارا بإطلاق برنامج مساعدات تحفيزية".

ويعتقد فانورسدل، الذي عمل في قطاع السينما لمدة 30 عاما بعد أن بدأ بائعا للطعام في إحدى صالات "فريدليز"، أن الوباء هو التحدي الأكبر الذي واجهته دار عرض "ستيت ثياتر" منذ افتتاحها عام 1897.

وأضاف "لقد نجونا من تأثيرات الركود الكبير والأزمة المالية لعام 2008 وانتشار عروض الفيديو المنزلية. وكذلك نجونا من تأثير حريق شب في الدار عام 2010، لكن كم من الضربات الإضافية بإمكاننا أن نحتمل؟ لا نستطيع أن نصمد في وجه الخسارات المتواصلة إلى الأبد".

صورة لعرض سنمائي في "ذا ستيت ثياتر" عام 1899 وكانت عندها تدعى "دار أوبرا غراهام"
University of Iowa
صورة لعرض سنمائي في "ذا ستيت ثياتر" عام 1899 وكانت عندها تدعى "دار أوبرا غراهام"

وتراجعت إيرادات مبيعات التذاكر في "ذا ستيت ثياتر" بنسبة 70 في المئة خلال عام 2020، حتى بعد السماح بإعادة فتح أبواب دور السينما في أيوا في مايو الماضي.

لكن شركت فريدلي أبقت على جميع الموظفين الذين يتقاضون رواتب، حتى بعد اقتصار أيام العمل على الجمعة ونهايات الأسبوع.

وبغياب الأفلام الناجحة جماهيريا استخدمت شاشات العرض لبث نشاطات رياضية وأفلام قديمة، وكذلك فعاليات خاصة.

وخلال الشهرين اللذين أغلق فيهما "ذا ستيت ثياتر" ضمن حملة الولاية لمكافحة انتشار فيروس كورونا كان أحد النشاطات التجارية التي قامت بها الدار لتخفيف الأعباء المالية بيع الذرة (الفشار)، فلدى الدار ماكنة لتحميص الذرة تعمل منذ عام 1948. وقد أقبل الجمهور على الشراء دعما لدار العرض السينمائي الوحيدة في محيط 50 كيلومترا.

"ذا ستيت ثياتر" من الداخل
Fridley Theatres
انخفضت مبيعات التذاكر في دار السينما ذات 300 مقعد بنسبة 70 في المئة منذ بداية الوباء

بعد حريق وقع عام 2010، أعلنت شركة فريدلي أن البناية ستهدم وتستبدل بدار عرض جديدة متعددة الشاشات، لكن نظمت احتجاجات أدت إلى أن تقوم الإدارة بترميم الدار التي أصبحت أحد مناطق الجذب في أيوا عبر جهود مضنية.

لكن المستقبل أصبح موضع شك، كما هو حال قطاع السينما في أنحاء العالم.

ووفقا لبيانات مؤسسة "أوميديا" للاستشارات السينمائية انخفضت عائدات تذاكر السينما بنسبة 70 في المئة عام 2020 مقارنة بالعام الماضي. وطال هذا التأثير جميع الأسواق الكبرى.

وقد عانت الصين التي كانت على وشك أن تتجاوز الولايات المتحدة كأكبر سوق عرض سينمائي في العالم، من انخفاض في العائدات بنسبة 66 في المئة، بينما سجلت الهند، بلد إنتاج أفلام "بوليوود" واسعة الانتشار، تراجعا في المبيعات بنسبة 75 في المئة.

أما هوليوود فيتوقع أن تشهد انكماشا في عائداتها من بيع التذاكر بنسبة 65 في المئة، على الأقل، حسب تقديرات مؤسسة "برايس ووتر هاوس كوبرز".

في عام 2010 نشب حريق في دار العرض السينمائي الشهيرة
City of Washington Fire Department
في عام 2010 نشب حريق في دار العرض السينمائي الشهيرة

وليست هناك توقعات وردية لعام 2021، بل "يبقى القطاع قلقا لأنه شهد عاما كارثيا، كما تقول ماريا روا اغويت، مديرة الأبحاث في مؤسسة "أوميديا".

لكنها تشير أيضا إلى أن الصورة الكبيرة تبرر الأمل، فبالرغم من العدد المتزايد للناس الذين اتجهوا إلى العرض عبر الإنترنت إلا أن عام 2019 سجل أرقاما قياسية لعوائد دور السينما عالميا، بلغت قرابة 42 مليار دولار.

وتضيف "حين تنتهي هذه الجائحة ستغلق العديد من دور السينما وسيواجه القطاع صعوبات، لكن الناس الذين يحبون ارتياد دور السينما سيرغبون في العودة ، فأبحاثنا تثبت أن عددا أكبر من الزبائن سيفضلون شاشات العرض الكبيرة للأفلام الجديدة، عوضا عن مشاهدتها في المنزل".

بالنسبة لراسيل فانورسديل هذه ليست بيانات واعدة فقط، بل تعني أن هناك أملا بأن تصمد "ذا ستيت ثياتر" أمام العاصفة الجديدة.

ويقول "كما أقول دائما لزملائي: أنا أجيد طهي شرائح اللحم، لكي لن أتوقف عن ارتياد المطاعم. عندي ثقة بأن الناس سيعودون، لكن علينا الصمود في الوقت الحاضر".