قررت السلطات في العاصمة البريطانية لندن تفريغ قناة هارتفورد يونيون في شرقي المدينة من المياه لتنفيذ أعمال صيانة للمرة الأولى في 20 سنة، ومن المقرر أن يُعاد ملأ القناة في أبريل/ نيسان الجاري. ووجهت أمانة الأنهار والقنوات الدعوة للمتطوعين للمشاركة في جمع المخلفات من هذه القناة التي يبلغ عمرها حوالي 191 سنة.

وتوجهت أنا بورزيلو إلى القناة للبدء في مهمة تنظيفها مع مجموعة من أصدقائها الذين اعتادوا على البحث عن قطع فنية أثرية على ضفتي نهر التايمز (وهي هواية تسمى التنقيب في الطين).

بمجرد الوصول إلى نقطة البداية لعملية تنظيف قاع القناة، بدأت أنا بورزيلو في التوجه إلى ما اعتقدت أنه زجاجة من العصر الفيكتوري، فنزلت على ركبتيها فيما يتبقى من مياه ضحلة في قاع القناة وقضت الدقائق الخمس التالية في محاولة النهوض مرة ثانية بمساعدة جاروف.

ووصفت قائدة مجموعة التنقيب طين القناة بأنه غادر ويخدع الناس بشكله الصلب من الخارج، لكنه يحتوي على كميات كبيرة من الوحل.

كان المتطوعون يتحركون بصعوبة بالغة وسط المياه الضحلة والوحل

وتجمعت المياه الضحلة في وسط القناة التي تمتد لحوالي 1.2 كيلو متر، لكن الرواسب كانت تتجمع مع كل خطوة، مما يصعب رؤية أي شيء في القاع.

وكانت الأرض مغطاة بالقمامة، وكانت الإطارات القديمة متناثرة في كل مكان. وكانت هناك أيضا أكوام من المعادن تطل من تحت الطين مثل مقود دراجة، ومقعد حديقة وعمود إنارة شبه مغمور في الوحل.

ويبدو أن أغلب أكوام القمامة في قاع القناة تم التخلص منها بطريقة غير شرعية.

وعند نقطة التقاء قناتي ريجنتس وهارتفورد يونيون، خضنا في المياه التي تملؤها كميات كبيرة من الهواتف الذكية ومخلفات تكنولوجيا قديمة ولوحات معدنية لسيارات، كانت إحداها مقطعة قطع صغيرة وملفوفة بإحكام في حقيبة بلاستيكية.

لم يكن هذا الشيء هو الوحيد الذي يمكن اعتباره دليلا على وقوع جريمة بين الأشياء التي عُثر عليها أثناء تنظيف قاع القناة. فكان بين هذه الأشياء خزانات أموال فارغة، كما عثر المتطوعون على بندقية من طراز BB وسيف، لكنهم لم يتمكنوا من معرفة عمر أو أصل هذه الأشياء.

وقالت بورزيلو إن صديقة لها كانت تعيش على متن بارجة أخبرتها بأن الكثير من هذه الأشياء التي عُثر عليها في القناة قد تكون ملقاة من بوارج وسفن نتيجة لممارسات غير لائقة من بعض الركاب مثل إلقاء أواني الزرع وأدوات المائدة.

ورجحت تلك الصديقة أن أغلب الإطارات التي عثر عليها المتطوعون كانت معلقة على جوانب سفن لمنع إصابتها بالخدوش أثناء سحبها إلى الشاطئ.

وكانت هناك اكتشافات مفاجئة، إذ ركل أحد المتطوعين ويدعى، مارك والكر، شيئا مستديرا ليكتشف بعد ذلك أنه خوذة كانت تستخدم في الحرب العالمية الثانية.

كما كان بين القمامة أشياء مثل أقماع المرور، والتي يبدو أن بعض المراهقين المصابين بالملل هم من ألقوها في القناة علاوة على أشياء أخرى يبدو أن الغضب كان هو الدافع وراء إلقائها في المياه.

وقالت أنا بورزيلو: "أثناء سيرنا بصعوبة بالغة وسط المياه الضحلة والوحل، صرخت امرأة وهي تسألنا عما إذا كنا رأينا دراجة صديق لها فقدها أثناء عراك مروري مع سائق سيارة قذف بدراجته من أعلى الجسر إلى القناة".

وقالت بورزيلو إنها سمعت شخصين على ممر سحب البوارج والقوارب يتساءلان ما إذا كانت الدراجة البخارية الملقاة بينهما تخص أندرو وقد تم إلقائها في القناة من موقف السيارات المجاور.

وأضافت أنها لا تدري لماذا ينبغي أن تجد مجموعة من التماثيل المصنوعة من السيراميك لدببة قطبية، وخيول، وغوريلات، في قاع القناة. ورجحت أن من قذفها ربما يكون طفلا غاضبا قذف ببعض مقتنيات والديه.

وكانت القمامة متناثرة في كل مكان، عبوات الجعة، والأكياس والعبوات البلاستيكية الفارغة التي لم يكلف أحد ممن ألقاها نفسه عناء البحث عن سلة مهملات.

وجمع اثنان من متطوعي أمانة الأنهار والقنوات القمامة كلها على ممر السحب وسوف يتم التعامل مع كل المخلفات كمواد سامة يتم تحميلها على بارجة للتخلص منها بعد إعادة ملء القناة في أبريل/ نيسان الجاري.

ولم تحقق قناة هارتفورد يونيون أي نجاح تجاري على الإطلاق، لكنها تجري بمحاذاة حديقة فيكتوريا المزدحمة بالرواد وكانت شاهدة على عشرات عقود من العمل والحرب وأنشطة الترفيه لما يقرب من 200 سنة علاوة على أنشطة وصناعات أخرى تُمارس على طول ضفتي القناة.

وعثر أحد المتطوعين على حدوة حصان قد يعود تاريخها إلى عصر كانت تجر فيه الخيول قوارب القناة، بينما عثر نيكولا وايت على زجاجة مصنوعة من الحجارة للجعة المخلوطة بالزنجبيل ترجع إلى القرن التاسع عشر علاوة على زجاجة حبر سائل يرجع تاريخها إلى ما قبل اختراع الأقلام الحديثة.

وربما تكون بعض هذه الأشياء قد أُزيلت بجرافات في وقت سابق، ومعظمها أشياء صغيرة الحجم غرقت في الوحل بينما يرجح أن أشياء أخرى كثيرة سحبت إلى السطح بمعرفة صيادين يستخدمون قطع من المغناطيس، وهي هواية معروفة في المملكة المتحدة.

ومن المقرر أن تحتفظ أمانة الأنهار والقنوات بالأشياء التراثية مثل خوذة الحرب العالمية الثانية والسيف مع إمكانية إعادتها إلى من عثر عليها إذا ثبت أنها بتاريخ القناة.

وربما لا تكون الأشياء المتنوعة المدفونة في الوحل من الكنوز التي قد نسعى إلى العثور عليها، لكنها دون شك، تحمل إشارات تفسر كيف كانت الحياة اليومية ومشاعر الناس الذي عاشوا على ضفاف القناة عبر الأزمان.