أكوام النفايات لم تفارق شوارع بغداد

تجهد بلديات بغداد بحملات تكثيف الوعي الصحي بين السكان لكنها لم تفلح حتى الان في ذلك فاكوام النفايات لم تزل تملأ الشوارع.

وسيم باسم من بغداد: حاوية القمامة بتصميمها الانسيابي الحديث، بعجلتين وغطاء، وذراع أفقي للدفع، والحديثة العهد بين العراقيين، تعدت في إغراضها جمع القمامة، لتتحول في العراق الى مخزن للمواد الغذائية، وخزانات الماء، او النفط، وفي بعض الأحيان عربة مثالية لجلب الإغراض الصغيرة والبضائع يتنقل بها صاحبها من والى البيت. وربما هذا يكشف غموض اختفاء الكثير من الحاويات من الشوارع الموزعة من قبل البلديات في مدن العراق المختلفة لاسيما بغداد حيث أشار أمين بغداد صابر العيساوي، الى سرقة ما يقارب ثلث الحاويات الخاصة بالنفايات بعد أسبوع من توزيعها. وعلى رغم وجود الحاويات المعدنية الواسعة في مفترق الاحياء والشوارع الا ان تراكم النفايات قرب المنازل والدكاكين يستمر لان المواطن يتقاعس في بعض الاحيان في رمي النفايات في الحاوية ليرميها بجانب الحاوية التي غالبا ما تكون فارغة بينما تعلو بين جوانبها اكوام القمامة.

وفي بعض المدن أصبحت تلك الحاويات مرتعا للكلاب السائبة التي تجد ضالتها من الغذاء. كما كانت الحاويات ابان سنوات الاضطراب الامني مقصد الارهابيين والمسلحين لاخفاء الاسلحة والقنابل.

ففي عام 2006 قتلت الحاويات الحاوية على العبوات والقنابل مواطنين وعمال نظافة. ومازالت الحاويات المعدنية الكبيرة مقصد بائعي الخردة وجامعي البلاستك والزجاج حيث يبيعونها الى معامل التدوير.
ويقول المهندس البلدي أحمد العزاوي ان نشر الحاويات بين الاحياء والشوارع لن يكون ذا جدوى اذا لم يتخلله وعي بالنظافة، وارتقاء بمستوى الذوق العام لدى المواطن عن طريق التثقيف الاجتماعي.

وعلى رغم ان بغداد تبدو اليوم اكثر نظافة من قبل لاسيما حين تنظر الى الشوارع الرئيسية فيها الا ان ظاهرة انتشار quot;الازبالquot; في الشوارع الخلفية والاحياء مازالت ظاهرة ماثلة.
وأكثر ما يشوه وجه المدن العراقية هو تلال النفايات والسكراب بين الأزقة وفي العراء، والساحات التي تنتظر اقامة مشاريع عليها،
ولا يتوقع محمد الغزالي وهو عامل بلدية ان يتحسن الأمر بتوزيع المزيد من الحاويات، ذلك ان الغزالي ومجموعة العمال الستة التي من مهامها تنظيف شارع البتاوين في مركز بغداد بطول 10 كيلومترا يوميا، لا يرى ان عمله يثمر عن شيء لان اغلب المستطرقين يرمون القناني والعلب الفارغة وبقايا الطعام والاغلفة على الشارع وهم يمرقون من دون ان يكلفوا انفسهم الأقتراب من الحاويات.

وعلى رغم ان الشارع بدا نظيفا في اللحظة التي نتحدث فيها الا ان الغزالي دعانا الى عدم الفرح فبعد ساعة من الان سيمتلأ الشارع بالنفايات التي ستلعب بها الرياح حتى تستقر عند ارصفة الشارع.
يقول الغزالي.. شكرا للرياح لانها تجمع لنا النفايات في حيز واحد وهو الرصيف.
وليس ابشع من منظر سوق منطقة البياع للخضار، حين يمضي أصحاب الدكاكين تاركين ورائهم اطنانا من الازبال على الارصفة وفي الشوارع.
ويمكن ان تلمح الحاويات المعدنية الكبير في جوانب السوق وهي فارغة الى النصف بينما تغرق جوانبها بين اكوام القمامة.
وفي الليل تتحول تلك الحاويات الى ملجأ مثالي للكلاب السائبة التي تفترش اكوام القمامة بارتياح كبير.
وفي الشتاء تزيد الرطوبة العالية الرائحة النتنة المنبعثة، أما في الصيف فعلى رغم اشعة الشمس اللاهبة الا ان المكان لا يوحي بان اشعة الشمس قللت من الروائح المنبعثة.
ويشير مواطنون الى أن هذه الاكوام أضحت مرتعا مثاليا لتكاثر الفئران والجرذان التي انتشرت في الاحياء المجاورة بشكل غريب. وتعاني اغلب الاحياء التي تكثر فيها اكوام النفايات من الهواء المشبع بالروائح الكريهة، وكان الناس يعتقدون ان وضع النفايات في أكياس سيكون حلا مثاليا الا ان هذه الفكرة لم تنجح ايضا حين وزعت بعض البلديات اكياس القمامة السوداء لتنحرف عن غرضها لان الناس يستغلونها في امور أخرى غير المخصصة لها، وهذا يعود الى نقص الوعي الذي يتفق الجميع على انه غائب لدى فئات كبيرة من المجتمع العراقي.

ودأبت بلديات عراقية على حرق النفايات كوسيلة سريعة للتخلص من الروائح ولتقليل الكم المتزايد من تلال القمامة، لكن ذلك لم يكن حلا ناجعا وانما هو اجراء شكلي كمن يعالج السرطان بحبة أسبرين. فالغازات المنطلقة من حرق النفايات تحتوي على مواد بلاستيكية ومطاطية تلوث الهواء وتسمم البيئة.
ويشير الخبير البيئي والمدرس لمادة العلوم حسين المعلا الى ان حرق النفايات، يولد الديوكسين، الحاوي على مادة كلورية بسبب حرق البلاستيك، والبطاريات، مولدا الزرنيخ والرصاص.

ولعل غياب الرقابة الحكومية والمجتمعية ايضا، فاقم من تحول النفايات الى مرتع امن تنفذ عنده الجريمة وتختفي أدواتها.
ففي العام 2009 وجدت جثة لطفل مقتول في منطقة البتاوين وسط بغداد.وفي مدينة الحلة عثر العام 2010 على فتاة مقتولة رميت جثتها في حاوية النفايات.
استنتاج يتفق الجميع من مواطنين وخبراء على ان البلديات العراقية بدا مشروعا ناجحا في توفير الحاويات البلاستيكية حيث وزعت على الأحياء في اغلب المدن، كما نشرت الحاويات المعدنية الكبيرة في أطراف الأحياء، الا ان المواطن اثبت نقصا كبيرا في وعي استغلال هذه الآلات التي كان الغرض منها المحافظة على بيئة نظيفة، فمازال المواطن بتقاعس من الاقتراب من الحاوية ورمي قمامة بيته في داخلها، التي أضحت في اغلب الأحياء مسكنا للكلاب والجرذان بينما تعلو بين جوانبها أكوام القمامة.