بيئة مائية ملوثة يقابلها نقص في المسابح

تعاني الانهار في العراق من التلوث فضلا عن لجوء الفتيان للسباحة فيها لعدم توفر المسابح في صيف العراق اللاهب.

وسيم باسم من كربلاء: يثير غرق شابين عراقيين في نهر (أبو سليمان) في كربلاء (105 كم جنوب غربي بغداد)،الأسبوع الماضي الجدل مجددا حول ضحايا موسم الهروب الى النهر في فصل الصيف حيث يهب الشباب والرجال والأطفال إلى المياه في المستنقعات والشواطئ.

تلوث الانهار وعدم صلاحية مياهها للشرب أو السباحة يفاقم المشاكل البيئية والصحسة في العراق

وغرق الشابان الذي يبلغ عمر أحدهم 14 سنة والثاني في عمر 22 في نفس اليوم مما أثار المخاوف بين الأهالي مجددا من تكرار حوادث مماثلة لما حصل في السنوات الأخيرة.
وليست السباحة وحدها دافعا للتوجه إلى الأنهر، ففي القرى والأرياف تقصد النساء الضفاف لملء الأواني والجرار بالماء، الذي يستخدم لأغراض الحاجة المنزلية من بينها الشرب على رغم انعدام صلاحية ذلك الماء لهذا الغرض بسبب التلوث وانتشار الميكروبات في مياه المستنقعات والأنهار.

بيئة المياه الملوثة

ويثير تعامل الإنسان مع بيئة المياه الملوثة في المبازل والأنهر والبرك الأسنة أمراض الكوليرا والديدان في المعدة. وبحسب الطبيب في مستشفى الحلة (علي صاحب) فان حالات الإصابة بالتسمم والأمراض الجلدية وانتشار الديدان الثاقبة لمعدة الإنسان سببها التعامل مع المياه الغير معقمة.
ويبدو ان ضحايا السياحة العشوائية في المسطحات والأنهار آخذ في الاتساع، مع تزايد الحاجة الى الهروب من الحر الى الماء.
ويمتلأ نهر الحلة العريض (وهو فرع من الفرات، 100 كيلومتر جنوب بغداد) بالسباحين من الرجال والأطفال والشباب، لقضاء ساعات وسط الماء تخلصا من حرارة الصيف. وعلى رغم عدم صلاحية النهر للسباحة، الا ان الناس يرتادونه لهذا الغرض منذ سنين طويلة.

حوادث الغرق
والشاب (حامد حسن) الذي يعد من السباحين المعروفين في المنطقة، يمهر في الغطس إلى الأعماق، على رغم التحذيرات من الملوثات في النهر، وما قد يسبب ذلك من أمراض مثل التيفوئيد والبلهارسيا وضربة الشمس والإمراض الجلدية المختلفة.

وعلى رغم ان (حسن) شهد الكثير من حوادث الغرق لكنه، ورفاقه يرون فيها مجرد حوادث عابرة. ويتذكر (حسن) غرق طفل عام 2009 بعدما اصطدم رأسه بصخرة وهو يقفز الى النهر.

جثة بشرية
وعلى رغم ان (حسن) رأى بأم عينه العام 2007 جثة بشرية طافية، في نفس المكان الذي تعود على السباحة فيه، فان لا احد يكترث للتلوث الذي يمكن يلحقه ذلك بصحة السابحين في النهر.

أما (احمد الحلي) وهو في عقده الثاني، فيقضي ايام الظهيرة في الصيف وسط ماء النهر.
وطيلة سنتين عولج (الحلي) من مرض الصدفية والبهاق، وهي امراض جلدية سببها الماء الملوث بحسب الطبيب الذي عالجه. ولا يعبأ (احمد) لمنظر بقايا أحشاء حيوانية من اسماك وحيوانات ميتة وهي تطفو حوله وهو يسبح.

ويعترف (احمد) انه في ذات مرة لمس جثة كلب ميت يطفو فوق سطح الماء. وانتهت حياة شابين غرقا في نهر الهاشمية ( 29كم جنوب مدينة الحلة) في شهر تموز يوليو العام الماضي.

ويروي (كريم حسين) كيف غرق صديق له في نهر الحلة أمام عينه في صيف العام الماضي، مشيرا ان صديقه لم يكن يجيد السباحة.
ولم تحد حادثة العثور على جثث أربعة شبان مقطعين الى عدة أجزاء داخل اربعة أكياس من نهر الحلة عام 2011، من الرغبة العارمة للسباحة في النهر.

تأهيل المسابح
وعلى رغم الحاجة الملحة فان المسابح تغيب عن مدن العراق، وحتى الموجود منها يحتاج الى تأهيل.
وبدا ان الحكوميات المحلية لا تعبأ كثيرا بأهمية المسابح في بلد يطول فيه الصيف، وتصبح فيه الحاجة الى منتجعات حاجة ملحة وليست ترفا.
ويهرع العراقيون إلى الأنهر هربا من موجات الحر الشديد و انقطاع التيار الكهربائي في أوقات تصل فيه معدلات درجات الحرارة الى مستويات غير مسبوقة حيث تصل الى 50 درجة مئوية في أوقات الظهيرة.

ويقبل الناس الى السباحة في نهر الفرات بمدينة الكوفة(170 كم جنوب بغداد)، بسبب انقطاع التيار الكهربائي وقلة المسابح، لكن غياب الرقابة، وعدم الالتزام بتحوطات الامان يؤدي الى غرق الكثيرين، كما ينتج عن تلوث المياه اصابة الكثيرين بأمراض مختلفة.

الملاذ من الحر
ويقول (سليم الدجيلي) ان ضحايا الغرق في الكوفة هو مسلسل مستمر يصعب ايقافه. ويشهد نهرا دجلة والغراف ونهر الدجيلة المتفرع من دجلة حوادث مماثلة، ولم تستطع الشرطة النهرية ايقاف ذلك بسبب الاقبال الشعبي الكبير على السباحة في تلك المناطق.
كما يجد الكثير من الفتيان والشباب في الضفاف قرب جسر الأئمة في بغداد ملاذا من الحر في الصيف.
ويقترح خبراء ومواطنين بانشاء مسابح كافية في مدن العراق، ومنع السباحة في الأماكن العميقة والخطرة.

وكاجراء فوري ينبغي تواجد الشرطة النهرية بكثافة في الامكان التي تزدحم بالسباحين، اضافة الى تواجد سباحين ماهرين. وقبل كل هذا يجب تحديد اماكن خاصة للسباحة في الانهر تكون تحت السيطرة لحين انشاء منتجعات صيفية كافية في مدن العراق تتوفر فيها وسائل الامان وتبعد السباحين عن التلوث.